فرنسا تستعمل ورقة المدافن السرية للشهداء كورقة ضغط قال المؤرخ محمد القورصو الأستاذ بجامعة الجزائر والعضو السابق في مجلس الأمة أن الفرنسيين لا يتحرجون أبدا من ماضيهم الاستعماري لأنهم يمجدون كل ما يتعلق بهذا الماضي لذلك فهم يحاولون كل مرة كما ذكر، التأكيد على ضرورة إيلاء الأهمية لمستقبل علاقاتهم مع الجزائر وترك مسألة الذاكرة للمؤرخين فقط .حاوره/ عبد الحكيم أسابع و أكد القورصو في حديث للنصر بأن مطلب تجريم الاستعمار لم يكن وليد اليوم بل كان محل المطالبة به منذ فجر الاستقلال مشيرا إلى أن الرئيس الأسبق أحمد بن بلة هو أول من عبر عنه في خطاب له سنة 1963، فيما اعتبر بأن عدم تجاوب فرنسا مع مساعي الجزائر من أجل تحديد أماكن دفن العديد من الشهداء التي مازالت مجهولة، ورقة مساومة تستعملها فرنسا متى تشاء. * ما موقفكم كمؤرخ من دعوة المسؤولين الفرنسيين لنظرائهم في الجزائر، النظر إلى مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية وترك مسألة الذاكرة للمؤرخين؟ هذا هو نهج الفرنسيين لأن الذي يهمهم هو الحاضر وليس الماضي، والحقيقة أن ثمة ماضيين في نظر الفرنسيين، فماضيهم في المستعمرات محل تمجيد ومن أجل ذلك أقاموا في 18 أكتوبر المنقضي مؤسسة لتجسيد هذا التمجيد من خلال ما ينتجونه من كتب أما ماضينا فهو في نظرهم غير جدير بالاهتمام ولذلك دعانا ساركوزي لأن ننظر إلى المستقبل وعدم الالتفات إلى الماضي. * يرى البعض ان مطلب تجريم الاستعمار جاء متأخرا ما تعليقكم؟ ربما لم يقرأ هؤلاء تاريخ البلاد جيدا لأن هذا المطلب موجود منذ مطلع الاستقلال وأول من عبر عنه هو الرئيس الأسبق أحمد بن بلة في خطاب له سنة 1963 حول التجارب النووية بالصحراء من جهة، ومن جهة أخرى فإن حركة التاريخ حركة بطيئة ففرنسا لم تطلب الاعتذار من ألمانيا سوى في عهد ديغول. * لماذا في رأيكم لم تتجاوب فرنسا مع مساعي الجزائر لتحديد أماكن دفن عدد من الشهداء على غرار الشهيدين أمحمد بوقرة والعربي بن مهيدي؟ فرنسا لم تتجاوب مع مساعي الجزائر في هذا الشأن حتى يبقى الأمر ورقة مساومة تستعملها متى تشاء * ماذا يخيف فرنسا حتى تبقى مصرة على طمس الحقيقة وعدم الاعتراف بجرائم ماضيها الاستعماري؟ فرنسا لا تخاف من ماضيها لأن لديها نظرة خاصة لهذا الماضي وهو تمجيد كل ما يتعلق بهذا الماضي، وحتى التعذيب الذي مارسته في مستعمراتها تعتبره شيئا إيجابيا. * هل هناك اتصال، بين جمعيات المجتمع المدني الجزائري ونظيراتها الفرنسية لتنسيق المواقف في اتجاه إظهار الحقائق التاريخية؟ المجتمع المدني الفرنسي أكثر تقدما وأكثر بصيرة من المجتمع المدني الجزائري الذي لا يتحرك إلا عند الحاجة، ولا ننسى أن المجتمع المدني الفرنسي والجامعة الفرنسية هي التي حركت مساعي مناهضة تمجيد الاستعمار وأجبرت شيراك على إلغاء المادة الرابعة منه التي تنص على تدريس تمجيد الاستعمار في جميع الأطوار التعليمية الفرنسية بما فيها التعليم العالي، ولا يجب أن ننسى أيضا أن المجتمع المدني الفرنسي هو الذي ساند الثورة الجزائرية منذ سنة 1955 وإلى غاية الاستقلال.