أطباء يحذرون من المتابعة المفرطة لبرامج التلفزيون في رمضان تحوّل شهر رمضان إلى موعد لمتابعة كم هائل من المسلسلات و برامج المنوعات و بشكل خاص الفكاهية، حيث يقضي البعض ساعات متتالية دون ملل أمام الشاشة قبل و بعد الإفطار و يسهرون إلى غاية الفجر لمتابعة ما قد يفوتهم في قنوات أخرى، و هو ما اعتبره الأطباء عادات سلبية تهدد صحة المشاهد، لما تسببه من مشاكل صحية كثيرة أهمها السمنة، اختلال مستوى السكري في الدم، الخمول و الأرق.. و أعراض مرضية أخرى لها علاقة بالجلوس الطويل دون حركة، بالإضافة إلى تفاقم المشاكل النفسية الناجمة عن المبالغة في متابعة الأخبار و ما تتضمنه من صور للقتلى و الدماء. فالكثيرون يغيّرون نمط حياتهم في الشهر الفضيل، و يميلون بشكل مفرط إلى مشاهدة البرامج التلفزيونية، تحت تأثير الإعلانات الترويجية المغرية التي تنطلق قرابة شهر قبل حلول شهر الصيام و تتواصل على مداره، مبررين ذلك برغبتهم في تجب الخروج و مواجهة السلوكات السلبية التي تعوّدوا على تسجيلها في هذه المناسبة، غير أن الأطباء حذّروا كثيرا من المبالغة في الجلوس لساعات أمام الشاشة، خاصة النساء اللائي قلصن وقت وقوفهن للقيام بالواجبات المنزلية، بعد أن تبنين عادات جديدة، منها إعداد مكونات طبختهن في نفس المكان الذي يوجد فيه جهاز التلفاز، حيث يقشرن و يفرمن و يقطعن الخضر و هن جالسات أمام الشاشة. و تؤكد الدكتورة نبيهة بوساحة مختصة في الطب العام بأن دراسات كثيرة بيّنت مخاطر الجلوس لأكثر من ساعتين أمام التلفزيون، و هو للأسف ما يسجل لدى عدد كبير من المواطنين الذين يقضون أكثر من خمس ساعات في متابعة ما اختاروه من الكم الهائل من البرامج المقترحة في عشرات الفضائيات، الشيء الذي يعرض الكثيرين منهم لأعراض صحية تختلف خطورتها من شخص إلى آخر، و ذلك حسب الحركات و النشاطات التي يقوم بها كل فرد بعد انتهائه من مشاهدة التلفزيون، حيث تتقلّص الأخطار حسبها لدى الأشخاص الذين يخرجون و يتجولون للحظات أو يقومون بممارسة الرياضة، في حين تتفاقم بالنسبة الذين يذهبون للنوم مباشرة. و يرى الطبيب منير زعيبط بأن تضاعف نسبة الإصابة بأمراض السكري و ضغط الدم و أمراض القلب و السمنة كلها ناجمة عن العادات السلبية التي تبناها أفراد المجتمع في السنوات الأخيرة و على رأسها الاستسلام لمغريات التكنولوجيا و بشكل خاص التلفزيون و انترنت، مسترسلا بأنه رغم نقص أو بالأحرى انعدام الدراسات و الأبحاث الطبية في هذا المجال، فإنه يمكن الجزم بأن ما يعانيه الكثير من المرضى من مضاعفات فيما يسمى بأمراض العصر ناتج عن نقص النشاط و نمط الحياة الكسول المصاحب لمشاهدة التلفزيون. و ذكر بأن الأسئلة الاستفسارية التي يطرحونها عادة على بعض المرضى المزمنين بيّنت مما لا يدعو للشك الدور الكبير الذي يلعبه جلوسهم الطويل أمام الشاشة في تفاقم أعراض المرض لديهم بسبب نقص الحركة و الخمول و الإفراط في تناول السكريات و المكسرات و حتى الأكلات التي تحتوي على نسبة دهون عالية، مما يساهم في رفع نسبة السكري و الكولسترول في الدم، كما يتسبب الإفراط في استهلاك المشروبات الغازية و المنبهات في هشاشة العظام. و من جهته أشار الدكتور محمد شيخي مختص في أمراض الغدد إلى علاقة السمنة بالخمول، قائلا بأن احتمال الإصابة بالسمنة يرتفع بنسبة تزيد عن ال20بالمائة بسبب المشاهدة المفرطة للتلفزيون و الجلوس أمام جهاز الكمبيوتر و نصح بضرورة تقليص ساعات المتابعة إلى حوالي ساعتين على أقصى حد لتجنب المشاكل الناجمة عن انخفاض معدلات الحركة. و أجمع الأطباء الذين تحدثنا إليهم بأن نقص النشاط و المتابعة المفرطة للأخبار و ما تحتويه من صور دمار و دماء و قتلى مثلما يحدث هذه الأيام من خلال نقل نتائج الغارات على غزة بالإضافة إلى ما يحدث في سوريا و العراق من تفجيرات دموية متكرّرة ينعكس سلبا على النفسية للمشاهدين فيترجمون ذلك من خلال القلق و الشعور المستمر بالإحباط.