شهدت منطقة الساحل الافريقي الصحراوي خلال السنة المنقضية 2010 تزايدا في عدد الاختطافات التي تستهدف الرعايا الغربيين من قبل عناصر الجماعات الارهابية التي تنشط بالمنطقة تحت لواء القاعدة بهدف الحصول على فديات مالية بعد أن اعتادت دفعها البلدان الغربية المعنية مقابل اطلاق سراح رهائنها المحتجزين. وكانت آخر عملية اختطاف قد استهدفت في 16 سبتمبر من العام المنقضي خمسة فرنسيين بينهم امرأة الى جانب طوغولي وملغاشي، بمنطقة "آرليت" في شمال النيجر، قبل ان يقوم الخاطفون بنقهلم الى شمال مالي.وجاءت عملية الاختطاف هذه والتي تبناها في21 سبتمبر الماضي تنظيم ما يسمى "بالقاعدة في بلاد المغرب الاسلامي"، لتضيف فصلا جديدا في التوتر الأمني الذي تعرفه المنطقة الغنية بمواردها الطبيعية لاسيما اليورانيوم والذي هو محل "أطماع" العديد من الدول الغربية في مقدمتها فرنسا التي تسعى الى تثبيث مواطىء أقدامها وتعزيز حضورها ونفوذها في المنطقة ليس فقط عبر شركاتها العاملة بمناجم اليورانيوم، وإنما أيضا من خلال تكثيف نشاطها الاستخباراتي لاسيما بعد أن اتضح أن الرهينة ا لفرنسي بيار كامات الذي قامت القاعدة باطلاق سراحه مقابل افراج السلطات المالية تحت الضغط الفرنسي عن أربعة ارهابيين، كان في واقع الأمر عنصرا في المخابرات الفرنسية، ولم يكن يعمل في منظمة انسانية غير حكومية لعلاج الملاريا مثلما كانت تدعي السلطات الفرنسية التي تكون قد تكون - حسب معلومات سربتها وسائل اعلام عالمية- قد دفعت فدية سخية الى الارهابيين إضافة الى الضغوطات التي مارستها علىالسلطات في باماكوكي تقوم باطلاق سراح أربعة إرهابيين بينهم جزائريان، واحتجت الجزائر بشدة على ذلك وقامت في أواخر فيفري من السنة المنقضية باستدعاء سفيرها في باماكو، وأشار تصريح لوزارة الخارجية وقتها الى أن مالي التي لجأت الى حجة خادعة على أساس أن الارهابيين تمت محاكمتهم وقضوا مدة عقوبتهم، ضربت عرض الحائط بالاتفاقية الثنائية للتعاون القضائي الموقعة بين البلدين، والتي تم بموجبها في سبتمبر 2009، صياغة طلب تسليم الرعيتين الجزائريتين المطلوبتين من قبل العدالة الجزائرية لتورطهما في أعمال إرهابية. وقال وزير الخارجية مراد مدلسي أن قرار مالي اطلاق سراح ارهابيين لا يخدم المنطقة ولا استقرارها، ولا مكافحتها للإرهاب، وأن استدعاء سفير الجزائر بباماكو للاستشارة يأتى احتجاجا على قرار مالي. كما كانت فرنسا قد قامت بتدخل عسكري في مالي في مغامرة فاشلة نفذتها في 22 جويلية الماضي بالاشتراك مع القوات الموريتانية من أجل تحرير الرهينة الفرنسية ميشال جيررمانو، الذي قامت القاعدة بعد ثلاثة أيام من ذلك بإعدامه انتقاما لعناصرها الذين قتلا خلال الغارة الفرنسية. يذكر، أن الوزير الأولى السيد أحمد أويحيى انتقد بشدة التدخل العسكري الاجنبي في الساحل وقال على هامش رده على انشغالات نواب المجلس الشعبي الوطني مطلع نوفمبر الماضي بخصوص بيان السياسة العامة. أن اي تدخل أجنبي في الساحل سيحول المنطقة الىجحيم، مجددا التأكيد على موقف الجزائر الرافض لأي تدخل عسكري في المنطقة وهو الموقف الذي يجرم دفع الفدية للجماعات الارهابية، ويسعى بالمقابل الى تطوير عمل مشترك لدول المنطقة في مجال مكافحة الارهاب، وهو موقف يناهض تماما المقاربات والاساليب التي تنتهجها العديد من البلدان الغربية في التعاطي مع مملفات الاختطافات حيث مكن دفع الفديات السخية عناصر القاعدة بالمنطقة من جني مالا يقل عن 50 مليون أورو. ولم تتردد فرنسا في ابداء استعدادها للتفاوض مع الارهابيين خاطفي رعاياها الخمسة، غير أن هذا الملف أخذ منعطفا غير متوقع أربك السلطات الفرنسية على أعلى المستويات حينما أصدر زعيم ما يسمى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي عبد المالك درودكال (ابو مصعب عبد الودود) بيانا قال أن أي مفاوضات يجب أن تتم مع الرقم الاول للقاعدة أسامة بن لادن بالشروط والمطالب التي يحددها هو وحده، وهو الأمر الذي رفضته فرنسا رسميا لاسميا وأن درودكال طالب بسحب جميع الجنود الفرنسسيين من أفغانستان، وهو ما جعل الرئيس نيكولا ساركوزي يؤكد ما سبق أن صرحت به وزيرة خارجيته ميشال اليوماري بأن فرنسا ترفض أن تملى عليها سياستها الخارجية من أي كان.للإشارة، فإن الجزائر مازالت وفية لالتزاماتها من خلال سعي متواصل الى تنسيق جهود بلدان المنطقة في مكافحة الارهاب وامتداداته داخل شبكات الجريمة المنظمة.