افتتحت الغرفة الجزائية لدى مجلس قضاء الجزائر يوم الأربعاء اجراءت المحاكمة في قضية محل الاستئناف المتعلقة باستيراد لقاحات انتهت مدة صلاحيتها و الضالع فيها عشرة إطارات من معهد باستور الجزائر. الجدير بالذكر أن المتهمين استأنفوا الحكم الذي صدر ضدهم في 13 أكتوبر 2010 على المستوى الابتدائي بمحكمة سيدي أمحمد و الذي قضى عليهم بعقوبات متفاوتة تتراوح بين سنة سجنا إلى 10 سنوات سجنا نافذا بتهمة إبرام صفقات مخالفة للتشريع و تبديد الأموال العمومية و الحصول على مزايا غير مبررة و الاهمال و اختلالات خطيرة في التسيير كبدت الدولة خسائر كبيرة. و حكم على المدير العام السابق لمعهد باستور الجزائري ميلود بلقايد الذي يوجد حاليا في حالة فرار ب10 سنوات سجنا و أصدر في حقه أمر دولي بالقبض. كما تم الحكم على ممثل المخابرالأجنبية عماني عمار بست سنوات سجنا نافذا و عبد المجيد بوضياف مسؤول سابق للوسائل العامة بست سنوات سجنا نافذا و آيت عراس أحمد بسنة سجنا نافذا و دالي حميد المدير العام المساعد على مستوى القسم التجاري بسنتين سجنا نافذا. كما حكم على المتهمة نادية توابتي بأربع سنوات سجنا نافذا و أبوبكر جميلة بسنتين سجنا مع وقف التنفيذ و آيت عراس لمين بسنة سجنا مع وقف التنفيذ فيما تم إصدار حكم بالبراءة لصالح شايب أحمد. و أثناء جلسة المحاكمة تداول المتهمون و على رأسهم المتهم عماني عمار أمام القاضي بن خرشي عمر حيث أنكروا التهم الموجهة إليهم و حاول بعضهم أن يلصق التهمة في المتهمين الآخرين. و قال المتهم عماني عمار بصفته ممثل المخابر الأجنبية المصدرة لهذه اللقاحات محل الدعوى أنه لم يبرم أية صفقة و لم يوقع على أي عقد و لا تربطه أية علاقة تجارية مع معهد باستور. و أضاف أن معهد باستور قام باستيراد مائة ألف لقاح ضد أنفولونزا عن طريق صفقة تمت بالتراضي و قام بتخزينها حتى تقادمت مدة صلاحيتها و أنه ليس موظفا بهذا المعهد حتى ترمى عليه المسؤولية. و أثناء مرافعاتهم أشار المحامون الى تقادم الدعوى العمومية على أساس المادة 8 من قانون الاجراءات الجزائية التي تنص على تقادم الدعوى في مجال الجنح بمرور ثلاث سنوات مطالبين عدم تطبيق مقتضيات المادة 54 من قانون مكافحة الفساد الصادر سنة 2006 و التي تنص على تقادم الدعوى المتعلقة بالاختلاسات بمرور 10 سنوات. و قد عللوا طلبهم هذا بحدوث وقائع القضية سنة 2005 أي قبل صدور القانون المتعلق بمكافحة الفساد. و قد رد النائب العام على هذا الدفع قائلا أن القضايا المتعلقة بالاختلاسات قبل سنة 2006 كانت محل متابعة من طرف المحكمة الجنائية ثم صدر قانون مكافحة الفساد الذي غير الوصف القانوني لفعل الاختلاس من جناية إلى جنحة فتم بذلك اختيار القانون الأصلح للمتهمين و الذي هو قانون محكافحة الفساد و الذي على أساسه (المادة 29) تمت متابعتهم. و بذلك أكد النائب العام أن المادة الواجبة التطبيق بالنسبة للتقادم هي المادة 54 من قانون مكافحة الفساد. و من جانب آخر قال المحامون أن معهد باستور الجزائر هو مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري و أنه لا يخضع لقانون الصفقات العمومية موضحين أنه للمعهد ميزانية داخلية تخول له شراء لقاحات عن طريق التراضي حسب الحاجة من المخابر الأجنبية. و قد تساءلوا في هذا الخصوص عن سبب محاكمة العدالة لهؤلاء الاطارات على أساس ابرام صفقات عمومية هم أصلا لا يخضعون للقوانين المتعلقة بها. و أكد محامي المتهمة توابتي نادية من جهته عن عدم اتخاذ أي اجراء في القضية منذ 2005 إلى غاية 2009 مشيرا إلى أن موكلته بصفتها مسؤولة عن المخبر لمراقبة النوعية بمعهد باستور الجزائر "قامت بالتبليغ عن المخالفات التي شابت الصفقات العمومية المبرمة مع المخابر الأجنبية من خلال مراسلات موجهة للوزارة ولكنها وجدت نفسها في قفص الاتهام". و تعود وقائع القضية --حسب أمر الاحالة-- إلى سنة 2005 عندما تلقت مصالح الأمن رسالة من مجهول تشير إلى اقتناء معهد باستور الجزائر مجموعة من اللقاحات ضد الأنفلونزا و السل و الحصبة و لقاحات للأطفال من أربعة مخابر أجنبية عن طريق صفقات عمومية مشبوهة. و قامت وزارة الصحة إثر ذلك بتنصيب لجنة تفتيش وزارية في ماي 2005 التي أكدت في تقريرها مسؤولية مختلف المتدخلين في معهد باستور الجزائر على مختلف المستويات و هم "المدير العام و المديرية التجارية و مسؤول تسيير المخزون". و كلفت هذه الصفقات العمومية "العشوائية" الدولة خسائر قدرت ب147.531.844,08 دج دون احتساب التكاليف التي انفقت في كراء غرف التبريد حسب نفس التقرير الذي أكد ضرورة متابعة الاشخاص الذين سلف ذكرهم قضائيا. و كان التحقيق الذي انطلق في نوفمبر 2009 قد كشف عن سوء تسيير المدير العام السابق لمعهد باستور الجزائر و أن أغلب العقود التي أبرمت مع الممولين الأجانب كانت لا تستجيب لقوانين الصفقات العمومية. و ينتظر أن تقدم النيابة العامة طلباتها مساء اليوم قبل أن يصدر المجلس قراره في الأيام القليلة المقبلة إما بتأييد العقوبة أو تخفيفها أو تشديدها.