اعتبر صندوق النقد الدولي أن التغييرات الجارية في الشرق الأوسط و شمال افريقيا ستسمح لهذه لمنطقة بوضع قواعد نموذج نمو أكثر حركية و أن البلدان المستوردة للنفط ستشهد سنة صعبة من خلال تسيير توترات داخلية و خارجية. و في عرضه للتقرير حول الآفاق الاقتصادية الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا و أفغنستان و باكستان صرح مدير قسم الشرق الأوسط و آسيا الوسطى لصندوق النقد الدولي السيد مسعود أحمد اليوم الاربعاء خلال ندوة بدبي أنه على المدى الطويل "يمكن أن تحفز الحركات الاحتجاجية اقتصادات المنطقة من خلال تشجيع المصادقة على نموذج نمو تضامني أكثر من خلال تحسين الحكامة و من خلال توفير المزيد من مجالات نشاط لفئة الشباب في ظروف أكثر إنصافا". و لحد الساعة يضيف المسؤول، "تواجه هذه البلدان صعوبات كبيرة و ينبغي القضاء على البطالة و تحسين أجهزة الحماية الاجتماعية". و اعتبر أن التحدي الراهن للبلدان المستوردة للنفط لمنطقة الشرق الأوسط و شمال افريقيا يكمن في "الحفاظ على الانسجام الاجتماعي و استقرار الاقتصاد الكلي أمام توترات متعددة". ولدى تطرقه إلى النمو الاقتصادي أوضح ممثل صندوق النقد الدولي أن نسبة النمو الشامل للمنطقة ستقدر ب9ر3 بالمئة مشيرا إلى أن هذا الرقم يخفي الفوارق. و أضاف أن النمو سيستقر في 9ر4 بالمئة في البلدان المصدرة للنفط (الجزائر و العربية السعودية و البحرين و الإمارات العربية المتحدة و إيران و العراق و الكويت و عمان و قطر و السودان و اليمن) بفعل ارتفاع الأسعار و انتاج النفط. غير أن النمو في البلدان المستوردة للنفط (أفغنستان و جيبوتي و مصر و الأردن و لبنان و المغرب و موريتانيا و باكستان و سوريا و تونس) لن تبلغ سوى 3ر2 بالمئة. وعلى حد قوله يتميز السيناريو الراهن أساسا بعاملين رئيسيين اثنين ألا و هما: الاضطرابات التي تشهدها المنطقة و ارتفاع الأسعار العالمية للنفط و الأغذية. و أكد السيد مسعود أنه بفضل ارتفاع الأسعار و انتاج النفط سيفوق الرصيد الاجمالي للصفقات الحالية للبلدان المصدرة للنفط الضعف ليقدر ب380 مليار دولار سنة 2011 (باستثناء ليبيا). واعتبر أنه بالرغم من ارتفاع النفقات في البلدان المصدرة للنفط "إلا أن أوضاع الميزانية ستتحسن لأن ارتفاع النفقات العمومية سيعوض بارتفاع العائدات النفطية". و أوضح أنه بالرغم من هذه الآفاق الإيجابية عموما "لا تزال البلدان المصدرة للنفط من المنطقة تواجه مشاكل هيكلية كضرورة تنويع اقتصاداتهم أكثر و استحداث مناصب شغل لسكانها و مواصلة تطوير القطاع المالي لدعم النمو الاقتصادي و تحسين تسيير الموارد العمومية". أما بالنسبة للدول المستوردة للنفط قال ممثل صندوق النقد الدولي انها "ستمر بسنة صعبة على الصعيد الاقتصادي لانها ستكون مجبرة على تسيير توترات على المستوى الداخلي و الخارجي على حد سواء". و حسب صندوق النقد الدولي فان "تدهور التبادل التجاري نتيجة ارتفاع اسعار المنتوجات الغذائية و الطاقوية سيثقل فاتورة الاستيراد بحوالي 15 مليار دولار اي بنسبة تقدر بحوالي 3 بالمئة من الناتج الداخلي الخام". وبالنسبة للعديد من البلدان المستوردة للنفط، أشار صندوق النقد الدولي ان "الاضطرابات السياسية ستلحق اضرارا بالسياحة و الاستثمار . و اذا اضفنا الى ذلك تكاليف التمويل و الظغوطات الناجمة عن تضخيم النفقات في كامل المنطقة فان الميزانيات ستتعرض الى ضغوطات اكبر". وفي هذا الشأن، أكد أن "الاخطار التي تهدد استقرار الاقتصاد الكلي و المالي اذا لم يتم تصحيحها بسرعة قد تؤدي الى عرقلة اعتماد نموذج نمو تضامني جديد و كبح استحداث مناصب الشغل". و يرى السيد مسعود ان "الحكومات التي تتوفر على هامش مناورة ضعيف يجب ان تفكر في تعويض جزئي للنفقات الاضافية الاولوية باقتطاعات في مجالات اخرى". وأضاف محللا انه "على المدى القصير فان نفقات اضافية ضرورية لضمان الانسجام الاجتماعي لكنها ستزيد من حدة الضغوطات على المالية العمومية فهناك الكثير من البلدان ستحتاج الى مساعدة خارجية لتسيير المرحلة الانتقالية". وفيما يخص مجموع المنطقة لاحظ السيد مسعود ان التوزان ذو النمو الضعيف خلال هذه السنوات الاخيرة لم يسمح بتوفير العدد الكافي من مناصب الشغل. ومن جهة أخرى، قال ان "مناخ الاعمال يخدم بصفة غير قانونية اقلية من الاغنياء و يبقى انه يجب عمل الكثير من اجل توفير عدد اكبر من مناصب الشغل و تحضير الشباب بشكل افضل لسوق العمل. وفي هذا الشان اقترح على المدى القصير ان تقوم الحكومات بتعجيل الاستثمارت في مجال المنشات القاعدية و منح تحفيزات جبائية للمؤسسات الصغيرة و المتوسطة و وضع برامج تكوينية مناسبة. و اضاف ان "هذه الاجراءات لا يمكن ان تحل محل استراتيجية واسعة للتشغيل من شانها اعادة تنظيم الهياكل التربوية لتزويد حاملي الشهادات بالكفاءات المطلوبة من طرف ارباب العمل و تحسين مناخ الاعمال ووضع حد لقيود سوق العمل التي تمارس اثرا ردعيا على التشغيل. و اذ ابرز المؤهلات التي تتوفر عليها المنطقة اكد السيد مسعود ان "الاشهر المقبلة ستكون خطيرة الا ان هناك ديناميكية تغيير يجب استغلالها".