عاد الحديث هذه الأيام عن موضوع نظام حصص أو "كوتة المرأة" في البرلمان في مصر بين مؤيد يراه ايجابيا بتمكينه المرأة في مجتمع "مضاد لها " من القيام بدور سياسي و معارض يعتبره "تمييزا" بين المواطنين يخالف أساسيات الدستور. وقد اشتد الجدل عن نظام "الكوتة "بعد إصدار المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يتولى أمور البلاد "الإعلان الدستوري" لتسيير المرحلة الانتقالية تمهيدا لإجراء انتخابات مجلس الشعب ثم الدعوة لتشكيل جمعية تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد. وقد أبقى الإعلان الدستوري على "نظام الكوتة" مما جعله عرضة لانتقادات شديدة من قبل قوى وشخصيات وتنظيمات شبابية التي طالبت بإلغائه في حين حذرت بعض الناشطات من المساس بما سميناه ب"المكتسبات" التي تحققت للمرأة قبل الثورة من بينها نظام الكوتة. وكان البرلمان المصري قد اقر في ظل معارضة "شديدة" قانون نظام الحصص في سنة 2009 وذلك بتخصيص 64 مقعدا اضافيا للمرأة في مجلس الشعب أحد غرفتي البرلمان اعتبارا من الانتخابات البرلمانية لسنة 2010 ولمدة دورتين متعاقبتين . وتمت إضافة 32 دائرة انتخابية جديدة بجميع محافظات مصر يقتصر الترشيح فيها على المرأة فقط. وهذه ليست المرة الأولي التي يتم فيها تخصيص كوتة للمرأة بالبرلمان المصري فقد سبق أن تم تعديل قانون انتخابات 1972 بقانون 1979 الذي خصص30 مقعدا للنساء كحد أدني بواقع مقعد علي الأقل لكل محافظة . غير أن المحكمة الدستورية العليا قضت في1986 بعدم دستورية القانون لما ينطوي عليه من تمييز علي أساس الجنس. ولجأت الحكومة المصرية في 2009 إلى تحديد كوتة للمرأة في البرلمان مرة ثانية في مسعى ل"تعزيز التمثيل البرلماني لها وتشجيعها على الانخراط في العملية الانتخابية والسياسية في البلاد" كما جاء على لسان المتحدث الرسمي باسمها. وأضاف أن المسعى من هذه الخطوة هو" الأخذ بيد المرأة وتمكينها " من ممارسة العمل السياسي كشريك أساسي في المجتمع وخلق نوع من الثقافة الجديدة في المجتمع للتغلب على صعوبة ترشيح المرأة نفسها في الانتخابات . ولخص وزير الدولة لشؤون القانونية والمجالس النيابية السابق مفيد شهاب اسباب تأخر المشاركة السياسية للمرأة في جملة من العوامل " تتحرك ضد أن يكون لها تواجد فعال منها المرأة نفسها والأحزاب السياسية التي لا ترشح المرأة لضعف احتمالية فوزها فضلا عن أن الرأي العام لا يزال تسيطر عليه العقلية الذكورية". وأشار مؤيدو نظام الكوتة الى دراسة للاتحاد البرلماني الدولي عام 2008 تفيد أن تمثيل المرأة في البرلمان المصري "ضعيف لا يفوق 8ر1 في المائة حيث تحتل مصر الترتيب رقم130 من بين188 دولة" معتبرين هذه نسبة "ضئيلة جدا" مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ18.4في المائة. وفي هذا الصدد، أوضحت السيدة ميلانى فيرفيير سفيرة الولاياتالمتحدة لشؤون المرأة في لقاء صحفي نظمته السفارة الامريكية في القاهرة مؤخرا أن الدراسات اثبتت ان تطبيق نظام الكوتة "نتج عنه الاهتمام بالقضايا الخاصة بالصحة وإنشاء المدارس والعملية التعليمية والاهتمام باستخدام الأموال العامة في أماكنها وتقليل معدلات الفساد". وأوضحت السيدة فيرفيير أن هناك بعض دول العالم التى تطبق نظام الكوتة لبعض الوقت لتمكين المرأة من الوصول لمقاعد فى البرلمان والمشاركة فى الحياة السياسية مستشهدة بنجاح التجربة التى طبقتها الهند في رئاسة المجالس المحلية بالقرى منذ بضعة سنوات. غير ان الكثير من السياسيين كمحمد البرادعي المرشح للرئاسة وحقوقيين يرون ان اعتماد نظام الكوتة يعد "تمييزا جليا" بين المواطنين يخل بمبدأ المواطنة ومبدأ التكافؤ في الفرص والمساواة بينهم .كما سيفسح المجال لكيانات اخرى للمطالبة بكوتتها عملا بمبدأ المساواة . وقد طالبت مجموعة من ممثلات المرأة المصرية من بينهن وزيرات سابقات وناشطات وفتيات ثورة 25 جانفي رئيس مجلس الوزراء عصام شرف الغاء نظام الكوتة في مجلس الشعب حتي "لا يكون تواجد المرأة في المجتمع مفروضا علي الدولة من خلال هذه الكوته وانما يكون هذا التواجد نابعا من المجتمع ذاته". وقالت القانونية نهى الزينى ان هذا النظام "مخالفة دستورية صريحة لنص المادة (40) من الدستور والتي تقر بالمساواة بين الرجل والمرأة وتمنع التمييز بينهما بسبب الجنس أو اللون أو العقيدة" . وأوضحت الإعلامية جميلة إسماعيل التي رشحت نفسها للانتخابات التشريعية السابقة إن كوتة المرأة "لم تسفر عن انتصار حقيقي لها من قبل خاصة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وكانت مجرد إضافة ولم تحصل على الأغلبية." واكدت من جهة اخرى خبيرات متخصصات في القانون والإعلام والشؤون الدستورية والتشريعية ان نظام الكوتة لم ينبع من رغبة داخلية هدفها تمكين ودعم المرأة في المشاركة السياسية وإنما استجابة لضغوط خارجية تمارسها لجنة المرأة بالأمم المتحدة وجهات مانحة مثل الاتحاد الأوروبي . وأكدن ان هذا النظام سيعمل علي تفتيت نسيج المجتمع كما أنه ضار بالمرأة لأنها تكرس وضعها المتخلف وتزيد تخلفها وتبلدها سياسيا . وقد اقترح بعض ممثلي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ضرورة ضغط كافة أعضاء المجتمع المدني والقوى السياسية في الفترة المقبلة امن اجل اعتماد الانتخابات البرلمانية على القوائم النسبية المفتوحة لضمان تمثيل كافة الفئات المهمشة مثل المرأة والأقباط وتوازن دخول القوى السياسية فى الانتخابات. وأكدت ماجدة عبد البديع عضو الاتحاد النسائي بحزب التجمع أن اعتماد نظام القوائم النسبية مع تمثيل حد ادني 30 في المائة لأي من الجنسين يضمن تمثيل حقيقي للنساء.