القاهرة - أثارت "وثيقة المبادئ والحقوق الأساسية" التي طرحها محمد البرادعي المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية المقبلة جدلا بين الأحزاب والقوى السياسية والقانونيين في مصر. وقد تباينت المواقف حيث دعت عدد من الأحزاب مثل الجبهة الديمقراطية والعدل والديمقراطي الاجتماعي إلى تبنى الوثيقة وفتح حوار مجتمعي بشأنها باعتبارها مخرجا لحل أزمة "الدستور أم الانتخابات أولا" فيما دعا البعض إلى تبنى الوثيقة كمطلب رئيسى في مظاهرة "جمعة الإصرار" المقرر لها 8 جويلية. و أعرب حزب الوسط (اسلامي) و جماعة الاخوان المسلمين عن رفضهما لوضع اية وثائق تتضمن مبادئ فوق دستورية فيما شن الحزب الناصري وجزب التجمع هجوما على الوثيقة باعتبارها حسبهما غير كافية وغير مجدية وتهدف لتعطيل الجهود التى تطالب بوضع الدستور أولا. وكان محمد البرادعى قد أصدر وثيقة اطلق عليها اسم "وثيقة المبادئ والحقوق الأساسية " لطرحها للنقاش العام بهدف التوصل إلى صيغة متفق عليها حول المبادئ الرئيسية للدولة وحقوق المواطن المصري التى يجب احترامها فى أى دستور جديد. وأعلن البرادعى أن النقاش سيصل لتحديد الأسس التى لا خلاف عليها لإقامة مصر المستقبل. وقال أن حالة الاستقطاب القائمة حول مسألة الدستور أولا أم الانتخابات تهدد بمزيد من الانقسام ومن ثم جاءت فكرة التوصل لاتفاق عام حول المبادئ الرئيسية للدولة وحول الحقوق الأساسية للمواطن و التى لا يمكن تغييرها أو النص على عكسها أو تقييدها فى أى دستور ديمقراطى. ويأتي اصدار هذه الوثيقة في وقت تبدي فيه أحزاب وقوى سياسية قلقا من إمكانية أن يؤدي إجراء الانتخابات التشريعية في سبتمبر المقبل وفق الاعلان الدستوري الذي اصدره المجلس الاعلى للقوات المسلحة إلى فوز كاسح لجماعة الإخوان المسلمين القوة السياسية التي يراها المراقبونا" الأكثر تنظيما في البلاد حاليا بينما الأحزاب الاخرى لا تزال ضعيفة أو في طور التأسيس". وتخشى هذه الاحزاب خصوصا أن السيطرة المحتملة للإسلاميين على البرلمان المقبل ستتيح لهم التحكم بشكل الدستور الجديد. وتتضمن الوثيقة التي نشرت مسودتها الاولى في الصحافة المحلية مبادئ أساسية متضمنة مواد تقوم اساسا على أن نظام الدولة جمهورى ديمقراطى وأن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية وأن النظام السياسى يقوم على أساس تعدد الأحزاب السياسية وحق المواطن فى إنشاء حزب وأن يقوم النظام العام على سيادة القانون واستقلال القضاء وأن القوات المسلحة هى درع الشعب وحامى سيادته الوطنية. كما تحتوي الحقوق الأساسية في مقدمتها أن الكرامة الإنسانية حق لكل فرد وأن الجميع متساوون فى الحقوق والواجبات والحريات أمام القانون والدستور دون تمييز والتأكيد على حرية الرأى والتعبير والتجمع السلمى وحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية. و أن تعتبر هذه الوثيقة جزءا لا يتجزأ من الدستور والحقوق الواردة فيها غير قابلة للإلغاء أو التنازل أو التعديل أو التقييد ويحق لكل مصرى التمتع بها دون تمييز أو تفرقة. وفي الوقت الذي اعتبر نائب رئيس مجلس الوزراء السيد يحيى الجمل الوثيقة "محاولة توفيقية" يمكن أن تكون مخرج حقيقى للجدل المثار حول الدستور أولا أم الانتخابات وصفها أحد وكلاء مؤسسى حزب التحالف الشعبى الاشتراكى السيد عبدالغفار شكر ب"المتقدمة للغاية". وقال انها تحقق اتفاق مختلف القوى لسياسية على مبادئ أسياسية يتضمنها الدستور القادم. و دعا قانونيون المجلس العسكرى لتقديم الوثيقة للشعب للاستفتاء عليها وقالوا "بالموافقة تصبح أعلى من الدستور وتهدأ مخاوف الشارع السياسى المصرى من انفراد فريق بعينه بوضع الدستور بعد تحكمه فى البرلمان القادم". وفيما اكتفى التيار الاسلامي وعلى رأسه جماعة الاخوان المسلمين بالتاكيد على إن ما جاء فى الوثيقة عبارة عن مبادئ عامة ينظمها الدستور ولا جديد بها شن الحزب الناصري هجوما على مبادرة البرادعي وقال نائب رئيس الحزب سامح عاشور انها تهدف فى المقام الاول لصرف نظر الناس عن الهدف الأساسى وهو إعداد دستور كامل للبلاد. في حين اعترض قيادي في حركة "كفاية" عبد الرحمن الجوهرى على عدم وجود آليات واضحة لتنفيذ ما جاء فى الوثيقة. أما رئيس حزب التجمع رفعت السعيد فقال ان الوثيقة مجرد "مغازلة" للإخوان المسلمين وأضاف "أراها باختصار تهديدا للدولة المدنية " معتبرا أن "أى قفز على العدالة الاجتماعية أو خلط معنى الدولة المدنية بالدينية سيؤثر على مستقبل مصر".