شكل موضوع تطور الحركات الإصلاحية في العالم الإسلامي وكيفية إصلاح المجتمعات، محور تدخلات الأساتذة والباحثين في الملتقى الدولي حول "الإصلاح والاجتهاد عند علماء الإسلام بين الماضي والحاضر" الذي انطلقت فعالياته يوم الاثنين، الجزائر العاصمة. وفي هذا المضمار، أبرز الدكتور لوصيف، من جامعة فرحات عباس، في مداخلة بعنوان "قضايا الاصلاح في فكر الشيخ عبد الحميد بن باديس"، دور هذا العلامة في "تصحيح العقائد الاسلامية التي تسربت اليها البدع والخرفات من جراء الممارسات الطرقية في عهد الاستعمار الفرنسي . كما أشار المحاضر، إلى مساهمة المصلح ابن باديس في تقديم حلول مناسبة لمجتمعه، حسب ظروفه الخاصة مراعيا عنصرين اساسيين في اجتهاده هما "قيم الاسلام وروح الحضارة الحديثة" مشيرا الى اسهام ابن باديس في اثراء الثقافة العربية والاسلامية . وأكد أن ما يميز حركة ابن باديس الاصلاحية هو اهتمامه بميدان التربية والتعليم الذي شكل فيما بعد قاعدة للمنظومة التربوية للجزائر المستقلة حيث كون آنذاك شبكة من المدارس ارتادها الالاف من المدرسين والطلبة . ويعد العلامة ابن باديس يضيف المتحدث، رجلا مفكرا صاحب بعد نظر اضاء بنظرته التقدمية كثيرا من المفاهيم السائدة في عصره . ومن جهته، ذكر المدير العام للمركز العربي للدراسات المستقيلة في سوريا، الدكتور احمد الحلواني، في مداخلة تحت عنوان "الفكر الإصلاحي عند علماء الإسلام في بلاد الشام: جمال الدين القاسمي نموذجا" إلى أن بلاد الشام، عرفت تيارات تدعو إلى إحياء الإسلام في إطار استعادة الدور الذي اضطلع به الإسلام تاريخيا والتي تركزت على أن "مستقبل الأمة مرهون باستعادة أمجاد الماضي". وقد شرح المتدخل بالتفصيل المنهج العلمي والفكري للشيخ القاسمي مبرزا دوره في حركة النهضة الإسلامية في الشام، مستشهدا بمواقفه ومعاناته الشخصية وتأثيره الفكري والاجتماعي والسياسي . ومن جهته، أكد الدكتور عبد الكريم بكري، من جامعة وهران، على دور الحركات الإصلاحية في الحفاظ على أصالة الأمة وحماية المجتمع من كل عوامل الهدم والاستلاب الفكري ومدى تواصل هذه الحركات مع مختلف الطبقات الاجتماعية. كما عرج المتدخل على مساهمة هذه الحركات في مشاريع البحث الروحي و البناء الفكري والحضاري للفرد المسلم في ظل ما يشهده العالم من تحولات فكرية واجتماعية وعلمية ومدى قدرة هذه الحركات على التصدي للفلسفات والتيارات العلمانية اليسارية والحركات التبشيرية . كما دعا المصلحون، إلى ضرورة مواكبة العصر الذي يعيشون فيه حتى يتمكنوا من تنمية العنصر البشري باعتباره رأسمال التنمية المستدانة يضيف المحاضر. على صعيد آخر، استعرض الأستاذ الطيب ولد العروسي، من معهد العالم العربي بباريس، في مداخلته بعنوان "فالانتين دي سان بوان : من نداء الإسلام إلى فكرة الإصلاح" السيرة الذاتية للمصلحة الفرنسية فالانتين حفيدة الشاعر، لامارتين ،والتي أشهرت اسلامها بعد اقتناعها بمبادئ وقيم الإسلام مبرزا دورها في تنظيم حوارات ولقاءات بين مفكرين غربيين ومشرقيين عرب. وكانت حسب المتدخل -فالانتين "السباقة في طرح مبادرة حوار الاديان والحضارات" والعمل على التقارب فيما بينهما. ومن جهتها، أكدت الدكتورة فادية مليح حلواني من سوريا، في مداخلة بعنوان "ملامح الفكر الإصلاحي النسوي «أن إصلاح المجتمع لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إدراج المرأة باعتبارها الركيزة الأساسية في كل معادلة تنموية لأنها تعد نصف المجتمع مستشهدة بمواقف كل من المفكر العربي قاسم أمين، ومحمد عبدو ،وطه حسين. بالرغم من مواقف هؤلاء المفكرين تضيف المتدخلة، إلا أن "المرأة لا تزال لم تتحرر بعد من النظرة الضيقة" التي حصرت دور المرأة في العمل داخل المنزل رغم تلقيها تعليما مشيرة إلى انه "لا فرق بين الجنسين ولا يعد الاختلاف الفيزيولوجي بينهما حاجز للتفرقة في مشاركة المرأة في عملية النهضة والإصلاح للمجتمعات الإسلامية". للتذكير، يتواصل غدا الثلاثاء فعاليات الملتقى الدولي بتقديم محاضرات وتدخلات لأساتذة من جامعات جزائرية وجامعات اجنبية.