شهد المسرح الجهوي لقسنطينة حفلا ساحرا في إطار السهرة الثالثة لمهرجان ديما جاز لقسنطينة وذلك على وقع عازف الكمان الفرنسي "ديدييه لوكوود" وفرقته التي تضم ثلاثة أفرادالذي منح لحظات استثنائية أبهرت المتفرجين . وقد أثبت هذا الموسيقي الذي يعد من خيرة عازفي الكمان في العالم سهرة يوم السبت شهرته بقسنطينة حيث فتن وأمتع وأطرب وأبهج الجمهور القسنطيني الذي تجاوب معه بكل أحاسيسه. واستطاع هذا الساحر "ديدييه لوكوود" -الذي كان يعزف على الكمان الكهربائي وهي آلة قلما تشاهد بقسنطينة -منذ الوهلة الأولى من ظهوره على الركح خطف الأنظار حيث ألهب بأدائه المتميز قاعة العرض التي اهتزت طربا خاصة عندما كان ينزل من على المنصة وهو يصول ويجول بين الجمهور الذي حياه عن قرب قبل أن يتنقل ما بين الشرفة الأولى والثانية والثالثة. و كانت قبة المسرح ودهاناته وأضواؤه ومقصورا ته وجدرانه تتوهج بوميض هذا الفنان الساحر الذي ألهب حسه المميز أرجاء القاعة وهزها من تحت قدميه اللتين كانتا تخطوان بها بكل حرية وسط الجمهور الذي تمايل وتجاوب مع أدائه بشكل يصعب وصفه. وقد صرح عازف الكمان ديدييه لوكوود فيما بعد للصافة أنه كان يطلق العنان لإحساسه ليتجاوب أكثر مع الجمهور حيث كان يركز على إثارة الحضور واستمالته أكثر من براعته في العزف. وقال هذا الفنان المتألق "أحب التقرب من الجمهور لأنني أعتقد أن كل واحد منهم يحمل بين جوانحه روح فنان يمكن أن تشرق وتزدهر إذا ما أتيحت لها الوسائل الضرورية" مضيفا أنه وجد الجمهور القسنطيني "في غاية الروعة ومرهف الحس وذواق للموسيقى الراقية". وأوضح لوكوود الذي يستلهم من جميع أنواع موسيقى في العالم حتى وإن ما زال يؤلف للأوبرا أنه يظل له ميول لنوع الجاز روك التي هي الموسيقى التي استهل بها مشواره الفني حيث يصوغها في نموذج جديد وطابع عصري قائلا "نعود إلى هذه الموسيقى ونحتفظ بحيويتها ونضفي حسا جديدا أكثر تأثيرا." كما تطرق الفنان إلى "الارتجال" الموسيقي الذي بدأ يفرض نفسه كميول جديد في أوروبا حيث أشار في هذا السياق أن الارتجال سمح للفنان ب "الاستقلالية" و"التحرر من القطع الموسيقية المدونة" مع المساح له بإدراج ألحان من التقاليد الشفوية التي "أضحت مصادر هامة لجميع الموسيقيين في العالم". وأردف هذا الفنان الذي زار عددا من المدن الكبرى للبلاد منذ 28 سنة خلت قائلا "أعتقد بأننا نتجه شيئا فشيئا نحو تحرير واستقلالية الفنان". وقد لاق هذا الحفل المميز بكل المقاييس إعجاب الجمهور الذي استمتع بالأداء العالي لكل من كان إلى جانب لوكوود على غرار باكو سيري الذي كان يضرب على آلة الإيقاع وجون ماري إيكاي في القيثارة ومارت لين لي في آلة الباس.