تمثل ولاية برج بوعريريج الواقعة على الطريق الربط بين الجزائر وقسنطينة بقلب السهول المرتفعة بوسط شرق الجزائر اليوم نموذجا وطنيا في مكافحة "الوهن الاقتصادي والقلق الاجتماعي". و تعتبر هذه المنطقة التي انضمت إلى "عقد طويل المدى" مع التقدم من بين الولايات الأكثر ديناميكية مواصلة تحطيم أرقام قياسية في مجالات الاستثمار الصناعي والإقلاع الفلاحي خاصة ما سمح بإحداث "دعم" وتكفل بأهم الانشغالات الاجتماعية لمواطنيها الذين يقارب عددهم 632.211 نسمة وفقا للإحصائيات الأخيرة. و تبرز تجربة هذه الولاية التي ليس لها علاقة مع العشرية السوداء درجة من التطور في مختلف القطاعات في جزائر مستقلة وذات سيادة التي خرجت منتصرة من واحدة من أكبر و أصعب حروب التحرير في العالم. و لا يعتبر النشاط الاقتصادي المكثف والتطور الاجتماعي الملحوظ خرافة بعاصمة البيبان بل واقعا جليا من خلال مجهود السلطات العمومية ولكن أيضا من طرف المواطنين الذين انخرطوا في الجهد التنموي. تشجيع الاستثمار: الوصفة السحرية لقد سمحت إستراتيجية التنمية الاقتصادية القائمة على "تشجيع ومرافقة كل أشكال الاستثمار دون استثناء و"الوصفة السحرية" بتطوير البيئة الاقتصادية بهذه الولاية وتغذية الطموح لتكون "قطارا سريعا" للصناعة الالكترونية في البلاد. و أكد والي الولاية عز الدين مشري بأن هذه المنطقة المعروفة والمرشحة لأن تكون أكبر قطب للصناعة الإلكترونية من خلال إنجاز مصنع لتركيب أجهزة التلفزيون الذي يضاف لميزة المنطقة التي تدعمت "بميلاد عديد الوحدات من هذا النوع" هي ولاية في نهاية المطاف "أظهرت كثيرا من الديناميكية ولم تقتصر على تخصص واحد خاصة وأنها منطقة فلاحية ورعوية اقتحمت كذلك قطاع مواد البناء". و أعلن ذات المسؤول بخصوص "تعدد القطاعات" عن إنشاء "عما قريب" لمركب للحليب سيتم بناؤه على مساحة 6 هكتارات ما سيسمح لهذه الولاية بولوج ميدان صناعة الألبان ومشتقاتها التي تعتبر عامل إنتاجي آخر لاستحداث فرص العمل. دلائل قوية لدفع التنمية و أفاد نفس المسؤول كذلك بتوفر هذه الولاية على مشاريع استثمارية هامة في مجالات المطاحن والآجر والأنابيب وغيرها ويرى بأن ولاية برج بوعريريج لديها من القدرات ما يسمح لها بإقناع المستثمرين الذين يقدمون شروطا كبيرة. و حسب مشري فإن وفرة الأراضي ووجود منشآت قاعدية (شطر الطريق السيار شرق-غرب على مسافة 90 كلم وشبكة طرق تزيد عن 2.280 كلم إلى جانب سكة حديدية) وموارد مائية تشكل كلها دلائل قوية من شأنها أن تدفع ودعم العملية التنموية الاقتصادية المحلية. فولاية برج بوعريريج المدعوة لتشكل في مستقبل قريب قطبا اقتصاديا جهويا بامتياز قد صنعت "أحلام الكثير من المستثمرين الأجانب" حسبما أفاد به والي الولاية مشيرا في هذا السياق إلى منح في المدة الأخيرة 4 مشاريع استثمار لشركات مختلطة تنشط في مجال البناء والأشغال العمومية بالخصوص. و قد تم مؤخرا قبول أزيد من 200 مشروع استثمار لدفع وتيرة الاستثمار بولاية برج بوعريريج التي تضم إحدى أكبر المناطق الصناعية في البلاد. فالمنطقة الصناعية لبرج بوعريريج التي تتربع على 179,5 هكتار والتي يعود تاريخ إنشائها إلى جانفي 1979 تحتضن أزيد من 100 مؤسسة متخصصة في مختلف أشكال الصناعات تضمن حوالي 4.200 منصب شغل. و بالنظر إلى حالة التشبع التي آلت إليها هذه المنطقة الصناعية وبالنظر إلى الطلب المتزايد والكبير على العقار الصناعي تم إنشاء منطقة صناعية أخرى بمشتة فاطمة عام 2007 والتي تتربع على 484 هكتار قابلة للتوسع إلى 600 هكتار وذلك من أجل إعطاء دفع جديد للديناميكية الصناعية التي تشتهر بها هذه الولاية. و قد انبثقت ولاية برج بوعريريج ذات إقليم بجوانب فيزيائية متباينة وتضاريس تتضمن سهولا عليا ومناطق جبلية وأخرى سهبية عن التقسيم الإداري الأخير لسنة 1984 حيث قفز حجم حظيرتها السكنية من 99.275 سكنا عام 1998 إلى أزيد من 150.000 العام 2009. حصة بحوالي 46 ألف مسكن و في الفترة ما بين 2004-2010 استفادت هذه الولاية ببرنامج سكني ب45.890 وحدة من مختلف الصيغ منها 21.834 استكملت ووزعت على المستفيدين منها. و في مجال التجهيز الاجتماعي التربوي فإن عديد الإنجازات رأت النور ودخلت مرحلتها العملية منذ سنوات عديدة على غرار 642 مؤسسة مدرسية و4 مستشفيات و10 مراكز للتكوين المهني و700 مقعد بيداغوجي جامعي. و يقود التطرق إلى السكن والمنشآت المرافقة ببرج بوعريريج حتما إلى الحديث عن التقدم الكبير المحقق في مجال التموين بالكهرباء والغاز الطبيعي وماء الشرب. و يقدر معدل الربط بالغاز بهذه الولاية بأكثر من 80 بالمائة فيما يرتقب إنجاز خط للكهرباء بقوة 220 كيلو فولط لضمان تموين أفضل بهذه الطاقة الحيوية. و تزخر هذه الولاية ذات الطابع الفلاحي وبخاصة في شعبة زراعة الحبوب والتي تتوفر على 246.154 هكتار من الأراضي الفلاحية كذلك بقدرات سياحية أكيدة من بينها حمام البيبان وجبال المعاضيد العالية بمنطقة الحمادية وقرية القليعة وغابات جديدة و حفرة التي تكثر بها المجاري المائية التي بالإمكان استغلالها لإنجاز مشاريع سياحية هامة. و تواصل ولاية برج بوعريريج التي طالما كانت خلال الحقب القديمة محل أطماع غزاة قدموا من بعيد للاستفادة من ثرواتها وخيراتها بدون هوادة تحولها وذلك بفضل إصرار و عزيمة سكانها لتكون قطبا اقتصاديا هاما في البلاد.