دعا المشاركون في الندوة العلمية حول "إسهامات العلوم الاجتماعية والإنسانية في التغيير بالجزائر" التي اختتمت أشغالها اليوم الثلاثاء بوهران إلى الاعتماد على مقاربة عصرية وذكية للتغيير. و اتفق العديد من المشاركين في هذا اللقاء الأكاديمي الذي نظمه مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران على أن الكثير من الوسائل والأدوات على غرار الاحتجاج عن طريق العنف قد أظهرت عجزها عن تحقيق غايات المجتمعات "بل ساهمت في تعميق المشاكل وتراكمها" على حد تعبيرهم. وفي هذا الصدد ذكر الأستاذ نذير بومعزة من جامعة غرونوبل (فرنسا) أن التغيير بالجزائر يحتاج إلى مسارات متكاملة وخيارات ذكية في تسيير الشؤون العامة. ويرى نفس الباحث أن البحث عن التغيير يقتضي اجتهادا من أجل خلق نماذج عصرية لترشيد الحكم "الذي لا بد أن يرتكز أساسا على لامركزية اتخاذ القرارات". ودعا المتدخل ذاته إلى ابتكار مقاربة عصرية وذكية والشروع في تجسيدها انطلاقا من تنظيم استشارات واسعة وشاملة بإشراك جميع القوى السياسية والاجتماعية الوطنية. ومن جانبه يرى المختص في علم الاجتماع حسن رمعون من جامعة وهران أن عصرنة ممارسات التسيير سبيل لتحقيق التغيير الذي يطمح إليه المجمتع. ودعا بالمناسبة إلى إطلاق "ربيع التفكير" للوقوف بشكل جاد ودقيق على مختلف المعوقات التي تحول دون إحداث التغيير الهادئ الذي ينشده الكثير من الجزائريين مبرزا أن النخبة الوطنية على غرار الباحثين والأكاديميين مطالبون بالمساهمة في انتاج وإيجاد النموذج العصري للتغيير. واعتبر الأستاذ رشيد تلمساني من جامعة الجزائر 3 أنه يتعين "قبل كل شيئ محاولة فهم وتحليل موقف الشباب ونوعية التغيير الذي يريدونه باعتبارهم الشريحة الكبرى في المجتمع". و أشار في هذا الصدد إلى أنه بالرغم من "حساسية " المسألة إلا أنه يتوجب "دراسة نوعية التغيير الذي يصبو اليه المجتمع قبل البحث عن الحلول". وكانت مديرة مركز البحث في الأنثربوبولوجيا الاجتماعية والثقافية لوهران نورية بن غبريط رمعون قد أعلنت عن الشروع قريبا في تجسيد برنامج بحث علمي حول إشكالية التغيير بالجزائر تحسبا لدمجها ضمن البرامج الوطنية للبحث. و يذكر أن هذا اللقاء الذي حضره عدد من الباحثين والأكاديميين الجزائريين من داخل وخارج الوطن قد عرف طيلة ثلاثة أيام تقديم مداخلات ونقاشات واسعة حول جدوى التغيير بالجزائر وأهدافه وأبعاده. وللإشارة فقد تم تنظيم هذه الندوة العلمية بالتعاون مع مركز البحث في الاقتصاد التطبيقي من أجل التنمية وجامعة منتوري بقسنطينة وهيئات أكاديمية أخرى.