ازداد الغموض حول مصير مالي على خلفية استقالة رئيس وزراء مالي الشيخ موديبو ديارا اليوم الثلاثاء وحكومته وسط الاعلان عن تأجيل موعد المشاورات الوطنية التي دعت اليها حكومته الانتقالية الى يوم غد الاربعاء في الوقت الذي اكدت فيه الاممالمتحدة على اهمية إستراتيجية مدمجة لاستتباب السلم في المنطقة. وبعد ساعات على قيام عسكريين باعتقال الشيخ موديبو ديارا ليلة الاثنين-الثلاثاء في منزله بالعاصمة باماكو بأمر من النقيب أمادوا هايا سانوكو المتزعم السابق للانقلابيين القى ديارا كلمة عبر الإذاعة والتلفزة الوطنية قائلا "أعلن أنا الشيخ موديبو ديارا وحكومتي عن الاستقالة". وكان اديارا قد اعلن مرارا عن تاييده تدخلا سريعا لقوة عسكرية دولية في شمال مالي فيما عارض سانوغو مثل هذا التدخل بشدة. وعقب استقالة ديارا نفى المتحدث باسم الانقلابيين السابقين باكارى ماريكو في تصريح صحفي ان تكون هذه التطورات في مالي تنذر بانقلاب بعد استقالة رئيس الوزراء اثر اعتقاله مؤكدا ان الرئيس ديونكوندا تراورى سيعين رئيس وزراء جديدا فى الساعات المقبلة. واتهم ماريكو السيد ديارا "بعدم التصرف كرجل ملتزم بواجبه ازاء الازمة فى مالى بل بموجب اجندة شخصية" . وكان من المقرر ان تجري اعتبارا من اليوم ولمدة ثلاثة ايام "المشاورات الوطنية" بين جميع الاطراف السياسية في البلاد . غير ان بيان لرئاسة الجمهورية المالية اعلن عن تاجيل هذه المشاروات التي تهدف الى وضع "خارطة طريق" للاشهر المقبلة بين جميع الاطراف السياسية والعسكرية الاجتماعية ومنظمات المجتمع الاهلي المنقسمة حيال الازمة وطريقة حلها. وتأتي هذه التطورات عقب الاجتماع الوزاري لأعضاء مجلس الأمن الدولي حول "الوضع في الساحل" امس الاثنين حيث اكد المجلس مجددا التزامه القوي بسيادة دول منطقة الساحل الافريقى وسلامتها الاقليمية واستقلالها السياسى ووحدتها . وفي هذا السياق صرح الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كي مون أمام مجلس الأمن أنه يتعين على المجتمع الدولي دعم الجهود من أجل إستراتيجية مدمجة في الساحل مؤكدا أن الوضع في مالي يندرج في سياق أوسع لأزمة شاملة وممتدة إلى كامل المنطقة. كما حذر الامين العام من أن ما يجري حاليا في مالي "يمكن أن يؤثر على كل المنطقة" وأن "الرد الفعال الذي ينبغي إعطائه يجب أن يهدف إلى رفع التحديات التي تهدد المنطقة كلها" . واضاف ان "كل المؤشرات توجد في الأحمر في منطقة الساحل" مشيرا إلى عدم الاستقرار السياسي و النشاطات الإرهابية و تهريب المخدرات و الأسلحة و كذا الظروف المناخية القاسية و هشاشة الاقتصاديات". و أوضح الأمين العام الاممي أن ضرورة تعزيز قدرة المنطقة على المقاومة تفرض "تنسيق جهود الأممالمتحدة و المبادرات الوطنية و التصورات الإقليمية". وذكر في هذا الصدد أن اللائحة 2056 المصادق عليها في جويلية الفارط من طرف مجلس الأمن "تعترف بضرورة إعداد إستراتيجية مدمجة في مالي قصد الاستجابة لكل جوانب الأزمة". وقال من جهته المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى منطقة الساحل رومانو برودي إنه لا يمكن أن تتم مباشرة هذه الإستراتيجية ما "لم تتم استعادة وحدة مالي" وهو الأمر الذي يفرض "تنظيم انتخابات حرة وشفافة" في أسرع وقت ممكن. اوضح رومانو برودي أنه لا يمكن فعل أي شيء طالما وحدة مالي لم تحقق بعد" داعيا الى "إطلاق على الفور مسار يسمح بتنظيم انتخابات حرة و شفافة حالما يتسنى ذلك". كما حدد أربعة محاور عمل تتمثل في السلم و الأمن و الاستقرار السياسي و المساعدة الإنسانية و التنمية على المدى البعيد. و بعد أن ذكر بالاتصالات التي أجراها مع قادة البلدان المعنية و اجتماع روما يوم الجمعة الماضي اعتبر السيد برودي أن النتيجة كانت "ايجابية جدا" و أن "التنسيق و الاندماج أضحيا ضرورة ملحة". كما أعلن أنه سيتوجه إلى المنطقة للمرة الثالثة خلال الأسبوع المقبل رفقة الممثل الخاص للامين العام في إفريقيا الغربية السيد سعيد جنيبت. وبشان البعد الانساني للازمة في مالي أعلن المفوض السامي لوكالة الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتريس في جلسة مجلس الأمن حول الوضع في منطقة الساحل إنه لا يمكن النظر إلى الأزمة مالي في معزل عما يجري في منطقة الساحل مشيرا إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار سياق المنطقة والتحديات الهائلة التي تواجهها بما في ذلك التغير المناخي وانعدام الأمن الغذائي والوضع الأمني المتدهور. وأكد أنطونيو غوتريس أن اتفاق كامبالا الذي وقع الأسبوع الماضي حول حماية ومساعدة النازحين الأفارقة والتي صادقت عليه دول إفريقية عديدة من بينها مالي يعد معلما هاما للحد من معاناة النازحين داخل القارة السمراء وحث جميع الأطراف الفاعلة في الصراع بما في ذلك قوة دولية محتملة على حماية الحيز الإنساني وكفالة وكالات الوصول دون عوائق إلى المتضررين السكان. و كان قادة ايكواس قد شددوا خلال قمة اسثنائية عقدت في 11 نوفمبر الماضي بابوجا (نيجيريا) على ان الحوار يبقى "الخيار المفضل" لحل الأزمة السياسية في مالي "قبل اللجوء إلى الخيار العسكري لاسترجاع شمال مالي من أيدي الجماعات المسلحة. واتفق قادة ايكواس على ارسال قوة عسكرية قوامها 3300 رجل الى شمال مالى تدعمها دول غربية على المستوى اللوجستى مع الابقاء الباب "مفتوحا امام الحوار".