تكتسي حركة عدم الإنحياز التي تحتضن الجزائر ندوتها الوزارية 17 أهمية بالغة على صعيد التوازنات الدولية بإعتبارها تجسد "قوة إقتراح" العالم النامي وعنصرا فاعلا في منظومة العلاقات الدولية المستقبلية. وانطلقت أشغال المؤتمر الوزاري 17 صباح يوم الإثنين بقصر الأمم بنادي الصنوبر على مستوى الخبراء تحت شعار "من أجل تعزيز التضامن وروح السلم والرفاهية" ليرتسم بذلك "كرسالة أمل وتجديد في إطار الوفاء للمبادئ الأفرو-آسيوية والخاصة بالعالم الثالث التي أسست من أجلها الحركة" حسبما أكده وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة خلال إفتتاحه لأشغال المؤتمر. كما يتصف هذا المؤتمر بكونه "قوة إقتراح وعمل للحركة" فيما يخص المسائل الدولية و خاصة المتعلقة بالأمن و السلم والتنمية وحقوق الإنسان و حماية البيئة و"الحوكة الشاملة" خاصة وأن الإستحقاقات الكبرى المطروحة على المدى المستقبلي للمعمورة "تضعنا أمام تحديات بعث و إصلاح النظام المتعدد الأقطاب من أجل حكامة عالمية تجمع بين البعد السياسي و الإقتصادي و المالي". ندوة الجزائر ستساهم في تفعيل دور دول الحركة على مستوى الهيئات الدولية وإذ يجدد أعضاء الحركة إلتزامهم الجماعي لمبادئها التأسيسية إذ أكد لعمامرة أن ندوة الجزائر الحالية "ستساهم في تعزيز العمل الجماعي لبلداننا من أجل تفعيل دورنا على مستوى الهيئات الدولية" مضيفا أن أشغال لجنتي السياسة و الإقتصاد ستكون بدون شك فرصة لطرح مقترحات بناءة و مبادرات مجددة تعطي لحركة عدم الإنحياز ثقلا على مستوى التوجهات و التحولات التي سيعرفها العالم في المستقبل. وشدد لعمامرة على أهمية التنسيق بين حركة عدم الإنحياز و مجموعة 77 مشيرا إلى ضرورة تعزيز مناهج العمل و الآليات الوظيفية للحركة منوها بمبادرة الجزائر الداعية إلى تنظيم إجتماع وزاري للجنة التنسيق المشتركة لحركة عدم الإنحياز و مجموعة 77 -عقب هذا المؤتمر- والتي من شأنها أن "تساهم في إعطاء دفع جديد لهذه الآلية المؤسساتية التشاورية الرامية إلى الرفع المعتبر لقدراتنا الجماعية في التفاعل مع شركائنا الدوليين". --الرهانات الدولية تحتم على الحركة أن تكون عنصرا "فاعلا و مستفيدا" في إعادة هيكلة العلاقات الدولية -- إن الآثار المختلفة للعولمة و التداعيات الكارثية للأزمة الإقتصادية و المالية و الآثار السلبية للتغييرات المناخية تظهر مكامن الخلل في النظام الإقتصادي العالمي ضف إلى ذلك الآفات العابرة للحدود على غرار الإرهاب التي إستفحلت في منطقة الساحل والهجرة غير الشرعية و التهريب و التي تهدد في معظمها السلم و الأمن الدوليين ما يحتم على الحركة أن تكون عنصرا "فاعلا و مستفيدا" في إعادة هيكلة العلاقات الدولية التي تطرح بحدة ضرورة الحفاظ على مصالح شعوبنا و الدخول في مرحلة نوعية جديدة من التعايش بين الأمم وفي الوقت الذي تعرف فيه العلاقات الدولية تغيرات عميقة تميزها الأزمات والصرعات ". وشدد لعمامرة على أنه "يستلزم على الحركة مضاعفة يقظتها و تطلعاتها لتكون عنصرا فاعلا في التغييرات التي يتوجب إحداثها و التوازنات الجديدة التي لابد من إقامتها". وبإعتبار الحركة "سلطة معنوية وسياسية" من أجل ترقية السلم والرفاهية في سياق التحولات التي تشهدها الساحة الدولية فإن المبادئ والأهداف التي تدافع عنها تعد "مراجعا تعيد هيكلة النقاش الدولي" حيث أوضح لعمامرة أنه "لولا وجود الحركة لكانت هناك العديد من الاضطرابات ولا افتقدت الكثير من المبادرات للتنسيق كما أنه كان سيصعب على العالم الثالث تقديم أرضيات مشتركة في التفاوض المتعدد الأطراف". وعليه فإن جملة القضايا المدرجة على أجندة الندوة ومن بينها مسائل الإرهاب و الجريمة العابرة للحدود و ظاهرة التسلح والهجرة غير الشرعية و كذلك ظاهرة معاداة الإسلام في أوروبا تعد من أهم القضايا التي تتطلب تنسيقا على أعلى مستوى بهدف تجنيب الشعوب النامية أخطارا تضاف إلى جملة المصاعب الي تعاني منها. كما ستتصدر القضية الفلسطينية و الأزمة السورية أجندة النقاش خاصة مع فشل المجتمع الدولي في إيجاد حلول لها حيث أكد لعمامرة أن ندوة الجزائر تعد "فرصة لتجديد إلتزام حركتنا بمساندة الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه الوطنية الثابتة و على رأسها إقامة دولته المستقلة و عاصمتها القدس الشريف". و بالمناسبة أعرب رئيس الدبلوماسية الجزائرية عن إرتياحه إزاء بقاء حركة عدم الإنحياز وفية لمبدأ التضامن مع الشعوب المناهضة للإحتلال بما ينسجم مع جهود منظمة الأممالمتحدة الرامية إلى إنهاء الإستعمار و ترقية الشعوب.