كلل "منتدى بانغي" للمصالحة الوطنية بتوقيع الأطراف المسلحة المتناحرة في إفريقيا الوسطى على "اتفاق سلام" لإنهاء أعمال العنف التي أودت بحياة آلاف الأشخاص وخلفت أزمة إنسانية غير مسبوقة في القارة. فقد وقعت على الاتفاق الذي من شأنه أن يضع حدا لأكثر من سنتين من النزاع بين عشرة جماعات مسلحة بعد أسبوع من انطلاق المنتدى الذي عرف مشاركة كافة أطياف المجتمع. وبناء على الاتفاق تعهد مقاتلو كافة الجماعات المسلحة بإنهاء الصراعات المسلحة في البلاد وأكدوا التزامهم بالتخلص من أسلحتهم والتخلي عن القتال المسلح كوسيلة لتحقيق مطالب سياسية والدخول في عملية نزع السلاح. وستدعم هذه العملية قوة حفظ سلام من الأممالمتحدة قوامها 10 آلاف فرد تنتشر هناك. وحسب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في جمهورية إفريقيا الوسطى بابكر غاي فإنه "لم يكن سهلا التوصل إلى الاتفاق فقد كان هناك تردد وتراجع من طرف مسؤولي الجماعات المسلحة حتى خلال التوقيع". وأعرب المسؤول الأممي عن أمله في أن تكون نية الأطراف الموقعة على الاتفاق "صادقة" وأن يكون قد تم طي الصفحة في إفريقيا الوسطى وسيتم الالتزام ببناء السلام تدريجيا. وكانت الفصائل المسلحة قد وافقت قبل أسبوع بالإفراج عن كافة الأطفال المجندين لديها وعن أطفال آخرين استغلوا في كرقيق. ومنذ الإطاحة بالرئيس فرانسوا بوزيزيه في مارس 2013 من قبل تحالف "سيليكا" - الذي ترك فيما بعد الحكم الذي تتولاه حاليا سلطات انتقالية - دخلت جمهورية إفريقيا الوسطى في أزمة غير مسبوقة إثر أعمال العنف التي اندلعت متمردي التحالف السياسي العسكري "سيليكا" (مسلم) وميليشيات "أنتي بالاكا" (مسيحية). وتساهم حاليا ثلاث (قوات فرنسية وأممية وأوروبية) في حفظ الأمن,غير أنها لم تنجح في إحلال السلام في كافة تراب إفريقيا الوسطى. وكانت اشغال "منتدى بانغي" للمصالحة الوطنية قد انطلقت في الرابع مايو الجاري ببانغي بمشاركة رئيس جمهورية الكونغو دنيس ساسو نجيسو الوسيط في أزمة. ومن بين التوصيات التي أقرها المنتدى الدعوة لوضع جدول زمني جديد للانتخابات بعد التشاور مع هيئة الانتخابات والحكومة الانتقالية والوسطاء الإقليميين والدوليين وكذا تمديد تفويض السلطات الانتقالية. ويمثل الاتفاق بارقة أمل للبلاد التي لها تاريخ تخللته عدة صراعات واضطرابات. -أزمة إنسانية غير مسبوقة بعد عامين من النزاع المسلح- تسببت أعمال العنف التي عاشت على وقعها دولة إفريقيا الوسطى خلال السنتين الماضيين في موجة نزوح غير مسبوقة داخليا ونحو دول الجوار وصفتها الهيئات الأممية ب"أكبر أزمة إنسانية في هذا العصر". فقد فر قرابة المليون شخص من منازلهم منذ اندلاع أعمال العنف في ديسمبر 2013 - حسب مفوضية شؤون اللاجئين الأممية - أكثر من 460 ألفا منهم يتواجدون في الدول المجاورة بينما تم إحصاء حوالي 436 ألف شخص مشرد داخليا. ووفقا لأرقام المفوضية الأممية فإن حوالي7ر2 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية في الوقت الذي تواجه فيه برامج المساعدة الإنسانية لجمهورية إفريقيا الوسطى وخطة الاستجابة الإقليمية للاجئين نقصا شديدا في التمويل. وأكدت منسقة الشؤون الإنسانية في بانغي كلير بورجوا في هذا الصدد أن التمويل الحالي لا يسمح لاستراتيجية الاستجابة الإنسانية بضمان حماية جميع هؤلاء المشردين أو توفير الحد الأدنى مما هو مطلوب لتلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة. وتسعى المفوضية الأممية وشركاؤها لتوفير مستوى كاف من المساعدة للاجئين في البلدان الأربعة المجاورة المتمثلة في الكاميرون وتشاد والكونغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية. ومن جهتها شددت المنسقة الإقليمية للاجئين ليز أهوا على ضرورة أن لا ينسى المجتمع الدولي جمهورية إفريقيا الوسطى وأن لا يسمح بتراجع المكاسب التي تم احرازها بسبب نقص التمويل والدعم. وتبقى آمال المجتمع الدولي معلقة على اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه كي يساعد على تحسين الوضع الأمني والإنساني في البلاد ويسمح بعودة آلاف المهجرين إلى منازلهم.