يبحث مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس الوضع في بوروندي التي ستدخل يوم 15 يوليو الجاري في انتخابات رئاسية مثيرة للجدل، وسط دعوات اقليمية و دولية بتاجيلها إلى 30 من نفس الشهر، بعد المقاطعة الواضحة التي عرفتها الانتخابات البرلمانية الاخيرة. وياتي اجتماع مجلس الامن في الوقت الذي يشهد فيه الوضع في بوروندي توترا غير مسبوق وسط مطالبة إقليمية و دولية واسعة بتأجيل الاستحقاق الرئاسي الى يوم 30 يوليو الجاري، هو الاقتراح الذي قوبل بالرفض من قبل حكومة بوجومبورا. دعوات اقليمية و دولية الى تشكيل حكومة وحدة وطنية زعماء مجموعة دول شرق أفريقيا الذين عقدوا الاثنين الماضي قمة بدار السلام (تانزانيا)، دعوا فيها إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية الى 30 يوليو الجاري، مشددين على أن "تشكل الحكومة الناجمة عن هذه الانتخابات من وحدة وطنية، ومن الذين شاركوا والذين لم يشاركوا في هذه الانتخابات، كما طالبوا أيضا بتعهد هذه الحكومة الجديدة بإحترام اتفاق "اروشا" وعدم تعديل الدستور. ودعا القادة الافارقة الى تعيين رئيس أوغندا يوري موسيفني في منصب مسهل للحوار، وذلك في الوقت الذي تم فيه استبعاد عبدالله باتيلي السنغالي من هذا المنصب. واتخذ القادة الافارقة قرارين أولهما نزع السلاح من المليشيات تحت سيطرة مراقبين عسكريين من الاتحاد الإفريقي وبعثة من دول البحيرات العظمى وذلك من أجل التحقق من مزاعم وجود متمردين من "القوات الديمقراطية لتحرير رواندا" في بوروندي. أثار هذا القلق حيال خطورة الحالة الأمنية والسياسية في بوروندي، حيث أدان مجلس الأمن بشدة جميع أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، وشدد على أهمية تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة. وكان مجلس الأمن قد رحب بالجهود الإقليمية الرامية الى معالجة الأزمة، داعيا بوروندي إلى المشاركة بشكل عاجل في حوار شامل للجميع إنطلاقا من "روح "اتفاقات "أروشا" والدستور. وطالب البيان بإعادة فتح قنوات وسائط الإعلام الخاصة وحماية حقوق الإنسان لا سيما حرية التعبير، والإفراج عن المعتقلين تعسفا في أعقاب المظاهرات، واحترام سيادة القانون، والتعجيل بنزع سلاح جميع الجماعات المسلحة المتحالفة مع الأحزاب السياسية. وكانت الولاياتالمتحدة قد دعت إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية في بوروندي، و نددت بتنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية الاثنين الماضي في هذا البلد معتبرة أن "شروط انتخابات نزيهة غير متوفرة". ونصح البيت الأبيض الرئيس بيار نكورونزيزا الذي ترشح لعهدة رئاسية ثالثة ب"وضع مصلحة المواطنين البورونديين فوق طموحاته السياسية الشخصية وإلى الانخراط في حوار من أجل حل يجب أن يشمل تأجيل الانتخابات إلى أن تتوفر شروط اقتراع حر ومنصف وسلمي". إلا أن بوروندى رفضت وساطة ثانى دبلوماسي تعينه الاممالمتحدة للتوسط فى حل الازمة السياسية فى البلاد معتبرة التقرير "الانتقادي" الذي قدمه الى الاممالمتحدة بشأن الانتخابات قد كشف انحيازه. وجاء رفض حكومة بوروندى وساطة عبد الله باثيلى الذى عين فى 21 يونيو الماضي ردا على تقرير للامم المتحدة قالت فيه ان بعثتها فى بوروندي "رصدت وجود تضييق على الحريات الاعلامية وعمليات اعتقال تعسفية وأعمال عنف في الأيام التى سبقت التصويت فى 29 يونيو". وحمل الحزب الحاكم فى بوروندى باثيلى مسؤولية هذا التقرير الذي "يحفل بالانتقادات ولا يعكس المشهد الواقعى و اعتبر الانتخابات 29 يونيو لم تكن حرة، وذات مصداقية"واتهمه با"لافتقار الى الحياد". مخاوف من تكرار سيناريو الانتخابات برلمانية واندلاع حرب أهلية جديدة تبقى المخاوف قائمة في بوروندي من ان يتكرر نفس سيناريو الانتخابات البرلمانية بالنسبة للرئاسيات التي تصر السلطات على تنظيمها في وقتها يوم 15 يوليو الجاري رغم الدعوات الإقليمية و الدولية بتأجيلها الى يوم 30 يوليو من نفس الشهر وأن تفرز التداعيات حرب اهلية جديدة . ويخشى بان تسود تفس الاجواء التي عرفتها الانتخابات البرلمانية في29 يونيو الماضي، بعد مزاعم التزوير، والمخالفات والعنف خلال العملية الانتخابية. ويرى مراقبون أن السلطات وقعت في الخطأ الذي وقت فيه معظم الدول التي قامت بها احتجاجات ضد السلطة، باستخدامها العنف ضد المتظاهرين والقمع مما يدل على أن الحكومة "تخشى المعارضة فتقوى بذلك شوكة المتظاهرين ويتطور الوضع الى حالة من العداء والحرب التي يجب ان يكون بها طرف فائز و اخر خاسر". ومن هذا المنظور يرى بعض المختصين ان السلطات البوروندية وقعت في خطأ، فبدلا من الانخراط في الحوار مع المعارضة والمجتمع المدني والمجتمع الدولي، اعتمدت على القمع الذي ولد الخوف وانعدام الأمن، ورفضت حكومة بوروندي الجلوس على طاولة الحوار عندما قادت الأممالمتحدة الوساطات لتخفيف حدة التوتر، و التوصل الى تسوية الازمة سلميا. يذكر أن الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقى لم يبعثا بمراقبيه للاشراف على الانتخابات، و اعتبرتا الظروف "ليست مهيأة لضمان نزاهة الانتخابات". وضع امني متدهور و تحذير من كارثة انسانية أمام حالة الانسداد التي تميز المشهد السياسي في بوروندي يبقى التوتر سيد الموقف حيث قتل ستة أشخاص خلال اشتباكات مع قوات الأمن بإحدى ضواحي جنوب شرق العاصمة البوروندية بوجمبورا، غداة اجراء الانتخابات المحلية. واستخدمت الشرطة القوة مع المتظاهرين مما أدى إلى مصرع خمسة منهم إلى جانب أحد أفراد قوات الأمن. و تفاديا للتدعيات الخطيرة لهذه الازمة الذي تشهدها البلاد منذ 4 اشهر، حذرت منظمة الأممالمتحدة للطفولة "يونيسف"، من أن الأطفال في بوروندي يعانون من عدم الاستقرار ومن أعمال العنف المرتبطة بالانتخابات، بما في ذلك مقتل ثلاثة أطفال في الأيام الخمسة الأخيرة، واضطرار العشرات منهم إلى الفرار من المدارس. وقال المتحدث باسم اليونيسف، كريستوف بوليراك، إن طفلا قتل نتيجة انفجار قنبلة يدوية في إقليم (مويينغا) ما يجعله الطفل الأول الذي يقتل خارج العاصمة بوجومبورا. وحسب موقع الأممالمتحدة فإن ثمانية أطفال إجمالا قتلوا منذ اندلاع أعمال العنف في بوروندي التي تعد احد أفقر البلدان في العالم، وواحد من أعلى البلدان في معدلات سوء التغذية". و دعت يونيسيف كل فئات المجتمع في بوروندي، ومن بينها الحكومة وقوات الأمن والعائلات، إلى حماية الأطفال وضمان أنهم لا يتعرضون لأعمال العنف أو الاعتقال التعسفي أو الاحتجاز غير القانوني.