" أدفغن إفركانين ادكشمن املالن" (الأيام السود تخرج الأيام البيض تأتي) بهذه الجملة التي تحمل فأل النور والوفرة في الخيرات تعلن ربة البيت بقرى منطقة القبائل عن اليوم الأول من العام " ايسف اوزقواز " أو يناير الذي يحتفل به يوم 12 جانفي. ويعد يناير بمثابة حفل يحمل عدة بشائر لانطلاق سنة جديدة خصبة. "يستبدل فيه كل ما هو قديم في المسكن وتحضر وجبة غذائية خاصة" حسبما أكده الكاتب دريسي كمال في محاضرة نشطها حول يناير بدار الثقافة مولود معمري في إطار احتفالات إحياء العام الأمازيغي الجديد. ولاستقبال يناير الذي يعني في اللغة الأمازيغية اليوم الأول (ين) والشهر الأول (اير) تبدأ النساء في العمل ليلة هذا اليوم بالقيام بطقوس معينة وتحضير وجبة العشاء وتقديمه في الحادي عشر من الشهر وفطور الصباح ووجبة الغذاء في اليوم الموالي وهو أول يوم العام. وبولاية تيزي وزو فإن الطبق الأساسي المعد في كل المنازل ليلة يناير هو بلا منازع طبق الكسكسي المعد بمادة القمح مشبع بمرق الدجاج وبسبع خضر. ويستثنى سميد الشعير هذا اليوم لأن لونه أسود ويرمز إلى وجبة الفقير. ويواصل العديد من العائلات بالقرى التضحية بالديك الذي تمت تربيته خصيصا لهذا اليوم. أما الذين لا يستطيعون ذلك يلجؤون إلى شراء الدجاج من المحلات. وبمدن تيزي وزو وذراع بن خدة وتادميت بدأت العائلات عند الصباح الباكر على التوافد على الأسواق ومحلات أخرى للتمون بمختلف المواد الغذائية الضرورية لتحضير وجبة العشاء. وإن اختيارها ليس عن طريق الصدفة حيث أن الديك يرمز إلى ميلاد الضوء والحبوب الوفرة والرخاء بالأطباق التي تحضر يوم يناير في وجبة الصباح من مختلف العجائن. كما تشتري بعض العائلات الفواكه الجافة والحلويات لتحضير "التراز" أو "الدراز" والذي كان يتكون في وقت مضى من 13 نوعا من الحلويات ومنها اللوز والزبيب والتين المجفف التي تهدى للأطفال حسبما لوحظ على مستوى مساحة تجارية لمقر الولاية. ويجب ألا يكون الطبق المقدم لإحياء يناير حارا أو مالحا جدا أو حامضا وفقا لشهادات تم جمعها من كبار السن الذين أكدوا أنه لا ينبغي إتمام الصحن بل ترك قليل من الطعام إشارة إلى الشبع والوفرة وكذا لحارس المنزل العبقري "عساس بوخام". وقالت مالحة بن براهيم -وهي متخصصة في التاريخ الشفهي بجامعة تيزي وزو في عمل خصص لإحياء يناير فيما مضى- عندما كانت العائلات تسكن في منازل تقليدية قديمة كانت المرأة تغطي الجدران بمادة الجير التي ترمز إلى الضوء نظرا لبياضه اللامع و تقوم بتغيير الحجارة الثلاث التي تكون بمثابة ركائز المنزل وتنظف المنزل لتطهيره من الحشرات ورشه برائحة لطيفة. كما أضافت أنه كانت تقوم بملء الجرر الفخارية الكبرى التي كانت تستعمل لتخزين بعض المواد الفلاحية ( حبوب التين المجفف...) بالحبوب تحسبا لفصل الشتاء أملا في تحقيق محصول وفير للعام الجديد. وبغرض استرجاع إحدى المظاهر الهامة لهذا الحفل قررت مديرية الثقافة لتيزي وزو تفعيل كرنفال " أيراد" (الأسد) الذي كان يحتفل به أيضا بمنطقة القبائل. وسيتم تنظيم هذا الكرنفال غدا الثلاثاء وسيبدأ الإستعراض من ساحة شجرة الزيتون ليصل إلى دار الثقافة مولود معمري حيث تقام "الوعدة " التقليدية ليناير يقدم فيه إطعام جماعي للمواطنين.