حذرت الخارجية الفلسطينية من "الطروحات التطبيعية" للاحتلال الإسرائيلي المبنية على حساب القضية الفلسطينية ومسار السلام في الشرق، في الوقت الذي يصر فيه الاحتلال على المضي قدما في انتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته وممتلكاته. فقد دعت وزارة الخارجية الفلسطينية أمس الاثنين العرب إلى "الحذر" من طروحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو "التطبيعية" الداعية إلى تقدم علاقاتها مع العالم العربي، مؤكدة أنه يسعى من خلال ذلك إلى توجيه رسائل "سياسية" إلى أكثر من جهة (...). كما يحاول -اضافت الخارجية الفلسطينية- الترويج بأن السلام من خلال البوابة الإقليمية ما زال ممكنا وذلك بهدف قطع الطريق على جهود السلام الدولية وإعطاء الانطباع أنه يبحث عن فرص ومخارج تسمح بعودة المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية من خلال البوابة العربية وهو بالتالي يعكس إطار تنفيذ مبادرة السلام العربية ويخرجها عن شكلها الحالي باعتبار أنها تعرض علاقات تطبيع بين الدول العربية وإسرائيل. وحذرت الخارجية الفلسطينية من "خطورة هذا التوجه الإسرائيلي، كونه يدعو للتطبيع مع العالم العربي، بينما تعمل حكومته وأذرعها المختلفة على تمديد عمر الاحتلال وتهويد الأرض الفلسطينية وضرب مقومات وجود دولة فلسطينية ذات السيادة". ويسعى نتنياهو - حسب الخارجية الفلسطينية - إلى "تعزيز من ما يدعيه عن علاقات إسرائيلية-عربية على حساب القضية الفلسطينية، دون أن يكون هناك رابط بين هذا وإنهاء احتلاله لأرض دولة فلسطين أو وقف نشاطاته الاستيطانية التهويدية وسرقته للأرض الفلسطينية ووقف اعتداءاته المتواصلة ضد القدسالمحتلة والمقدسات، وهدم المنازل والإعدامات الميدانية". الاحتلال ماض في مخططاته الاستيطانية وسياسته التعسفية وبالرغم من الدعوات الدولية المتواصلة لوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، باعتباره العقبة الأساسية أمام مفاوضات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية، يصر الاحتلال على المضي قدما في مخططاتها الاستيطانية وسياسته القمعية بحق الفلسطينيين. فقد أعلنت مؤخرا ما تسمى ب"اللجنة المحلية للتخطيط والبناء" الإسرائيلية على بناء 90 وحدة استيطانية في جنوب غرب مدينة القدس، ضمن 1700 وحدة استيطانية كانت سلطات الاحتلال قد نشرت عطاءات لها قبل عدة أشهر. ومن جهة أخرى يواصل الاحتلال الإسرائيلي ممارساته القمعية بحق الفلسطينيين حيث دمرت آبار لمياه ومداخل شقق سكنية في مدينة الخليل بجنوبالضفة الغربية. كما كشف تقرير صادر مؤخرا عن مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة "أوتشا"، أن الاحتلال هدم في 12 و13 يوليو الجاري 23 مبني في المنطقة (ج) في بلدة عناتا وتجمع شمال عناتا البدوي المجاور والقدس الشرقية مما أسفر عن تهجير 43 شخصا من بينهم 25 طفلا. وفي نفس السياق رفضت محكمة إسرائيلية في 7 يوليو التماسا ضد عملية هدم عقابية لمنزل فلسطيني من قباطية بجنين اعتقلته قوات الاحتلال في 2015. وقد دعت وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) السلطات الإسرائيلية إلى إنهاء "إجراء الهدم العقابي". وتم خلال الفترة من 5 إلى 11 يوليو الجاري أيضا، إغلاق عدة محاور طرق تصل بين قرى وبلدات فلسطينية في محافظة الخليل، بعد الإغلاق الشامل الذي فرض في 2 يوليو مما نتج عنه تعطل قدرة الوصول ما يقرب من 40 ألف فلسطيني إلى الخدمات وأماكن كسب العيش بصورة كبيرة. وبالإضافة إلى سياسة الهدم والاستيطان، تشن قوات الاحتلال اعتقالات يومية تطال عشرات الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية وبلداتها بحجج وذرائع متعددة. حل الدولتين أساس الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط أكد المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف أنه بدون حل الدولتين، فإن الشرق الأوسط يواجه "العنف الدائم" وأن هناك فرصة ضئيلة جدا من أجل عودة سريعة إلى محادثات السلام. واعتبر أن حل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني هو "أمر بعيد المنال" أكثر من أي وقت مضى وأن الوضع يقترب من نقطة اللاعودة، خاصة مع تواصل البناء الإستيطاني الإسرائيلي. وفي هذا الصدد، شدد ملادينوف على ضرروة بعث مفاوضات للسلام من جديد لوقف العنف في الأراضي المحتلة واستتباب الأمن في منطقة الشرق الأوسط ككل. وبدوره أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أمس الإثنين، أن حل الدولتين يعتبر الركيزة الأساسية للأمن والسلام والإستقرار في الشرق الأوسط. وأوضح أن حل الدولتين على أساس حدود 1967، وبما يضمن إقامة دولة فلسطين المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل، وحل قضايا الوضع النهائي كافة وعلى رأسها قضية اللاجئين والأسرى، إستنادا لقرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، يعتبر الركيزة الأساسية للأمن والسلام والاستقرار في المنطقة، ونقطة البداية لهزيمة الإرهاب والتطرف. كما شدد عريقات على ضرورة العمل مع فرنسا لعقد مؤتمر دولي للسلام كامل الصلاحيات، لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، وضمن جدول زمني محدد للمفاوضات، وآخر للتنفيذ مع إطار دولي لمتابعة التنفيذ. وذكر بأن أي عملية سلام ذات مغزى يجب أن تضمن وقف كافة النشاطات الاستيطانية وبما يشمل القدسالمحتلة وتنفيذ أمين للاتفاقات الموقعة، والإفراج عن الدفعة الرابعة لأسرى ما قبل اتفاق أوسلو عام 1993. وكانت العاصمة الفرنسية باريس قد استضافت في 3 يونيو الماضي اجتماعا وزاريا دوليا شارك فيه 25 وزير خارجية دولة بينهم 4 دول عربية للتشاور لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. وعقد الاجتماع بناء على مبادرة أعلنتها فرنسا قبل شهور تستهدف عقد مؤتمر دولي يبحث إيجاد آلية دولية لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي استنادا إلى رؤية حل الدولتين. ومن المقرر أن يلتقي الرئيس محمود عباس بنظيره الفرنسي فرانسوا هولاند في باريس يوم الجمعة المقبلة للتحضير لعقد مؤتمر دولي للسلام قبل نهاية العام الجاري. وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في النصف الأول من عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية من دون أن تسفر عن تقدم لإنهاء النزاع المستمر بينهما منذ عدة عقود.