أحيا سكان مختلف قصور ميزاب بغرداية ليلة الجمعة إلى السبت الإحتفالية الدينية الخاصة بالمولد النبوي الشريف النابعة من عبق التقاليد الإجتماعية العريقة في أجواء مليئة بالألوان والطقوس المتميزة. هذه الإحتفالية التي ترمز إلى مدى تعلق سكان المنطقة بعاداتهم الأصيلة، يصنع مشاهدها المتنوعة شباب بالغون الذين يرتدون لباسا أبيضا موحدا (عباءة وقبعة) يتبعونهم صغار وهم يجوبون في جموع غفيرة الشوارع الضيقة لهذه القصور القديمة في أجواء تسودها تأملات ونفحات روحانية وهم يرددون قصائد دينية في مدح خير البرية عليه أفضل الصلاة والسلام. وفي هذه الأجواء الروحانية التي تسودها قصائد في مدح خاتم الأنبياء والمرسلين ، يتدفق مئات من الأطفال وهم في أبهى لباسهم التقليدي لقصور القرارة وبريان ومليكة والعطف وبني يزقن وغرداية على أزقة تلك القصور العريقة بين صلاتي المغرب والعشاء وهم يرددون أهازيج محلية تسمى بالأمازيغية ( إزلوان) ابتهاجا لميلاد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم ، قبل أن يلتحقوا بالمسجد الذي يقع بأعالي القصر لحضور الحفل الديني الخاص بالمولد النبوي الشريف. وتفرض هذه العادة على العروس الجديدة أن تقيم لفترة لدى والديها قبل حلول ليلة المولد النبوي الشريف ، حيث تعود مجددا إلى بيت الزوجية وقد ظهرت بنفس اللباس التقليدي الذي كانت قد ارتدته ليلة الزفاف ، ويسمى بحفل العودة الذي غالبا ما يتم على وقع أصوات الدف والزغاريد التي تصدح بها قريباتها. وتعد مناسبة المولد النبوي الشريف لدى الغرداويين فرصة لإحياء السهرة المولدية من خلال تلاوة القرآن الكريم وترديد مدائح نبوية ، وموعدا كذلك لتذكير المؤمنين بمنهاج النبوة ، من خلال استذكار أعمال النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، والتضرع إلى المولى عز وجل أن يغدق السلم والإطمئنان على هذا البلد. كما أنها تشكل فرصة أيضا ، وحسب ما تفرضه التقاليد والأعراف الأصيلة لجمع شمل الأسرة الكبيرة ، وقضاء أوقاتا عائلية ممتعة في أجواء من التآخي وصلة الرحم، مع تحضير الطبق التقليدي "الكسكسي بالتمر ( أوشو تيني) والذي يعد طبقا رئيسيا في هذه المناسبة العظيمة ، وعادة ما يكون مصحوبا بسينية الشاي الأخضر ترافقه صحون من الفول السوداني.