وافق مجلس الأمن الدولي, يوم السبت, بعد طول انتظار و جدال, على تعيين الدبلوماسي من سلوفاكيا, يان كوبيتش, مبعوثا دوليا جديدا إلى ليبيا, الذي سيكون أمام مهمة حساسة, أهمها الحفاظ على مستوى التوافقات الأمنية والاقتصادية و السياسية التي تم التوصل إليها حتى الآن, آخرها التوافق حول آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة. وتم تعيين كوبيتش خلفا للمبعوث السابق غسان سلامة, بعد اعتذار البلغاري نيكولاي ملادينوف عن قبوله المنصب نهاية ديسمبر الماضي, وبعد استقالة غسان سلامة, تولت الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني ويلياميز, مهام المبعوث الأممي بالإنابة, والتي قامت بتشكيل ملتقى جامع للحوار الوطني الليبي, نجح في تحديد موعد للانتخابات العامة في البلاد يوم 24 ديسمبر 2021, وكذلك وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسات الاقتصادية. وفور استقالة سلامة طالبت عدة دول بتعيين مبعوث أممي, غير أن الأممالمتحدة عجزت على تعيين مبعوث جديد خلفًا لسلامة طيلة السنة الماضية, حيث طالبت إفريقيا بأن ينتقل المنصب إلى شخصية إفريقية, وهو ما عارضته الولاياتالمتحدة التي فرضت على شركائها تقسيم مهمات المنصب إلى قسمين: مبعوث سياسي ورئيس بعثة الأممالمتحدة. وكوبيتش هو دبلوماسي سلوفاكي عمل أمينا عاما لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بين 1999 و2005, ثم وزيرا لخارجية سلوفاكيا بين 2006 و2009, كما أنه ترأس البعثة الأممية في أفغانستان 2011 و2015, ثم ترأس البعثة الأممية في العراق 2015 و2018, وفي عام 2019 عمل منسقا خاصا لدولة لبنان. وخلال مهمته الأخيرة في لبنان, اشتهر كوبيتش بخطابه الصريح والمباشر, وانتقاده للقادة اللبنانيين بشكل صريح وشديد جدا, واتهامهم بتعطيل التوافقات. وستكون من مهامه في ليبيا استكمال مسارات الحوار الدائرة الآن بأنواعها السياسية والاقتصادية والعسكرية, حتى يتم تشكيل حكومة موحدة ومجلس رئاسي مصغر, ثم توحيد باقي المؤسسات العسكرية والمالية. وهناك تحديات وعقبات عديدة أمام المبعوث الأممي الجديد كوبيتش (68 عاما) أهمها الحفاظ على مستوى التوافقات التي تم التوصل إليها إلى الآن, حتى يتم التوصل إلى حل نهائي وشامل للأزمة المتواصلة في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في فبراير 2011. اقرأ أيضا : ليبيا: تقدم في الحوار السياسي إثر تحديد آلية وموعد التصويت على السلطة التنفيذية الانتقالية من الجانب الأمني سيكون على كوبيتش تثبيت وقف إطلاق النار الذي وقعه طرفا النزاع في أكتوبر الماضي, ضمن مباحثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في مدينة جنيف السويسرية تحت رعاية الأممالمتحدة. وكان الأمين العام الأممالمتحدة أنطونيو غوتيريش, حدد مؤخرا حزمة من الخطوات التي وصفها ب"الضرورية" من أجل التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في ليبيا, والدور الذي يمكن أن تؤديه البعثة الأممية في هذا البلد مستقبلًا. ووفق غوتيريش , يحتاج وقف إطلاق النار الدائم في ليبيا, إلى أن "يكون مقبولًا من الليبيين وأن يكون هناك اتفاق على طرق تنفيذه, إلى جانب دعمه من الجهات المعنية الإقليمية والدولية, وتقييد الدول الأعضاء بحظر توريد الأسلحة, وضرورة تهيئة الظروف الأمنية لنشر آلية رصد وقف إطلاق النار, إلى جانب إجراء إصلاحات في قطاع الأمن واتخاذ مبادرات للتسريح ونزع السلاح وإعادة الإدماج وتوحيد الجيش والشرطة من جديد وتسريح الجماعات المسلحة". سياسيا, سيكون على المبعوث الجديد تمهيد الطريق أمام نجاح الحوار السياسي الليبي و الحفاظ على التوافقات التي تم التوصل إليها حتى الآن خاصة بعد أن توصل أعضاء اللجنة الاستشارية المنبثقة عن الحوار الليبي الى توافق نهائي حول آلية اختيار السلطة التنفيذية الجديدة و توزيع المناصب, على ان يتم التصويت عليها غدا الاثنين و ذلك بعد اربعة أيام من النقاشات بجنيف, وهو ما قد يمهد الطريق لانفراج في المسار السياسي للأزمة الليبية. وفي ذات السياق أكد عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي, عبد القادر احويلي في تصريحات صحفية, أن تأثير تعيين مبعوث جديد "يتوقف على النتائج, فإذا كان هناك تقدم في التوافق, سيستمر بما تم إنجازه, وإذا كان هناك انسداد سيغير المبعوث الجديد خطة العمل". واستبعد في تصريحات له "بقاء المبعوثة الحالية بالإنابة ستيفاني نائبة للمبعوث الجديد, خاصة أنها لم تحصل على تمديد, بالرغم من مطالبة أكثر من 40 عضوا من ملتقى الحوار السياسي لمجلس الأمن بالتمديد لها حتى استكمال مهام الملتقى", وفق معلوماته. وأضاف "من المؤكد أن يحدث تغير في سياسة عمل البعثة بعد تعيين مبعوث جديد, لوجود فروق فردية في طريقة إدارة العمل, لكن للأسف تتجه الأممالمتحدة منذ المبعوث الرابع من سيء إلى أسوأ, وهذا المبعوث الثامن إلى ليبيا, إذا حسبنا فترة ويليامز". في حين رأت عضو هيئة صياغة الدستور الليبي, نادية عمران, في تصريحات صحفية أنه "إذا كان المبعوث الجديد معتدلا ومتابعا للشأن الليبي بدقة ولديه الرغبة الحقيقية في إحداث تغيير إيجابي, يمكن أن ينجح في حلحلة العقدة الليبية, مشيرة إلى أن "المبعوث الجديد سيستمر بالعمل وفقا لما تم إعداده مسبقا, والأمر مناط بمدى توافق اللجنة الدستورية خلال اجتماعات القاهرة المقبلة, وكذلك بما سيحدث في لجنة الحوار هذا الشهر". وأضافت "أما بخصوص مستقبل ويليامز, فمن المتوقع أن تستمر مساعدة للمبعوث الجديد", وفق تقديرها. للإشارة فإن موعد الانتخابات الوطنية في ليبيا يوم 24 ديسمبر 2021 يبق أمراً ثابتاً بالنسبة إلى بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا, وهو مبدأ إرشادي وهدف لا يمكن التخلي عنه.