يمثل كرنفال " ايراد " من أبرز مظاهر وتجليات احتفالات السنة الأمازيغية "يناير" بتلمسان ومن الممارسات الفنية الفرجوية العريقة التي ماتزال تحافظ على خصوصيات هذا الموروث الثقافي اللامادي الوطني الضارب في عمق التاريخ ، حسبما أكدته الباحثة في علم الآثار والتراث سميرة امبوعزة. و أشارت الباحثة ومديرة مركز الفنون بتلمسان في تصريح ل/واج أن احتفالية "الأيراد" (الأسد بالامازيغية) من أهم مظاهر احتفالات السنة الأمازيغية بتلمسان وابرز تجليات الممارسات الفنية العريقة التي تميز فضاء منطقة بني سنوس والخميس وغيرها من المداشر و القرى بولاية تلمسان والتي ماتزال إلى اليوم تحافظ على هذا الموروث اللامادي والنسق الطقوسي الضارب في عمق التاريخ ذوي القيمة الاجتماعية والرمزية. و حسب الباحثة امبوعزة، تتمثل أسطورة الايراد وهو موسم احتفالي سنوي يرتبط بالأساطير الشعبية والذاكرة المتوارثة شفويا في كرنفال يتمثل في عرض احتفالي مسرحي يصبو إلى تحقيق الفرجة، يؤدي فيه مجموعة من الأشخاص دور الأسد واللبؤة وحيوانات أخرى يضعون أقنعة جلدية و أجزاء من اغصان الأشجار وينتهي العرض بولادة الشبل الصغير وهو دلالة على القوة والخصوبة وتجدد الحياة كما يحمل العرض دلالات اجتماعية للتكافل والتعاون. إقرأ أيضا: كرنفال يناير بين جذوره التقليدية وآفاق العصرنة وذكرت ذات المتحدثة أن كرنفال" ايراد " إلى جانب كونه أسطورة شعبية وطقوس فهو موروث ثقافي ثمين يعكس قيم الارتباط بالأرض والطبيعة والخصوبة الفلاحية حيث ارتبط الاحتفال بالسنة الأمازيغية لدى الأمازيغ باعتقادهم أن من يحتفل بيناير سيحظى بسنة سعيدة ناجحة وفيرة الإنتاج مبرزة أن "الاحتفال يختلف من منطقة إلى أخرى حسب النمط المناخي والجغرافي". كما تزخر الاحتفالات بولاية تلمسان بمظاهر احتفالية أخرى في اطار احياء السنة الأمازيغية فإلى جانب "الايراد" هناك احتفالية " عجوزة الناير" وكذا "غنجة " حيث تقوم فتيات لا يتعدى سنهن 12 عاما بطرق أبواب بيوت القرية والأحياء حاملات ملعقة كبيرة تزين بلباس كالعروس وهن يهتفن " غنجة عروس النو" و " بوغنجة فرك رأسك ياربي تروي ناسك" ليجمعن مختلف المواد الخاصة بإعداد طبق من دقيق وزيت وطماطم يتم بعدها طبخ حساء يوزع على الجميع ويتضرعون بعدها إلى الله لينعم عليهم بالرزق والخير" ، يبرز ذات المصدر. وافادت السيدة امبوعزة، أن عيد "يناير" يقترن بالتاريخ المشترك لمناطق الجزائر عموما، وأساسا التاريخ الأمازيغي ومدى تعلق الجزائريين بهذه الاحتفاليات والعادات والتقاليد لترسيخ قيم الارتباط بالأرض . وأضافت أن الأمازيغ في كل ربوع الجزائر وبلدان المغرب العربي يحتفلون بيناير باعتباره الشهر الاول في رزنامة السنة الأمازيغية الجديدة إيذانا ببداية السنة الزراعية فيما تتشكل مصطلح يناير من جزئين الأول " يان " ويعني بداية والثاني" آير" ويعني شهر، تبرز ذات المصدر. وأضافت، أن هناك من يرجع الاحتفال بيناير تاريخيا إلى الارتباط الوثيق بالأرض باعتباره بداية السنة الفلاحية مشيرة إلى أن رأس السنة الأمازيغية لا تتعلق باحتفال ديني أو تعبدي وأوضحت أن أغلب طقوس الإحتفالات برأس السنة الأمازيغية مرتبطة بالأرض والفلاحة ولها أساطير وروايات شعبية تستند إليها على غرار عجوزة الناير و غنجة. الجزائر تزخر بموروث ثقافي مادي هو جزء من الهوية يعكس عراقة الجزائر يجب الحفاظ عليه وجمعه وتثمينه ودراسته لأنه يعكس هويتنا وخصوصياتنا الثقافية بين الأمم. وأشارت المتحدثة أنه بمناسبة إحياء السنة الأمازيغية برمج مركز الفنون والثقافة لتلمسان، عديد النشاطات والورشات الحية التي تحاكي مختلف العادات والتقاليد الشعبية ومعارض للحرف والصناعات التقليدية والأكلات الشعبية والزرابي والفخار إلى جانب عرض مسرحيات للأطفال ومداخلات و معرض فني تشكيلي للفنان فتحي حاج قاسم حول أساطير يناير في الذاكرة الشعبية الجزائرية وطقوسها فضلا على معرض للصور حول البرنوس الجزائري.