تتواصل حالة الاحتقان التي يعيشها الشارع المغربي بسبب الزيادة الصاروخية في الأسعار, سواء تعلق الأمر بالمواد الغذائية أو المحروقات, مما يعكس فشل حكومة عزيز أخنوش في حل الأزمة الاجتماعية الحادة التي تتخبط فيها المملكة وتبخر الآمال التي عقدها على محاولاته إسكات الاصوات الغاضبة, عبر الاعلان عن لقاءات و اجتماعات بالنقابيين والمهنيين. ومن صور هذا الفشل, رفض نقابات الصحة التابعة للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية, لاتفاقية اخنوش والتي تم ابرامها الأسبوع المنصرم بحضور رئيس الحكومة ووزير الصحة خالد آيت الطالب وخروجها منها عبر استقالات جماعية, حسب الصحافة المحلية. فقد أكدت النقابات أن هذا "الإتفاق الفارغ لا يرقى لتطلعات عموم الممرضات والممرضين", بل هناك من اعتبر الأمر "خيانة" لهذه الفئة و تآمرا عليها, حيث أن الإتفاق يخدم أجندة الحكومة ولا يراعي مطالب هذه الشغيلة, يضيف نفس المصدر. ودعت هذه النقابات إلى إضراب وطني لثلاثة أيام بداية من نهار غد الاربعاء مع إنزال مركزي بالرباط في الثاني والثالث من أيام الإضراب. من جانب آخر, فشل وزير النقل واللوجستيك المغربي, محمد عبد الجليل, في إقناع النقابات بالعدول عن الإضراب العام المقرر ابتداء من 7 مارس احتجاجا على غلاء أسعار المحروقات. وكشفت تقارير محلية ان النقابات رفضت لقاء وزير النقل الذي تتهمه بإقصائها في اجتماعه الاسبوع الماضي بنقابات النقل التابع للاتحاد العام لمقولات المغرب, بالاضافة الى عدم طرح حلول جدية للازمة الخانقة التي يعرفها القطاع بمختلف أصنافه. ويتخبط مهنيو النقل في مشاكل كبيرة, جراء الارتفاع المهول لأسعار المحروقات وتأثيرها المباشر على توازناتهم المالية مما أدى بالعديد منهم إلى إشهار إفلاسه. وذكرت تقارير محلية ان تلميح الناطق الرسمي باسم الحكومة, الخميس الماضي, إلى امكانية ارتفاع أسعار المواد الأساسية أكثر, وفي ظل الغلاء الفاحش للعديد من المنتجات والمواد الأساسية التي يقبل عليها المغاربة بكثرة, "توحدت فرق المعارضة البرلمانية بمجلس النواب من جديد لمواجهة الحكومة". وطالبت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب, رئيس المجلس رشيد الطالبي العالمي, بضرورة عقد اجتماع مشترك بين لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب, ولجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين, على خلفية هذا الغلاء. ويواجه رئيس الحكومة المغربية جبهة أخرى من الصراع, جراء إقصائه لنقابات من التمثيلية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي, وهو الموضوع الذي علق عليه عبد الله بوانو, رئيس المجموعة النيابية لحزب "العدالة والتنمية", حيث قال أن الحكومة "أصدرت مرسوما في جنح الظلام, أقصت من خلاله جهارا نهارا نقابتين من النقابات العمالية المشهود لها بالحضور النقابي في البلاد, بحجة عدم حصول إحداهما على التمثيلية في القطاع الخاص, والأخرى في القطاع العام". كما وصف الأغلبية الحكومية الحالية ب"أغلبية التحكم والهيمنة والاستحواذ على المؤسسات". و أكد على ان هذا الوصف "ليس من فراغ أو مجرد انطباع, و إنما وصف لحقيقة على الأرض, تؤكدها الأحداث والقرارات المتتالية". و أشار بوانو في تدوينة على فايسبوك أن "الأغلبية بسطت هيمنتها على مجالس الجهات والجماعات, بمنطق تحكمي لا علاقة له بالاتفاق والتنسيق المشروع بين أحزاب الأغلبيات, ودبجت ميثاقا سطت من خلاله على مؤسسات وهيئات ينظمها الدستور, ومنها رئاسة مجلس النواب". وكانت الحكومة صادقت مؤخرا على مرسوم يتعلق بتشكيلة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي, أظهر "إقصاء" كل من نقابتي الفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد الوطني للشغل. وجاء إبعاد النقابتين رغم أن نقابة الاتحاد الوطني للشغل لديها تمثيلية في القطاع الخاص تصل إلى 6 في المائة, وهي النسبة المطلوبة للتمثيل في المجلس, كما أن الفدرالية لديها نسبة تمثيلية في القطاع العام تصل 6 في المائة. وكان الآلاف من أبناء الشعب المغربي خرجوا في الايام الأخيرة للاحتجاج على ارتفاع الأسعار, وتدهور القدرة الشرائية بسبب هذا الغلاء, كما تعالت الأصوات المحتجة للمطالبة برحيل عزيز أخنوش عن قيادة الحكومة بعد فشله في ايجاد حلول للحفاظ على القدرة الشرائية للمغاربة.