توالت يوم الأحد، الدعوات المحلية و الدولية، لطرفي النزاع في السودان (الجيش و قوات الدعم السريع) لوقف اطلاق النار و العودة الى طاولة المفاوضات لحل القضايا العالقة بالطرق السلمية، عقب المواجهات المسلحة التي اندلعت بينهما منذ يوم السبت بالعاصمة الخرطوم و مناطق أخرى في البلاد، مخلفة عشرات القتلى و الجرحى بين مدنيين وعسكريين. و حسب بيان للجيش السوداني, فإن "عناصر من قوات الدعم السريع هاجمت السبت عدة معسكرات للجيش في الخرطوم ومناطق متفرقة في البلاد". و أعلنت "قوات الدعم السريع" من جهتها "سيطرتها الكاملة" على القصر الجمهوري وبيت الضيافة ومطارات الخرطوم ومروي والأبيض, كما قامت بإغلاق محيط الإذاعة والتلفزيون بمدينة أم درمان, فيما نفى الجيش السوداني صحة تلك الأخبار, مؤكدا أنه "يؤدي واجبه في حماية السودان". و تبادل الجانبان اتهامات بالتسبب في اندلاع شرارة الاشتباكات على خلفية خلافات بين القوتين العسكريتين بدأت منذ يوم الأربعاء الماضي في منطقة مروي شمال السودان, بعد أن نقلت قوات الدعم السريع آليات عسكرية إلى موقع قريب من القاعدة الجوية العسكرية للجيش هناك, وهو ما اعتبره هذا الأخير "تحركا غير قانوني". اقرأ أيضا : السودان: قلق عربي و دولي خشية تدهور الأوضاع في البلاد و مطالب لضبط النفس و كانت خلافات عميقة برزت مؤخرا بين القوتين العسكريتين في السودان, وخاصة ما يتعلق بدمج قوات الدعم السريع في الجيش, والمنصوص عليه في "الاتفاق الإطاري" الموقع بين المكونين العسكري والمدني في الخامس من ديسمبر الماضي. و حسب مصادر طبية سودانية, فقد أسفرت تلك المواجهات المسلحة التي جاءت عقب فشل مساعي الحوار, عن مقتل 56 مدنيا وإصابة 595 شخصا, من بينهم عسكريون. و أمام هذه التطورات المقلقة, دعت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان أصدرته اليوم الى "تغليب صوت العقل والوقف الفوري لإطلاق النار العبثي" والذي راح ضحيته أبرياء مدنيون, و الى فتح ممرات آمنة لإجلاء المحتجزين والعالقين والمصابين لإسعافهم. كما دعت "قوى الحرية والتغيير" الموقعة على "الاتفاق الإطاري", طرفي النزاع إلى "تغليب صوت الحكمة ووقف المواجهات العسكرية فورا والعودة لطاولات التفاوض", مؤكدة أن "القضايا العالقة لا يمكن حلها بلغة السلاح والخيار الأفضل لبلادنا هو معالجتها سلميا عبر الحلول السياسية". بدورها, ناشدت "القوى المدنية السودانية", التي وقعت اتفاقا مبدئيا لتقاسم السلطة مع الجيش و "قوات الدعم السريع", الجانبين إلى "وقف العدائيات فورا وتجنيب البلاد شر الانزلاق لهاوية الانهيار الشامل, و تحقيق تسوية لهذه الأزمة ترضي كافة الأطراف". الحوار، السبيل الوحيد لحل الخلافات على الصعيد الدولي, أجمعت ردود الفعل على ضرورة الوقف الفوري للعداءات في السودان و اتخاذ الحوار سبيلا لحل الخلافات تفاديا لمزيد من تفاقم الوضع. و كانت الجزائر بصفتها الرئيس الحالي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة, من بين الدول السباقة لدعوة الاطراف السودانية إلى وقف الاقتتال وتغليب لغة الحوار لتجاوز الخلافات. و قد عبرت الجزائر عن "بالغ القلق ازاء تطورات الأوضاع في جمهورية السودان الشقيقة بعد الاشتباكات الخطيرة والمواجهات بالأسلحة الثقيلة التي تم تسجيلها في العاصمة الخرطوم بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع وما تخلفه من خسائر في الأرواح والممتلكات", ودعت جميع الأطراف السودانية إلى "وقف الاقتتال وتغليب لغة الحوار لتجاوز الخلافات مهما بلغت درجة تعقيدها", وفق ما جاء في بيان لرئاسة الجمهورية. من جهتها, عبرت "حركة مجتمع السلم" عن قلقها "الشديد" ازاء التطورات "المؤسفة للأحداث الدامية في دولة السودان الشقيق", و دعت الأطراف المتقاتلة إلى وقف إطلاق النار, حقنا للدماء في هذا الشهر الفضيل وتجنيب البلد حربا أهلية ستكون لها تداعيات ليس على السودان فحسب بل على المنطقة ككل". اقرأ أيضا : الجزائر تدعو الأطراف السودانية إلى وقف الاقتتال وتغليب لغة الحوار كما دعت الحركة الى العودة "السريعة والعاجلة" إلى طاولة الحوار, "كونه الوسيلة الأنجع والطريق الأسلم لحل الخلافات, مع ضرورة توسيع الحوار ليشمل كل الفرقاء وإعادة الكلمة للشعب السوداني لاختيار حكامه وممثليه", و ناشدت الطرفين المتنازعين, حماية المدنيين. جامعة الدول العربية شددت هي الأخرى على "أهمية العودة السريعة إلى المسار السلمي لحل الأزمة السودانية, والتأسيس لمرحلة جديدة تلبي طموحات وتطلعات الشعب السوداني وتسهم في تعزيز الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي". و حذر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين, في بيان صدر اليوم الأحد عقب دورته غير العادية بشأن مناقشة التطورات بالسودان, من خطورة "التصعيد العنيف" الذي تشهده البلاد, داعيا الى ضرورة "الوقف الفوري لكافة الاشتباكات المسلحة حقنا للدماء وحفاظا على أمن وسلامة المدنيين ومقدرات الشعب السوداني ووحدة أراضيه وسيادته". بدوره, حث مجلس الأمن الدولي, جميع الأطراف في السودان إلى وقف الاقتتال "فورا" و استعادة الهدوء والعودة إلى الحوار لحل الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد, حسب مركز إعلام الأممالمتحدة. و ضم الاتحاد الافريقي صوته "بعد أن خرجت الأمور عن السيطرة بشكل خطير وساد اللجوء إلى العنف المسلح كوسيلة لحل النزاعات السياسية", حيث وجه رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي, موسى فقي, "نداء عاجلا لكافة الأطراف, القوات المسلحة وقوات الدعم السريع على وجه الخصوص, من أجل الوقف الفوري لتخريب البلاد وإثارة الذعر في صفوف السكان وسفك دماء الأبرياء في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك". و أعلن مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الافريقي عن عقد جلسة طارئة اليوم الاحد حول الوضع السياسي والأمني في السودان. كما دعت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا (إيغاد) التي يعد السودان عضوا فيها, الأطراف السودانية المتحاربة إلى الوقف الفوري للقتال وتهدئة الوضع وحل خلافاتهما من خلال الحوار. و في الصين, التي "تتابع عن كثب آخر تطورات الوضع في السودان", عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية عن أمل بلاده في "أن يكثف طرفا الأزمة, الحوار و أن يمضيا قدما بشكل مشترك في عملية الانتقال السياسي", و دعا إلى إنهاء القتال في أقرب وقت ممكن ومنع تصعيد التوترات.