وضع إعلان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة حدا لتسعة أشهر من الجمود السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية في مارس الماضي بسبب الخلافات بين الكتل السياسية العراقية الرئيسية مما أثار ترحيبا دوليا واسعا حيث اعتبرها المجتمع الدولي "خطوة نحو مصالحة وطنية حقيقية". وقد تمكن رئيس الوزراء العراقي المكلف نوري المالكي من اعلان تشكيلته الحكومية قبل انتهاء المدة الدستورية بثلاثة أيام والتي تنتهي في 24 ديسمبر الجاري بعد شهر من تكليفه من قبل الرئيس العراقي جلال طالباني في 25 نوفمبر الماضي بتشكيل الحكومة باعتباره ممثل الكتل النيابية الأكبر. وبعد تسعة أشهر من الفراغ السياسي منح مجلس النواب العراقي يوم الثلاثاء ثقته للحكومة الجديدة التي طال انتظارها والتي سيتولى فيها المالكي بالوكالة الحقائب الوزارية الأمنية الثلاث الداخلية والدفاع والأمن الوطني. وتضمنت التشكيلة الوزارية 41 وزارة من بينها 13 وزارة دولة بالاضافة الى ثلاثة نواب لرئيس الوزراء ليبلغ عدد الطاقم الحكومي 45 شخصا. وشغل رئيس الوزراء ونوابه وبعض الوزراء حقائب عشر وزارات بالوكالة لحين التوصل لاتفاق بين الكتل على الشخصيات التي ستتولى مسؤولية هذه الوزارات. وبعد أن نالت حكومة الوحدة الوطنية ثقة مجلس النواب العراقي سارع المجتمع الدولي في الترحيب بذلك حيث اعتبر مجلس الأمن الدولي ان هذا "القرار يعكس رغبة الشعب العراقي التي أعرب عنها في الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من مارس الماضي ونشجع القادة على الاستمرار في العمل من أجل تأسيس عراق موحد وديمقراطي وفيدرالي يرتكز الى حكم القانون واحترام حقوق الانسان". وجدد التزامه بوحدة الأراضي العراقية وسيادتها واستقلالها واستقرارها مؤكدا على أهمية استقرار وأمن العراق من أجل صالح شعبه والمنطقة والمجتمع الدولي. كما رحب أمين عام الاممالمتحدة بان كي مون باعلان تشكيل الحكومة العراقية الجديدة ووصف هذا الاجراء بأنه "خطوة رئيسية قدما تجاه التقدم الديمقراطي" بالبلاد. بدوره، رحب الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم بإقرار مجلس النواب العراقي لتشكيلة حكومة المالكي بعد تسعة أشهر من الخلاف السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية في شهر مارس الماضي معتبرا أن منح الثقة للحكومة الجديدة هو "خطوة كبيرة نحو تعزيز الوحدة الوطنية في البلاد". وهنأ من جهته الاتحاد الأوروبي في بيان صادر عن الممثل الأعلى للسياسية الخارجية والأمنية الاوروبية كاثرين أشتون جميع الاطراف السياسية بعد أن توصلت إلى هذا الاتفاق " الذي يعد آخر فصل مهم في العملية الديمقراطية في العراق" وأثنت على جميع المعنيين لما أظهروه من روح للتوافق وللمساعدة في دفع قدما بهذه العملية. وفي ألمانيا أكد وزير الخارجية جيدو فيسترفيليه أن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة واتفاق زعماء الاحزاب "يشكل خطوة نحو مصالحة وطنية حقيقية تنهي العنف وتعمل على بناء العراق الحر" معتبرا أن "المصالحة الوطنية في العراق ستعمل على تعزيز وحدة الأراضي العراقية وهزيمة الارهاب". واعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ من جهته أن مصادقة البرلمان العراقي على الحكومة الجديدة برئاسة نوري الملكي "سيعزز الاستقرار في العراق ويسمح للقادة السياسيين بالعمل معا لما فيه مصلحة بلدهم وشعبهم" داعيا الحكومة الجديدة إلى التركيز على "حل القضايا الاقتصادية والسياسة والأمنية الملحة التي لا تزال تواجه العراق". من جهته، بعث رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون برسالة تهنئة لنظيره العراقي أعرب فيها عن سعادته بهذه المرحلة الجديدة لتعزيز وحدة واستقرار وديمقراطية العراق مشيدا بما أبداه مجمل القادة العراقيين من إحساس بالمسؤولية وتغليب للصالح الوطني. وأكد فيون مجددا للسلطات والشعب العراقى مساندة فرنسا الكاملة وتعاونها وصداقتها للعراق واستعدادها لدعم الجهود العراقية الملحوظة لإعادة البناء وتعزيز الاستقرار ولكي يستعيد العراق كامل مكانته على الساحة الإقليمية والدولية. وأكدت من جانبها تركيا عن التزامها بدعم جهود الحكومة العراقية الجديدة لحل المشاكل الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الشعب العراقي مضيفة أن تشكيل الحكومة استنادا على الإجماع الوطني سيساهم في الجهود المبذولة من أجل الاستقرار والديمقراطية. وينتظر أن تعقد الحكومة العراقية الجديدة في وقت لاحق اليوم أول اجتماع لها برئاسة رئيس الوزراء نوري المالكي لمناقشة أولوياتها وفي مقدمتها مسألة تثبيت الأمن وملف تطوير العلاقات الخارجية حسب ما أفاد علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي.