بعد مرور عشر سنوات كاملة على زواجهما، أقدم الزوج على الطلاق والزواج من امرأة ثانية، الزوجة بالطبع لم تهضم الأمر، حدث شجار بينهما، ضرب، شتم، وسب إنتهى أمام المحكمة، لتتحول الزوجة إلى ضحية والزوج إلى متهم، بين الإثنين يوجد طفل يصارع مرضا خبيثا (السرطان) ·· تلكم هي القضية التي عرضت، يوم الخميس، أمام حكمة الشراقة العاصمة· أقسمت المرأة الضحية أنها لن تهدأ إذا تم تأجيل قضيتها لثالث مرة، ومن حسن حظها حضر المتهم (زوجها السابق)، وقفا معا أمام هيئة المحكمة، الضحية تقول أن المتهم ضربها ضربا مبرحا، وأنها لحد الآن لا تزال تعاني من آلام حادة على مستوى الرقبة، تتحدثت بصوت هادئ، وعن عشر سنوات قصتها معه، وحين جاء دور المتهم، أشار إلى أن وقائع القضية تعود إلى يوم استلام الضحية لورقة الطلاق، حيث قال أن زوجته السابقة لم تدخل المنزل إلا بعد الساعة العاشرة ليلا، وقال ''عندما سألتها أخبرتني أنها كانت عند الجارة''، يضيف أنه حاول الاقتراب من إبنه، فنهرته بقوة، وحاولت ضربه وخنقه ولم يكن أمامه غير ترك البيت وأخذ الولد معه، ليترك حسب أقواله الضحية، في حالة من الهستيريا، هنا تتدخل رئيسة الجلسة، ضربت زوجتك؟! المتهم ''هي من وحاولت فعل ذلك وانقضت عليّ'' ·· الضحية تهز برأسها لنفي ذلك، ونحن على ذلك الحال أحيلت الكلمة لمحامي المتهم، الذي تحدث عن الزوجة والأقوال المسيئة التي أطلقتها في حق موكله، وكيف تشاجرت معه وكسرت أشياء كثيرة في البيت·· إلى أن جاء دور محامي الزوجة الذي كيّف دفاعه حسب وقائع القضية، حيث أشار إلى أن اتهام موكلته من قبل زوجها بشتمه وإسماعه كلاما سيئا غير مؤسس، كون الشجار حدث داخل البيت ولا أحد كان شاهدا، ووجد تصرف موكلته عاديا، ناجما عن شدة غضبها من الضرر الذي ألحقه بها زوجها الذي لم يكفه الإقدام على تطليقا، والزواج من ثانية ليمد يده على إنسانة عاشرته عشر سنوات كاملة· إلى حد هنا ظلت المرافعة عادية جدا، دفاع كل من الزوجة والزوج يحاول حسم القضية لصالح موكله، لكن تدخل محامي الزوجة المفاجئ غيّر مجرى الوقائع، نعم المحامي أدار الجلسة لصالحه عندما قال، ''يا سيدتي القاضية، تمنيت من صميم قلبي أن لا يصل الإثنان إلى هذا المكان، إنهما والدان لإبن مريض يصارع من أجل البقاء، هو طفل في التاسعة من العمر، مصاب بالسرطان''·· يشعر الحاضرون في القاعة رقم 2 بقشعريرة ·· ''يا سيدتي الرئيسة'' يواصل المحامي، ''في البيت الزوجان فكرا في توفير الأتعاب والمصاريف القضائية لعلاج إبنهما، الذي يبقى بأمس الحاجة إلى هذا المال الذي سنتقاضاه أنا وزميلي'' ·· هنا تتدخل رئيسة الهيئة ''إن القانون يخول لك التخلي عن أتعاب القضية، وحقك في التقاضي والتنازل عن المال الذي ستقدمه لك الضحية نظير أتعابك''· المحامي يرد ''نعم، أعلن أنني لن آخذ من موكلتي دينارا واحدا''· إنها حالة مأساوية إنتهى إليها مطاف الزوجين اللذين ربما نسيا أن لهما طفلا مريضا، بحاجة ماسة إليهما· وربما قد يكون تصرف ذلك المحامي في أعلى درجات الإنسانية عندما أشار إلى الأعباء المالية التي يصرفونها على المحامين بسبب شجار وخصام حدث بينهما كان جدير بهما صرفه على علاج إبنتهما الذي لا ذنب له فيما يحدث ·· إلتمست النيابة عاما حسبا نافذا على المتهم، لكن رئيسة الجلسة أجلت النطق بالحكم النهائي إلى 18 من الشهر الحالي· غادرت الضحية القاعة رفقة محاميها، مبتسمة، إبتسامة نأمل أن تبقى على وجهها لمساعدة إبنها·