حلّت المناسبة التي ينبغي أن يعرف فيها الجزائريون ما إذا كانت بلادهم قد تخطت المرحلة الخطيرة للارهاب، لقد آن الأوان أن تصدر الحصيلة الأمنية في الجزائر، أو على الأقل، لقد أشرفت الجزائر على أن تطل على بر الأمان· ومن المرتقب أن تكون حصيلة المصالحة الوطنية، المنبر الذي سيعلن منه عن نتائج مكافحة أجهزة الأمن لظاهرة الارهاب لفترة قاربت الخمسة عشر سنة، ونتائج المؤسسات الإدارية التي تدارست ملفات المأساة الوطنية، حتى يظهر ذلك موافقا للتصريحات والمعطيات الرسمية، إذ قال الأمين العام لجبهة التحرير الوطني أنه لا أثر لحالة الطوارئ في الجزائر إلا في العاصمة مع إجراءات منع المظاهرات والمسيرات وما دون ذلك في الولايات لا يحس المواطنون بأن الجزائر تحت هذه الحالة· ويقول وزير الداخلية يزيد زرهوني أن الجزائر استعادت عافيتها بشكل أكبر بكثير، وأن الأمان أصبح مضمونا بشكل شبه كامل في كل ربوع الوطن، وتطوق قوات الأمن من جهتها هي الأخرى بقايا الارهاب الموجودين بمنطقة القبائل الذين صعبت عليهم التحركات مع تسجيل فشل ذريع على المستوى الإعلامي في الفترة الأخيرة، بعد فشل حملة التجنيد التي أطلقتها الجماعة السلفية للدعوة والقتال، وبالموازاة مع ذلك يعيش ما تبقّى من خارجين عن القانون وضعية ريبة وشكوك كبيرة بسبب الانقسامات الداخلية على خلفية النظرة المستقبلية للتنظيم الارهابي وسبل مواصلته سياسة الاستماتة اليائسة· ومن عوامل ضرورة تقديم حصيلة مكافحة الارهاب، تصاعد المطالبة بتقنين حالة الطوارئ في الجزائر من قبل المنظمات الحقوقية التي جعلت هذه الأخيرة تحس بالانتعاش الأمني الذي لا ينبغي أن تتوازى معه حالة الطوارئ، فذهب البعض إلى اقتراح مشروع قانون عبر البرلمان من أجل تحديد زمني لها، يتضمن رسالة ضمنية حول عرض حصيلة مكافحة الارهاب لإقرارها أن الوضع لم يعد تماما مثلما كان عليه في التسعينيات، هذا فضلا عن اعتراف معظم التشكيلات السياسية بأن الجزائر خرجت من عنق الزجاجة الأمني· إن انتقال السلطات في البلاد إلى ملف الفساد مثلما قال الرئيس بوتفليقة، أنه بعد الارهاب تأتي المحاسبة على الفساد، تدل على أن الجزائر على الأقل في دوائر السلطة تجاوزت نظريا وفعليا مرحلة الأزمة الأمنية، وهي دلالة كافية على قرب عرض الحصيلة، لكن تبدو القناعات لدى الجهات المعنية بالعرض مغايرة، ربما لكونها تريد تأكيد الانتصار على كافة المستويات وبضمان نسبته مائة بالمائة لتلك المعارك التي قادتها·· التريث ذكاء وحكمة، لكن العرض قفزة وطفرة لنضال دولة من أجل الرجوع إلى المنظومة الدولية وبقوة مثلما هي المحاولات جارية على قدم وساق·