استقبل الفلسطينيون في قطاع غزة المحاصر قافلة المساعدات الجزائرية استقبالا قد تعجز الكلمات عن وصفه، فرح تستشعره في كل عبارات من التقينا بهم، إذ يؤكدون أنه مع دخول كل وفد جديد يستشعرون أنهم غير منسيين وأن هناك من يسعى لفك الحصار الظالم عنهم، بل إن كثيرا منهم يؤكد على أن فلسطينيغزة يستمدون الأمل والصبر والإيمان لمجرد إدراكهم أن هناك من يناصر قضيتهم· وقد حظي الوفد الجزائري باستقبال مهيب من طرف السلطات الرسمية بالقطاع، على اعتبار أن كبار الشخصيات كانت في استقبالهم منذ أن وطأت أقدامهم معبر رفح من الجانب الغزي، وخُص وفد القافلة الجزائرية باستقبال خاص من طرف رئيس الوزراء في قطاع غزة، اسماعيل هنية في بيته بمخيم الشاطئ، المعروف أنه مخيم فلسطيني 48 المهاجرين للقطاع، وهو مخيم ما زالت تقطنه مئات العائلات الفلسطينية الفقيرة· جاء هذا الاستقبال في منزل رئيس الوزراء بعدما أكد أنها زيارة أشقاء، فلا بد لها أن تكون بما يليق بهم، وقد كانت ل ''الجزائر نيوز'' فرصة التحاور مع ''أبو العبد'' حول القضايا الأنية، بما فيها مساندته للفريق الجزائري في المونديال· بداية الحوار كانت بكلمات أراد من خلالها اسماعيل هنية الإشادة بالقافلة الجزائرية والسلطات الجزائرية· في البدء لا بد من كلمة شكر لكل من يناصر القضية الفلسطينية شعبا وحكومة، ونقول أن هذا ليس بالغريب على الجزائر التي طالما كانت خير عون لقضيتنا العادلة، وقد كنا نسمع من إخواننا الفلسطينيين ممن قصدوا بلدكم مدى حب الجزائريين وتعلقهم بفلسطين، إذ ما تزال حاضرة في أذهاننا العبارة الخالدة للراحل بومدين، تدوي فينا، ''نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة''· وكما قلت مساندة القضايا العادلة أمر محسوم بالنسبة لمن دافع عن هويته ودينه مثلما هو الحال مع الجزائر، ونحن في الجزائر متأكدين من عزم الجزائر والجزائريين على دعم القضية الفلسطينية، وبودي أن أعبر عن تقديرنا للشعب والدولة الجزائرية لكل ما يقام من تظاهرات وفعاليات نصرة للقضية· كما عاد للحديث عن المشاركة الجزائرية في أسطول الحرية وتبعات هذا الاعتداء، لعل آخر دلائل تعلق الشعب الجزائري بقضيتنا تواجد أكثر من ثلاثين جزائريا على متن أسطول الحرية، المعتدى عليه من طرف العدو الصهيوني، وكم فرحنا لسماعنا خبر إطلاقهم بخير وعودتهم سالمين لبلدهم، وقد اتصلت بالأخ الذي أصيب في عينه جراء الاعتداء السافر وشكرت الله على سلامته· وجود النساء والشباب الجزائري في السفينة دليل على هذه المحبة وهذا الشوق الذي نبادلهم إياه، ونحن نعتقد أنه يمكننا استغلال هذا الاعتداء للمطالبة بفك الحصار الظالم على القطاع، فقد شهدنا وسمعنا في الفترة الأخيرة من يسعى لتحويل النقاش لتسيير الحصار بدلا من فكه، وهو في اعتقادنا محاولة لتسييس المشكلة بدلا من حلها، هذا ما نرفضه على اعتبار أن لدينا مطلب واحد وهو رفع حالة الحصار على هذا الشعب الذي لا يطالب بغير رفع عزلته ومحاصرته· هذه هي معركتنا إلى أن ينتهي هذا الحصار الذي يدوم منذ أربع سنوات· نحن نسمع أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى لإجراء تحقيق إسرائيلي حول الاعتداء، وهو من وجهة نظرنا محاولة للإنفلات من العدالة الدولية، لكننا اليوم عازمون على قادة الاحتلال، وهو ما نسعى اليوم للقيام به· العالم يشاهد كيف أنه عبر عواصم العالم هناك لجان تتشكل لمتابعة المعتدين في فرنسا، بريطانيا وألمانيا، هذه الدولة التي طالما عاشت على وقع الخوف من الاصطدام باللوبي اليهودي وقضية المحرقة· الكثير من المبادرات تجاوزت هذا الخوف وباتت تقاوم بالوثائق بشاعة جرائم الاحتلال الصهيوني، وهو ذات ما نسعى للقيام به من خلال توثيق جرائم الحرب وعملية الإبادة التي تنتهجها السلطات الاحتلالية· للأسف أننا تعودنا على أن تدوين المجازر دون توثيقها توثيق قانوني يمكن استعمالها في القضايا والدعاوى القضائية، وهو ما سعينا لتفاديه، كانت البداية من تقرير غولدستون، بالإضافة إلى جريمة الأسطول، علينا رفع الصوت واتخاذ الإجراءات القانونية وألا نصمت· الاعتداء على الأسطول الذي تحدثتم عنه أفرز قناعة لدى المواطن العربي بالعودة القوية للدور التركي في المنطقة مقابل التراجع العربي؟ ما نلاحظه اليوم الاهتمام التركي بالقضية الفلسطينية على المستوى الرسمي والشعبي، فعلى المستوى الشعبي كشف التواجد الكبير للإخوة الأتراك مدى تعلقهم بقضيتنا تماما كما تؤكد تصريحات وخطابات رئيس الوزراء التركي الطيب أردوغان هذا الاهتمام والتعلق· فقد أثبت أن تركيا ''يمكنها أن تدير ظهرها لقضيتنا، فكان منه أن أكد على شرعية حركة حماس وأنها حركة منتخبة ديمقراطيا وأنها حركة تحرر وطني وليست منظمة إرهابية· أما عن الدور التركي، فنحن مع تكامل الأدوار، نحن لا نعتقد بتدويل الدور العربي بالتركي، فالدول العربية لها قوة وتأثير موازن في المنطقة، سيما إذا حولنا الإرادة الشعبية لقرارات سياسية فاعلة، نحن مع تكامل الأدوار مع الإسلامية العربية التركية ونعتقد أنه ستكون لها أثار جيدة على القضية الفلسطينية والإسراع برفع الحصار عن الشعب الغزي· بعيدا عن الاعتداء علق الخبراء ومتتبعو الملف الفلسطيني على أنها الفرصة لعودة الحديث عن المصالحة الوطنية؟ نحن في حركتنا نعتقد أن المصالحة هي خيار ثابت، هي استراتيجية وقرار اتفقت عليه الحركة في الداخل والخارج، ونحن ممن يرون أن استمرار الانقسام الفلسطيني ضار لقضيتنا وندعو لمصالحة حقيقية، لكن هناك عقبات تتمثل في الفيتو الأمريكي الذي لا يريد المصالحة إلا وفقا لشروطها وإلى أن تستجيب حماس لشروطها دون ذلك لا يقبلون بشيء، ولا يشجعون أبو مازن للتوصل إلى مصالحة· للأسف أن الإخوة في رام الله واقعون تحت ضغط هذا التأثير لما يتلقونه من مساعدات مالية وغيرها· أما العقبة الثانية هي مسألة تشدد مصر ورفضها تفهم ملاحظات حركة حماس وسيما أنها ملاحظات جوهرية· الإخوة في مصر رافضون الاستماع لهذه الملاحظات· كما أن هناك عقبة تمثلها السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث تستمر في اعتبار حماس حركة خارجة عن القانون وتستمر في حملات اعتقال أعضاء من الحركة في الضفة الغربية، لدينا مئات من الإخوة في السجون، كما يتم غلق المؤسسات التابعة للحركة، هذه الأجواء لا تسمح بخلق جو للمصالحة، حيث هناك رغبة في تكريس الانقسام، مثلما يؤكده تنظيم انتخابات المجالس البلدية في الضفة الغربية دون قطاع غزة· لذلك نعتقد أنه من أجل بلوغ مصالحة وطنية تكتسب صفة الديمومة لا بد من تحرير القرار السياسي الفلسطيني ثم الاستماع لملاحظات حركة حماس والبحث لنا عن مخرج مشرف جميعا، ثم أن تخلق السلطة في رام الله المناخ اللازم لهذه المصالحة· نحن نؤكد أننا في حركة حماس مع المصالحة الوطنية، هذا قرارنا، فنحن في مؤسسات الحكومة لا نتباحث ولا نتناقش هل نريد مصالحة أم لا، فنحن نريد المصالحة، لكن كيف تكون هذه المصالحة· فقد سبق لنا إجراء مصالحة، مثلما حدث مع مصالحة مكة بعد شهرين أو ثلاثة، نحن نبحث عن مصالحة دائمة مستقرة· ماذا عن الأصوات التي تسعى لاتهام الحركة والحكومة في المساهمة بمواقفها في تكريس الحصار؟ في الواقع لا يمكنني تفسير ولا فهم هذا الطرح، حماس حركة جهاد ومقاومة ظلت بعيدة عن الممارسة السياسية لمدة 15 سنة ثم تدخلت أطراف كثيرة فلسطينية وعربية، كما تولدت لنا القناعة لدى الحركة للمشاركة في الانتخابات، فازت بثقة الشعب، ثم بعد ذلك حصل انقلاب على إرادة الشعب داخليا وخارجيا، لنجدهم يفرضون على الحركة شروط الاعتراف بالدولة الصهيونية، نبذ المقاومة والالتزام بالاتفاقيات التي أمضتها منظمة التحرير الفلسطينية، وهي التي أقرت للاحتلال بأكثر من سبعين في المائة من أرض فلسطين واعترفت بالدولة الإسرائيلية، يريدون أن نعترف بهذه الاتفاقيات، وحين رفضت حماس ذلك، رفضنا خيانة أمانة الشعب الفلسطيني، لذلك وقع على حركتنا ظلم تاريخي، حماس قدمت كل شيء، بل إننا اقتربنا من الخطوط الحمراء حين تعلق الأمر بالمرونة في مواقفنا من أجل فك الحصار ومن أجل مصلحة شعبنا، غير أنهم لم يرغبوا بكل ذلك، هم يريدون كسر الحركة ولا شيء آخر· نحن نرى اليوم أن استراتيجية الصبر وإدارة الحصار بحكمة ومرونة مع الربط بين الثابت والمتغير بين المرحلي والاستراتيجي هي استراتيجية ناجحة، استراتيجية العدو هي الفاشلة، نعتقد أن قلاع الحصار بدأت تتهاوى، فزيارات الوفود الجزائرية، الإخوة العرب، أمين عام جامعة الدول العربية وغيرها من الوفود الأجنبية شكل من أشكال كسر الحصار· في اعتقادي أن حركتنا واقعة تحت ظلم كبير بما فيها ماكنة الاعلام التي تعمل على صناعة خبر لهز كيان الحركة· الهجوم على حركة حماس يبدأ برام الله ويمر بتل أبيب ويصل للأسف لبعض الدول العربية قبل أن يصل للبيت الأبيض الأمريكي، نتعرض لهجمة فقط لأنها لا تريد أن تتنازل عن أرض فلسطين وتحمي كرامة هذا الشعب، سقط الجميع فيريدون لنا أن نسقط معهم· وللأسف حتى المفاوضات لم تحصد شيئا بعد مرور 18 سنة، من أسسوا للمفاوضات مع الكيان الصهيوني يعترفون اليوم بفشل المفاوضات، الدكتور صائب عريقات ألف كتابا أسماه ''الحياة مفاوضات''ويعترف فيه بفشل المفاوضات، نحن في الحركة باقون على معتقداتنا نحن باقون على الرغبة في تحرير الأراضي المحتلة، ونأسف للعالم الذي بات يسير بمعيارين حين تطبق ديمقراطية تلائمه يحترمها وحين لا تأتي على هواه ينقلب عليها· حصار غزة اعتبره بمثابة الكاشف لأكاذيب الغرب، فقد جرت انتخابات نظيفة وشفافة ومع ذلك انقلب الكل عليها، فأي المعايير يطبقها هذا الغرب··· الله أعلم؟ إسماعيل هنية من مناصري الخضر ويثمن رفع الرايات الفلسطينية في جوهانسبورغ أكد إسماعيل هنية في حديثه مع وفد قافلة المساعدات الجزائرية أنه يتابع بين الحين والآخر أخبار الفريق الجزائري، على اعتبار ممثل العرب والمسلمين الوحيد في المونديال، مشيرا إلى أنه تابع الأخبار التي تشير إلى أن المشجعين الجزائريين قرروا رفع الأعلام الفلسطينية في ملعب جوهانسبورغ في مباراة ضد الولاياتالمتحدةالأمريكية، مشيرا إلى أنها بادرة خير من شأنها لفت الأنظار للوضع في القطاع وللقضية·