في الأيام الأخيرة، فرضت صورة المعلق الرياضي البارز حفيظ دراجي نفسها علي، مثل شبح يطل علي بين الحين والآخر، وقد وضعت نفسي مكانه، وحاولت أن أشعر بما يشعر به من إحباط ويأس، وهو يتابع ويعلق على مباراة الجزائر وسلوفينيا، وتذكرت كيف جف ريقه والتهبت حنجرته وهو يعلق بزهو على مباراة الجزائر وكوت ديفوار في أنغولا، والحقيقة أن الدراجي، وهو زميل وصديق عزيز، ضغط علي بكل ما يملك من قوة دون أن يدري ولا قصد منه، وأحسست بشعور غريب وأنا أقرأ مقاله الأسبوعي في مجلة ''سوبر'' الإماراتية، المجلة الرياضية الكبيرة التي يكتب لها أيضا الوزير السابق الأستاذ عز الدين ميهوبي منذ سنوات طويلة· شعرت بالفخر وأن أقرأ مقال المعلق الكبير في ''سوبر''، فقد استل قلمه، بعدما جف حلقه والتهبت حنجرته و''تتمرمط'' حسب قولهم، وقد زغردت نساء بعض هؤلاء عندما سجل الهدف ضد فريقنا وصاح رجالهم في نفس اللحظة بالهتافات والشعارات، مع سلوفينيا، حقا شعرت بالفخر، فقد صال المعلق الشهير وجال على صفحات المجلة مثل فارس كبير، كاتب كبير ومؤثر، حتى خيل إلي ولغيري من القراء بكل تأكيد، أن هذا الشاب تخرج من مدارس الصحافة المكتوبة، وليس من استيديوهات التلفزيون الجزائري· سألته مرة في مكتبه بمبنى التلفيزيون في شارع الشهداء، عندما كان رئيسا للقسم الرياضي ومديرا للأخبار، عن السبب الذي جعله يبقى في الجزائر، رافضا العروض المغرية التي جاءته من قنوات تلفزيونية كبيرة، في الدوحة ودبي وطنجة، فأجابني بطريقة لا أدري لماذا شعرت بأنها ''خبيثة''، قال لي بصوته الجهوري وهو يشعل سبجارته ''بلادي وإن جارت علي عزيزة·· وأهلي وإن ظنوا علي كرام''، هذا بيت من الشعر جميل، فضل أن يجيبني به بدلا من أن يقول لي رأيه صراحة، غير أن الرجل استدرك الأمر على الفور، وقال لي وهو يضع رجلا على رجل ''لا أنا أمزح·· الحمد لله·· الحمد لله، أعطتني بلادي كل شيء، وأعطاني أهلي، أي جمهوري الكبير، الشهرة والحب''، قال هذا رغم علمه، وعلمي أنا أيضا، بأن وزيرة في الحكومة في تلك الأيام، كانت تريد أن ''تأكل رأسه'' أو تطيح به بسبب القناة الرياضية ''المشهورة'' التي لم تر النور بعد، رغم مرور الأيام والشهور والسنين··· فرض حفيظ دراجي نفسه بسرعة وقوة في قناة ''الجزيرة الرياضية''، وجمع كل الخيوط من رؤوسها، فقد كان لاعبا في فريق مولودية الجزائر، ومعلقا رياضيا، ثم مسؤولا عن القسم الرياضي، ومديرا للأخبار ثم نائبا للمدير العام للتلفزيون، كما أنه مجتهد وصارم، لذلك تمكن من فرض نفسه، في فترة قصيرة من الزمن· أعتقد أن حفيظ دراجي أصبح مناظلا من أجل القضية الكروية الجزائرية، وهي مهمة نبيلة يقوم بها بجدارة واستحقا·