بالرغم من التكتم الذي تفرضه الفيفا على وسائل الاعلام في تعاطيها مع كواليس الجهاز الكروي، حيث أنها تتعامل بشكل انتقائي مع الإعلام، من خلال تفضيل مجموعة من العناوين دون غيرها، والحال ينطبق على توزيع المعلومة والحوارات· فالمعروف عن بلاتير أنه لا يمنح أسبقية الحوار إلا لقلة قليلة تعد على أصابع اليد الواحدة من أصدقائه الصحفيين، في مقدمتهم الصحفي السويسري والتر لوتز، غير أن التكتم فاقم من فضول الإعلاميين لمعرفة المزيد عن كواليس الفيفا، من هؤلاء صحافيان صنعا الحدث عبر تحقيقات معمقة عن الجهاز الكروي الدولي صدرت في كتب أثارت زوبعة في عالم الاقتصاد والرياضة على حد سواء، ويتعلق الأمر بكل من الصحفي البريطاني، أندور جانينغس، مؤلف كتاب التحقيق، ''بطاقة حمراء للفيفا، الخفايا المشبوهة للفيفا''، والصحافي الكندي، ديكلان هيل صاحب ثاني كتاب تحقيقي بعنوان ''كيف تغش في مباريات كرة القدم''، والكتابان يفضحان سلسلة من الممارسات الفاسدة المكرسة، حسبهما في كواليس إدارة الاتحاد الدولي لكرة القدم· ففي كتاب، بطاقة حمراء للفيفا، يسرد الصحافي المحقق كيف أن الفيفا تحولت من جهاز تنظيم منافسات كروية إلى جهاز مافياوي يسعى للربح المادي بكل الطرق، أكثر من ذلك يفضح الصحافي البريطاني استغلال المناصب لتوسيع الثروات الفردية للأعضاء النافذين في الاتحاد، كل ذلك على حساب أخلاقيات المنافسة الرياضية· بطاقة حمراء للفيفا، الخفايا المشبوهة للفيفا ففي هذا المقام، يؤكد منجز التحقيق الذي ضمه في كتاب يتجاوز 400 صفحة على مدار أربع سنوات، أن الطاقم النافذ في الاتحاد لا يتوانى في التلاعب بنتائج المباريات وقرعة المباريات والدول المستضيفة للمنافسات الهامة، على حسب ما تقتضيه المصلحة· يذهب كاتب التحقيق لأبعد من ذلك من خلال تأكيده على أن الفيفا باتت تسخر صورة الاتحاد وكرة القدم لمجرد الربح المالي· فقد أشار إلى أن حقوق البث التلفزيوني للمباريات المهمة يذهب جزء كبير منها لجيوب الأعضاء النافذين، مثلما حدث من خلال منح قناة ''تيفي قلوبو'' البرازيلية حق بث المونديال المنصرم بقيمة جاوزت 60 مليون دولار لم تصل لحساب الاتحاد، وهو أسلوب شائع حسب الصحافي الذي أكد أنه تم تحويل أكثر من مليارين دولار بهذا الأسلوب خلال فترة ترأس بلاتير، حيث يتم خلق شركات وهمية وحسابات بنكية مزيفة لتحويل الأموال· ويواصل التحقيق بخصوص المعاملات المالية المشبوهة بالتأكيد على أن بلاتير فاز بالانتخابات بعد توزيعه 000,50 دولار لعدد من رؤساء الاتحادات الكروية لضمان تصويتهم لصالحه، والكتاب يضم قائمة طويلة من الممارسات من هذا القبيل، ممارسات تتجاوز مخيلة عشاق كرة القدم، فقد امتدت لخلق بلاتير شركات خاصة يمنحها صفقات ضخمة يتجاوز حجمها ملايين الدولارات، مثلما هو الحال مع شركة ''إنفرونت سبورت أند ميديا أج''، التي يشغل بلاتير بها منصب الرئيس المدير العام، مع العلم أنها تهتم بالتسويق لصورة كأس العالم، حيث يتم الاستفادة من كل منتوج يوضع عليه شعار كأس العالم في كل مكان عبر العالم. من أهم الصفقات المشبوهة التي كادت تهز عرش بلاتير، تلك المتعلقة بشركة إي أس أل، التي أنشئت عام 2001 ترأسها قبل إعلان إفلاسها هورست داسلر، الذي يشغل مدير بشركات الملابس والمعدات الرياضية أديداس، فقد كانت الشركة تملك صندوقا أسود في حساب مصرفي سري في ليشنشتاين تحول فيه الأرباح قبل إعلان الإفلاس الرسمي من طرف محكمة كانتون زوغ السويسرية، وبالرغم من المتابعة القضائية، إلا أن الملف أغلق في ظروف غامضة. كيف تغش في مباريات كرة القدم من جهته، أنجز الصحافي الكندي، ديكلان هيل تحقيقا لا يقل أهمية عن التحقيق البريطاني ضمه في كتاب بعنوان ''كيف تغش في مباراة كرة القدم؟''، جاء فيه عدد من الشهادات لفاعلين سواء في إدارة الفيفا، فيهم من فضل الحفاظ على سرية الهوية، إلى جانب عدد من اللاعبين والحكام السابقين الذين يؤكدون على نهج الفيفا منح الرشاوى المالية لضمان نتائج بعض المباريات الكروية· فالجزء الأول من الكتاب عنونه ب: كيف تتعرف على مباراة مغشوشة؟ ليكون الجواب، ''حين ترى حارس مرمى يقوم بعكس ما يجب القيام به، حين تشاهد لاعب يدخل هدفا بالخطأ في مرماه، حين تشاهد حكم يمنح بطاقة حمراء دون سبب، يبعد أحسن لاعب عن التشكيلة في المستطيل الأخضر دون سبب واضح···''، لينتقل لأساليب أكثر دقة تتعلق بالطاقم الفني واللاعبين على حد سواء، تحريض فتيات الهوى للإغراء، أجنحة فخمة في الفنادق، منح مالية خيالية غير مبررة··· وغيرها من أساليب الترغيب· قد أعطى الصحافي الكلمة لعدد من اللاعبين الذين وجدوا أنفسهم في خضم هذه ''المعمعة'' المالية مقابل أن يتراجعوا في الأداء في اليوم الموعود، وهو ما أكده اللاعب الغاني ستيفان أبياه، الذي أكد على أن بعض الأشخاص اتصلوا به وعرضوا عليه أموالا مقابل عدم تسجيل أهداف في مباراة تجمع فريقه مع ألمانيا· المثير أن الاتحاد الغاني سارع لتكذيب تصريحات اللاعب والتشكيك فيه، الأكيد أن الفيفا أقامت دعاوى قضائية ضد الصحافيات تتهمهن بالقذف. مارادونا يطيح بسمعة بلاتير والفيفا عاد اللاعب الدولي السابق والمدرب الحالي للمنتخب الأرجنتيني دييغو مارادونا للحديث عن الاتحاد الدولي لكرة القدم بقوله أنها لم تعد تخدم اللعبة بقدر ما تخدم مصلحة المشرفين عليها، الساعين للتلاعب بأخلاقيات الرياضة بغرض كسب المال· المثير أن تهجم مارادونا لم يقتصر على رئيس الاتحاد الدولي وإنما شمل عددا من اللاعبين الدوليين القدامى، الذين حسبه باتوا ينجرون وراء الطموحات غير المشروعة لبلاتير، مثلما هو الحال مع ميشيل بلاتيني، فرانك بكنباور وبيليه، وقد كانت انتقادات الأسطورة الأرجنتيني لاذعة في حق زملائه القدامى خلال لقاء تلفزيوني، مشيرا إلى أنه قادر على الحصول على النفوذ والمال والقوة بمجرد الانضمام للاتحاد الدولي، غير أنه يرفض التعامل مع بلاتير وأساليبه المشبوهة، بقوله: ''إذا كنت سأعانق الرئيس بلاتير، فإنني سأصبح واحداً من عائلة الفيفا، وهكذا سأصبح رجلاً خجول، بلاتيني أصبح الآن رئيس الاتحاد الأوروبي لأنه كان لسنوات الطفل حليف بلاتير، في اعتقادي أن اللاعب الذي تعود على الأضواء عندما لا يذوق النجومية لبعض الوقت تقل أهميته ويبحث عن طرق لتعويض هذا النفوذ بالمال، أنا حزين جداً لما آل إليه وضع هؤلاء اللاعبين لكنني لن أنسى أنهم كانوا لاعبين عظماء· تريد الفيفا مني الانضمام إليها غير أنني غير مهتم، فهم بحاجة لعضو أكثر فسادا مني''. مونديال جنوب إفريقيا وفضيحة قرعة البارد والساخن كان المدرب التشيكي أول من تحدث عن شكوكه حول القرعة الخاصة بمونديال جنوب إفريقيا، حيث عاد للحديث عن المجموعات التي جاءت مرتبة بشكل تعطي الأفضلية لبعض الفرق لضمان المرور للدور الثاني دون جهد، وهي الشكوك التي رافقتها إشاعات تداولتها بعض الصحف العالمية بخصوص كرات وأوعية الزجاج المخصصة لإجراء القرعة· فقد جاء ذكر أن الكرات داخل الوعاء الزجاجي كانت عبارة عن كرات ساخنة وأخرى باردة، وأن هذه الكرات الباردة قد خصصت لمجموعتي ألمانيا والبرازيل، وقد اعترف بلاتير بلسانه بأنهم فضلوا وضع البرازيل وألمانيا بمجموعتين متباعدتين حتى يتجنب هذان الفريقان ملاقاة بعضهما في أدوار البطولة الأولى· وقد ذكرت الصحف الألمانية بأن مجموعة البرازيل في 2002 كانت الصين وكوستاريكا وتركيا، وفي 2006 كرواتيا واليابان وأستراليا ما يفتح باب الشك واسعا في نزاهة القرعة·