انتهى مونديال الكرة وبدأت معه حسابات الأرباح والخسارة، لكن دولة كجنوب إفريقيا التي تعيش بعضا من مشاكل القارة الإفريقية، جنت الكثير من هذا الحدث القاري، فقد باضت ''الدجاجة'' أكثر من أربعة ملايير دولار بحسب تقديرات ''الفيفا''، سيضخها المونديال في شرايين الاقتصاد الجنوب إفريقي، وهو رقم إن تحقق سيكون الأعلى في تاريخ المونديال، خاصة وأن آخر كأس نظمت في ألمانيا حققت رقما فاق 3 ملايير دولار· وقد تحوّل مونديال جنوب إفريقيا من بطولة رياضية شعبية إلى حدث مالي تلهث وراءه الاقتصادات الكبرى هو بالأساس حقوق البث التي حوّلت اللعبة من مجانية المشاهدة إلى مشفرة، مع ما صاحب ذلك من تطور هائل وكبير في قيمة الرعاية والإعلانات والارتفاع الصاروخي في بيع الحقوق نفسها التي باتت الحجر الأساس في دوران الأرباح المالية· الأرباح فاقت ال 50 بالمائة وأفادت التقارير الصادرة عن الاتحاد الدولي لكرة القدم ''الفيفا''، أن مونديال 2010 في جنوب إفريقيا حقق أرباحا فاقت ب50 بالمائة تلك التي سجلت خلال المونديال الألماني سنة ,2006 قبل بدايته، في انتظار ما سيذره من أرباح بعد انطلاق المباريات حتى المقابلة النهائية· وأوضح السكرتير العام للاتحاد الدولي لكرة القدم، جيروم فالك، خلال افتتاح المحاكم الخاصة التي خصصتها جنوب إفريقيا للجرائم التي لها علاقة بالبطولة، أن المونديال حقق نجاحا اقتصاديا ملحوظا، مؤكدا أن الفدرالية الدولية ستستثمر الأموال التي حصدتها البطولة لتطوير اللعبة في العديد من الدول الإفريقية التي تفتقر إلى الموارد الأساسية· من جهة أخرى، ارتفعت مداخيل الاتحاد الدولي لكرة القدم من كأس العالم من 2.2 مليار دولار في 2006 إلى 3.2 مليار دولار في ,2010 ويقول السكرتير العام للفيفا جيروم فالك: ''لقد وضعنا استراتيجيتنا التجارية منذ عام 2003 حين كنت مديرا للتسويق والإعلام في الاتحاد الدولي· والنتيجة أننا بعنا 80 في المائة من برنامجنا خلال عام ,2008 في خضم الأزمة المالية العالمية، بفضل مساهمات ست علامات كبيرة هي: أديداس وكوكاكولا وفيزا وطيران الإمارات وهيونداي وسوني، حيث تدفع كل مؤسسة 100 مليون دولار مقابل عرض علامتها· ويقول المتحدث ذاته بأن ''الفيفا'' ستوزع 1.3 مليار دولار من أرباحه هذا العام على المنتخبات المشاركة في شكل منح، كما ستستفيد لجنة التنظيم من نصيب من هذا المبلغ، وينتظر أن يوزع ''الفيفا'' كذلك 800 مليون دولار على اتحادات كرة القدم الوطنية، ويقول جيروم فالكه: ''إن الفيفا رفع ميزانية بطولة كأس العالم لهذه السنة بأكثر من 100 مليون دولار''، وقال أيضا: ''لسنا بصدد تنظيم كأس عالم إفريقية وإنما بطولة كأس العالم في إفريقيا· وقد أصبحت كأس العالم مصدرا هاما للأموال سواء للبلدان المنظمة أو الاتحاد الدولي لكرة القدم، وحتى الدول المشاركة عندما انطلقت البطولة قبل 80 عاماً لم يكن أحد يتخيل أن تصل شهرة البطولة إلى ما وصلت إليه، عقب التطور الهائل في وسائل الإعلام وطرق اللعب وحتى الأدوات التي أصبحت تخضع إلى الكثير من التكنولوجيا، الشيء الذي ستتبع بالضرورة زيادة هائلة لمداخيل عناصر اللعبة وعلى رأس هؤلاء اللاعبين الذين يقدمون العروض فوق المستطيل الأخضر· ''الفيفا'' جنت ملياري دولار من حقوق البث استطاعت ''الفيفا'' أن تبيع حقوق البث الحصري لمونديال 2010 وأيضا 2014 لعدد من المؤسسات الإعلامية نذكر منها على سبيل المثال BBC وITV في بريطانيا وTVE في إسبانيا و1TF في فرنسا وARD وZDF في ألمانيا وsky Italia، وعربيا المعروف أن ''الجزيرة الرياضية'' اشترت الحقوق من شبكة راديو وتلفزيون العرب ART. وحسب ما أعلنته ''الفيفا''، فإن هذه المؤسسات دفعت ما مجموعه ملياري دولار· وقد اكتشف مثلا أن سكاي إيطاليا أنهت الصراع لصالحها مع قناة راي وفازت بالحق الحصري لإيطاليا بنحو 200 مليون دولار ونفس المبلغ تقريبا تقاسمته القناتان الألمانيتان وأقل منه قليلا دفعته القناة الإسبانية، فيما الإنجليز دفعوا أكثر من 250 مليون دولار. ويذكر أن عددا من هذه المؤسسات هي نفسها فازت سابقا بالحق الحصري لنقل مباريات كأس السابقة في ألمانيا في بلدانها، حيث كان الاتحاد الدولي، وبعد مونديال ,2002 قد احتفظ بحقه في بيع حقوق البث للقارة الأوروبية،فيما باع حقوق البث العالمية لكيرش ل 2002 و.2006 السياحة سجلت مداخيل فاقت مليار دولار وبحسب تقارير إعلامية جنوب إفريقية، فإن قطاع السياحة بهذا البلد جنا أكثر من مليار دولار، وعرفت أغلب الفنادق والإقامات نسبة امتلاء كبيرة، وهو ما ذر عليه بملغ مالي فاق مليار دولار أمريكي استفاد منه الآلاف من المواطنين الجنوب إفريقيين، وخلقت مناصب شغل مؤقتة للآلاف من العاطلين عن العمل، تضاف إليها انتعاش الصناعات التقليدية بهذا البلد، وهو نفس الأمر بالنسبة للفوفوزيلا، وهو اكتشاف هذا المونديال الذي جنا منه أيضا الجنوب إفريقيون الملايين من الدولارات· اقتصاديون جنوب إفريقيون ينتقدون المونديال انتقد خبراء اقتصاديون بجنوب إفريقيا ما يسمونها ''أوهاما'' يسوقها النظام في جنوب إفريقيا بخصوص الأرباح المتوقعة من مونديال ,2010 ومبعث انتقادهم أن تكلفة التنظيم كانت عالية جدا على بلد ما تزال فيه أعداد مهولة من الفقراء خاصة بين السود، ويقولون إن ما صرفته جنوب إفريقيا على البنية التحتية كان مكلفا للغاية، حيث تعدى الأربعة ملايير دولار، بينما أمريكا لم تصرف سوى 30 مليون دولار على مونديال ,1994 وفرنسا 500 مليون دولار على ,1998 وكوريا واليابان ملياري دولار على ,2002 وألمانيا ما يقرب من 800 مليون دولار· ويشير هؤلاء الخبراء إلى أن العائدات الإجمالية المتوقعة في حدود 4 ملاييرت دولار لن تحقق فارقا مهما، خاصة إذا ما تمت المقارنة بين ألمانياوجنوب إفريقيا، حيث أن الأولى حققت فائضا مهما للغاية،بينما جنوب إفريقيا سيصنف العائد المتوقع ضمن مجال الاستثمار المستقبلي، أي أن الاستفادة ستكون مرهونة بالمستقبل من باب استغلال البنية التحتية التي توفرت خلال مونديال 2010 في تحقيق أرباح مهمة في تنظيم أحداث وبطولات مستقبلا، كما أن الاستفادة الوحيدة -حسب تقديراتهم- ستنحصر في الوظائف المؤقتة التي وفرها المونديال لنحو 22 ألف من العمال، خاصة عمال البناء الذين اشتغلوا ليل نهار لتجهيز الملاعب·