لا تزال بلدية الناصرية بعيدة عن طموحات سكانها نتيجة تأخر وتيرة التنمية بها رغم أنها تتوفر على إمكانيات هائلة لم تستغل لاسيما في المجال الفلاحي، وهي المعروفة بمنتوج الكروم والبطيخ، إلا أن الزائر لها يشعر أنه في قرية كبيرة رغم التصنيف الإداري لها كدائرة· الناصرية، الواقعة بالجهة الشرقية لبومرداس، تتوفر على موقع استراتيجي هام، فهي تقع بالطريق الوطني رقم 12 الذي يربطها بولاية تيزي وزو، بومرداس، العاصمة وكذا بالبلديات الساحلية على غرار دلس وراس جنات، إلا أن ذلك لم يشفع لها في الحصول على نصيبها من التنمية مقارنة بالدوائر الأخرى بالولاية، فبلدية الناصرية ارتبط اسمها بمنتوج البطيخ منذ سنوات عديدة، وتعرف خلال الصيف الذي يتزامن مع هذا المنتوج، انتشار محلات بيعها على طول الطريق الوطني رقم ,12 حيث يستغل شبابها فرصة توافد عدد من المصطافين سواء المتجهين إلى ولاية تيزي وزو أو إلى البحر عن طريق دلس، إقامة بيوت من القصب على حافة الطريق لعرض منتوجهم والمنافسة الشديدة بين تجارها الذين أغلبهم تجار موسمين يبيعون هذا المنتوج في فصل الصيف دون غيره. والمعروف عن منتوج البطيخ الذي تشتهر به البلدية جودته، وهو ما جعل العديد من المواطنين يتجهون إلى المنطقة خصيصا لاقتناء البطيخ بمختلف أصنافه، يقول بعض الشباب، الذين يبعون البطيخ، حيث قال أحدهم إن البطالة أنهكته، وينتظر فصل الصيف بفارغ الصبر لجمع بعض الدنانير لكسب قوت يومه. ويضيف محدثنا أن أغلب بائعي البطيخ يقتنونها من سوق الجملة ليعيد بيعها بالتجزئة لربح المال، مشيرين في السياق ذاته إلى أن المنتوج من البلدية يلقى إقبالا واسعا من قبل المصطافين خاصة المغتربين الذين يقتنون هذا المنتوج بكثرة، مضيفا في السياق ذاته أنها فرصة لجمع الأموال والتعريف بالمنتوج الذي تشتهر به البلدية، إلى جانب الكروم بمختلف أنواعه· وأكد العديد من بائعي البطيخ أن البطالة تنتظرهم بعد هذا الموسم، خاصة أرباب العائلات· البطالة أنهكت شباب البلدية إذا كان البعض من هؤلاء الشباب وجد ضالته خلال فصل الصيف، إلا أن العديد من شبابها يتخبطون في بطالة طيلة السنة، وهو ما دفع ببعض الشباب سلوك طريق الانحراف وتعاطي المخدرات، فالزائر لبلدية الناصرية يصطدم عند مدخل البلدية باصطفاف الشباب بصورة مذهلة لدرجة يخيل إليك أنك في ساحة عمومية، حيث يتخذ الشباب من المنطقة المحاذية لمدخل البلدية فضاء متنافسا لهم في ظل غياب المساحات الخضراء بالبلدية وتوفر ساحتهم المفضّلة على أشجار الكاليتوس، وهو ما ساهم في استقطاب الشباب لتلك المنطقة دون سواها، حيث أكد البعض منهم أن الفراغ أنهكهم وجعل العديد منهم ينحرف رغم أن البلدية معروفة بطابعها المحافظ، مشيرين في السياق ذاته إلى أن النشاطات الثقافية شبه منعدمة بدار الشباب وأن العديد من الجمعيات الناشطة بالبلدية لا تمارس المهام التي أنشئت من أجلها، حسب محدثينا· منطقة صناعية مشلولة عبّر سكان البلدية عن تذمرهم من غياب منطقة صناعية بالبلدية، والتي من شأنها توفير مناصب شغل لهم، مؤكدين أن المنطقة الصناعية التي كانت بالبلدية لا تزال هيكلا دون روح، مشيرين في السياق ذاته إلى أن المنطقة الصناعية التي كانت بالبلدية أجبرت الجماعات الإرهابية خلال العشرية السوداء المستثمرين فيها على مغادرة البلدية ليتم تسريح العمال، مؤكدين أنه رغم تحسن الوضع الأمني إلا أن المنطقة الصناعية لا تزال هيكلا دون روح، مطالبين في السياق ذاته الجهات الوصية بالتدخل وإعادة النشاط للمنطقة قصد امتصاص البطالة المتفشية بالبلدية، من جهة، وتحقيق مداخل للبلدية قصد دفع عجلة التنمية بها، من جهة أخرى، مضيفين أنه رغم التداول على رئاسة البلدية إلا أن هذه الأخيرة لم تعرف أي تطور ولم تشهد قفزة في التنمية مثل البلديات الأخرى· السكان يطالبون بحقهم في السكن أكد سكان البلدية في حديثهم ل ''الجزائر نيوز''، أنهم يتجرعون الأمرّين في ظل غياب مشاريع سكنية من شأنها التخفيف من الأزمة الخانقة التي تعرفها العائلات، مؤكدين أن ملفاتهم لا تزال مكدسة في أدراج البلدية والدائرة دون أن ترى النور، مضيفين في السياق ذاته أنه رغم أزمة السكن التي تعرفها البلدية، إلا أن العديد من السكنات التي تتوفر عليها البلدية لم توزع بعد رغم أن الأشغال انتهت بها منذ سنوات مثلما هو الحال بمشروع 40 مسكنا بوسط المدينة ومشاريع أخرى مهملة من طرف المؤسسات المنجزة - حسب محدثينا - على غرار مشروع 70 مسكنا بحي المليون، والتابع لمؤسسة ترقية السكن العائلي سابقا لبومرداس، مشيرين إلى أن البلدية منذ سنوات لم تستفد من مشروع سكني عدا مشروع إعادة إسكان المنكوبين وضحايا التفجير الانتحاري الذي عرفته البلدية في الفاتح من جانفي .2008 وقال محدثونا إن العديد من العائلات رفضت مغادرة الشقق بعد الانتهاء من عملية ترميم سكناتهم المتضررة من التفجير، مشيرين في السياق ذاته إلى أن البعض منه عاد إلى شقته الأصلية دون أن يتنازل عن الشقة الجديدة التي منحت لأولادهم، مضيفين أن فوضى عارمة تعرفها البلدية في مجال السكن، حسب محدثينا، الذين قالوا إن حتى المنكوبين منهم من احتفظ بالشاليه واستفاد من شقة وآخرون استفادوا من شقتين بحجة كثرة عدد أفراد الأسرة، مؤكدين أن الوضع يكاد يوحي بانفجار في حال لم تتدارك الجهات الوصية الوضع· طرقات مهترئة وغياب محطة نقل تشهد طرقات البلدية حالة من الاهتراء لدرجة يصعب تجاوزها، ولم يقتصر الوضع على طرقات الأحياء وإنما حتى طرقات وسط المدينة تعرف هي الأخرى اهتراء مثلما هو الحال بوسط المدينة باتجاه المسجد وبمدخل البلدية، حيث يعاني مستعملو الطريق الأمرّين نتيجة اهتراء الطرق لدرجة -يقول محدثونا- تشعر أنك في قرية نائية وليس في وسط المدينة، فوضع طرقات وسط المدينة لا تختلف عن طرقات الأحياء التي هي الأخرى في حالة مهترئة، وهو ما أثار استياء سكان البلدية الذين يطالبون الجهات الوصية بالتدخل وإعادة تزفيتها قبل حلول فصل الشتاء· وفي سياق متصل، عبّر محدثونا عن استيائهم الشديد من غياب محطة نقل حضري بالبلدية، حيث لا يزال مواطنوها ينتظرون حافلات النقل المتجهة إلى العاصمة وبومرداس أو تيزي وزو ودلس على حافة الطريق الوطني رقم ,12 حيث تفتقد هذه المواقف إلى الواقيات من أشعة الشمس أو المطر، إذ يقول مواطنو البلدية أنهم مجبرون على انتظار وسيلة نقل تحت أشعة الشمس اللافحة أو الأمطار الغزيرة، مضيفين في السياق ذاته أن هذه المواقف تفتقد للإنارة العمومية، حيث يضطر المسافرون -حسبهم- الانتظار في وسط الظلام، مؤكدين أن المشكل يزداد حدة في فصل الشتاء·