للمسرح متع متعددة، غير تلك المتعلقة بالعرض وعنصر الفرجة، لعل أهمها أو على الأقل هكذا يبدو لنا، تلك المتعة المرتبطة بتقاسم ذات الشعور والإحساس خلال العرض المسرحي، هي لحظات تتحول فيها كل الذوات الحاضرة إلى ذات واحدة، تضحك في ذات الوقت، تصفق في ذات اللحظة وتصمت في ذات اللحظة، إذ تحولت تلك الحشود المجتمعة داخل القاعة لكيان واحد لا يختلف عن بعضه البعض في شيء. قبل أيام وخلال عرض مسرحية ''جنون استعماري'' للفرقة الفرنسية تأكدت هذه الظاهرة، فالمسرحية التي كانت مبنية على لحظات هزلية وأخرى جادة، جعلت الجمهور يتماهى مع الفواصل في ذات اللحظة، الأمر الذي جعله ينتفض من مقاعده في نهاية المسرحية شكرا وعرفانا للأداء المتميز للفرقة، تحول الجمهور من أفراد إلى فرد واحد، على أن الاستثناء الوحيد صنعه عدد من الوفود العربية التي لم تسمح لها اللغة الفرنسية من متابعة أحداث العرض، كانت لحظات أكدت أن الفن وجد من أجل لحظات مثل هذه، من أجل أن يتقاسم البشر مثل هذه اللحظات المفعمة.