كيف نشأت فكرة موضوع المسرحية؟ بصراحة، الفكرة قديمة، غير ما جعلها موضوع الساعة تلك التصريحات التي أطلقها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي منذ فترة بقوله إن الاستعمار كان بمثابة الواجب الحضاري لتخليص الشعوب المستعمرة من تخلفها، كان ذلك التصريح الصدمة ليس فقط للشعوب المستعمرة وإنما بالنسبة لنا كذلك، إذ كانت فرصة للعودة للماضي والتاريخ الفرنسي من أجل البحث في المخطوطات والأرشيف الفرنسي من أجل استغلال الخطابات الرسمية للمثقفين والسياسيين من أجل إيجاد مثل هذه التصريحات التي تنم عن عنصرية شديدة واحتقار لكل ما لا يتقاسم مع الحضارة الغربية فكرها، وقد كانت الدهشة كبيرة حين وقع بين أيدينا مجموعة من الخطابات لأسماء شخصيات نعتبرها اليوم نخبة تاريخية وخيرة المثقفين المدافعين عن القيم الإنسانية، غير أنها خلال فترة الاستعمار كانت متواطئة مع السياسيين على احتقار واضطهاد الشعوب المستعمرة. المثير أن مثل تلك الخطابات لم تتغير كثيرا منذ تلك الفترة، إذ نستمر في إيجاد بعض السياسيين الحاليين من يستمر في إلقاء خطابات تنم عن عنصرية كبيرة. أحداث المسرحية تدور في الجزائر، وبالضبط خلال فترة الاحتفالات بمئوية الاحتلال، وأنتم تعرضون عملكم في مسرح شيّد خصيصا للاحتفال بهذه المئوية، ما هو شعوركم؟ بصراحة، إحساس قوي، فمنذ لحظة الكتابة الأولى وكل الفرقة تحلم بتجسيد المسرحية على هذا الركح، إذ يجب الذكر أنه خلال مرحلة الكتابة كانت بعض المقتطفات المأخوذة من التاريخ قد تمت فعلا بهذا المكان، كل الفرقة حلمت بالوقوف في هذا المكان التاريخي، لعل هذا ما جعلنا نوافق على المشاركة فور توجيه الدعوة لنا، وسأقول لكم أنه تملكنا شعور غامر فور دخولنا المكان، الذي طالما تحدثنا عنه وتصورناه في مخيلتنا، اليوم نعتبر أن المسيرة اكتملت بالنسبة لهذا العرض الذي سبق لنا عرضه في أهم المسارح الفرنسية. وكيف كان تلقي الجمهور الفرنسي للمسرحية؟ كان الإقبال كبير جدا مع العلم أن العرض استمر فترة طويلة كنّا خلالها نعرض تقريبا على مدار الأسبوع، ومع ذلك ظل الاهتمام ذاته طيلة تلك الفترة. الغريب أن السياسيين والرسميين لم يستسيغوا العرض بالرغم من اهتمام السياسيين في فرنسا بالعروض المسرحية، في اعتقادي أن الموضوع أزعجهم، بالرغم من التقييم الإيجابي للإعلام. لا بد من التأكيد على أن عددا كبيرا من المثقفين الفرنسيين حضروا العرض وشاركوا في النقاش، على غرار بن يامين سطورا الذي أحب العرض. موضوع المسرحية يدور عن الجزائر والجزائريين خلال فترة معينة، هل فكرتم خلال الكتابة في عرضه على الجمهور الجزائري؟ سبق أن قلت أنه كان من بين طموحاتنا أن نعرض المسرحية في الجزائر، وقد تحقق الحلم، قبل العرض كنت أتساءل كيف سيكون تلقي الجمهور الجزائري، موضوع المسرحية، فخلال العروض السابقة في باريس كان التجاوب متفاوتا بين الضحك على كل الفقرات المضحكة وشديد الجدية، على اعتبار أن الموضوع جدي متناول في قالب هزلي بعض الشيء. كانت الفرحة عارمة بالنظر لتقبل الجمهور العرض بل كان بمثابة التتويج لكل الجهود، وهو ذات الشعور لدى كل أعضاء الفرقة الذين غلبتهم دموع الانفعال والفرحة على الركح بعد التفاعل الجميل مع الجمهور.