بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, السيد عطاف يحل بتونس في زيارة رسمية    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 50846 شهيدا و115729 جريحا    الوضعية الإنسانية الصعبة لسكان غزة: الأمين العام للمجلس الشعبي الوطني يتباحث مع مديرة مكتب أوروبا ل"الأونروا"    وهران: افتتاح الصالون الدولي للصحة "سيمام" بمشاركة زهاء 200 عارضا    جامعة التكوين المتواصل تنظم الدورة التكوينية الثانية في المقاولاتية    الاحصاء العام للفلاحة: قرار رئيس الجمهورية للتدقيق في العملية قرار "استراتيجي"    منظمة التحرير الفلسطينية: قرار الاحتلال إغلاق مدارس "أونروا" في القدس المحتلة اعتداء على حقوق اللاجئين    السيد شايب يستقبل وفدا عن المجمع الاعلامي "سي أن أن انترناشيونال"    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الشؤون الخارجية الإيراني    مخطط لتحويل هذه البلدان إلى أداة في يد الأنظمة المعادية للجزائر    أحزاب سياسية تعلن دعمها اللامشروط للقيادة السياسية في البلاد    وفاة 32 شخصا وإصابة 2030 آخرين بجروح في حوادث المرور    وفاة ضابط وإصابة 3 أعوان للحماية المدنية بجروح    التأمينات تحقق رقم أعمال يزيد عن 181 مليار دج في 2024    الديوان يسخر مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج    سوناطراك: السيد حشيشي يعقد بإيطاليا سلسلة من اللقاءات مع كبار مسؤولي شركات الطاقة العالمية    دعم تام لمشروع تطوير إنتاج الليثيوم    دعوة المجتمع المغربي للانخراط في معركة مناهضة التطبيع    كبار مسؤولي الأمم المتحدة يدعون العالم إلى التحرّك العاجل    كيانات ودول معادية تجنّد طغمة باماكو ضد الجزائر    تقنية الجيل الخامس لجعل الجزائر محورا إقليميا في تكنولوجيا المعلومات    الإحصاء أساس القرارات الصائبة لضمان الأمن الغذائي    ادعاءات مالي باطلة هدفها تحويل الأنظار عن أزمتها الداخلية    منصة "أدرس في الجزائر" خدمة للطلبة الدوليين    حجز 26 طنّا من الكيف و147 كلغ من الكوكايين    توحيد الجهود ووضع استراتيجية لدعم الجبهة الداخلية    الفيفا تنظم ندوة حول بالجزائر    ورشة لتقييم نظام الأدوية واللقاحات    الجزائر محمية باللّه    ارتفاع عدد الصحفيين الشهداء    صرخة المغاربة تعلو ضد خيانة المخزن لفلسطين    مزيان يستقبل وفدا عن سي آن آن    "الطبيخ".."المحلبي" و "البالوزة" إرث محفوظ بقسنطينة    إبراز أعمال المؤرخ الجزائري الراحل عمر كارلييه    مواصلة رقمنة المخطوطات والمؤلّفات النادرة ضرورة    مدرب مرسيليا يؤكد عودة غويري في لقاء موناكو    "السياسي" متحمس للعودة بالتأهل من العاصمة    بالإصرار والعزيمة التأهل ليس مستحيلا    مشاكل التسويق ترهن جهود الماكثات في البيوت    إحياء التراث الموسيقيّ وتكريم دحمان الحراشي    اليوم العربي للمخطوط: لقاء علمي بالجزائر العاصمة حول حفظ وصيانة المخطوطات    فنزويلا "ضيف شرف" الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الدولي للموسيقي السيمفونية    وفاة ضابط وإصابة 3 أعوان للحماية المدنية بجروح في حادث مرور بخنشلة    سيدي بلعباس..إبراز أهمية دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي    برج بوعريريج.. توزيع قرابة 3000 مقرر استفادة من إعانات البناء الريفي قريبا    حج 2025 : تسخير مراكز للتكوين والتدريب لفائدة الحجاج عبر مختلف بلديات ودوائر الوطن    المغرب: تسويف حكومي يهدد القطاع الصحي بالانفجار والعودة الى الاحتجاجات    وفاة شخص وجرح 204 آخرين في حوادث المرور    مختصون وباحثون جامعيون يؤكدون أهمية رقمنة المخطوطات في الحفاظ على الذاكرة الوطنية    مواي طاي (بطولة افريقيا- 2025- أكابر): مشاركة 12 مصارعا في موعد ليبيا المؤهل إلى الألعاب العالمية- 2025 بالصين    تنظيم الطبعة الأولى من 12 إلى 15 أفريل    الشباب يستعيد الوصافة    كأس الكونفدرالية/ربع نهائي إياب: شباب قسنطينة يتنقل هذا المساء إلى الجزائر العاصمة    تصفيات مونديال سيدات 2026 (أقل من 20 عاما): المنتخب الجزائري يجري تربصا تحضيريا بسيدي موسى    فتاوى : الجمع بين نية القضاء وصيام ست من شوال    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    أعيادنا بين العادة والعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب النخبة الجزائرية
نشر في الجزائر نيوز يوم 14 - 11 - 2010

كانت فرنسا قد أغلقت في منتصف القرن التاسع عشر، التاريخ الجزائري، وأوكلت إلى مثقفيها ومؤرخيها من أصحاب المدرسة الاستعمارية في التأرخة، لكتابته وفق المقاييس والمصالح الفرنسية الاستراتيجية الكبرى· ولم يتوقف الأمر عند الجزائر، بل تعداه إلى إفريقيا·· فالمدرسة البربرية الفرنسية زوّرت وزيّفت في دراساتها كل ما هو إفريقي وربطته بفرنسا·· وواجهتها ولنفس الغرض الاستعماري المدرسة البربرية البريطانية وتنافست المدرستان في التزوير والتزييف ما شاء لهما التنافس·
ومن التزييف الفرنسي لتاريخ مصر مثلاً قولها إن النهضة العربية المصرية بدأت بغزو نابليون لها، علماً بأن الغزو والاحتلال لا يمكن أن يثمر نهضة، وأما المطبعة التي أحضرها نابليون فقد أعادها معه ولم تستفد منها مصر شيئاً·· بل ذهبت هذه المدرسة إلى القول بأن محمد علي باشا حاكم مصر هو صاحب الفكرة القومية العربية في مصر، وهي تعلم أن هذا المملوك الألباني لم يكن يهمه من العرب سوى أن يحكمهم بدل تركيا، وأنه وولده إبراهيم كانا بالكاد يحسنان العربية، لكنهما كانا يطمعان في أن تؤيدها فرنسا في مشروعهما لحكم العرب، وقد أيدت فرنسا تمدد مجد على نحو الشرق وعارضته بشدة في أن يتمدد نحو الغرب، خاصة نحو الجزائر التي أغلقت فرنسا تاريخها وربطته بها··
ومن علامات تزوير المؤرخين الفرنسيين للتاريخ الجزائري وربطه بفرنسا·· ليس فقط قولهم إن البربر ينحدرون من أصول أوروبية بل قالوا إن الحركة الوطنية الجزائرية ومطالبها بالاستقلال ولدت في فرنسا في النصف الثاني من عشرينيات القرن الماضي·· مع أن أول نواة سياسية شكلها الأمير خالد كانت في الجزائر، وأن أول المطالبين باستقلال الجزائر كانت جمعية (حزب) مجاهدي شمال إفريقية وعبر جريدتها ''المهاجر'' الصادرة في دمشق عام 1912 ورئيس تحريرها محمد التهامي شطة الأغواطي·· الذي لا يعرف من باريس شيئاً، وكان الرجل متحالفاً مع الألمان أعداء فرنسا·
وبعد الاستقلال سعى النافذون في دواليب الدولة الجزائرية، إلى غلق كتابه تاريخ الثورة بأيدٍ الجزائريين، وعاث كتاب فرنسا من يهود وغير يهود، فساداً في تاريخ الثورة، وظلت كتاباتهم المصدر شبه الوحيد، خاصة وأنها احتجزت ولا زالت تحتجز آلاف الأطنان من الأرشيف الجزائري بما فيه أرشيف ما قبل الاحتلال، ولكنها نتيجة ''لمؤرخيها'' ليواصلوا تزييفهم وتزويرهم·
وكل ذلك يمكن فهمه من سلوك عدو موصوف، لكن الذي لا يمكن فهمه هو هذه الحرب التي اندلعت بعد التسعينيات من القرن الماضي، بين النخب الجزائرية وخاصة ممن عاشوا الثورة·· فقد سكت هؤلاء طويلاً ثم جاء على بالهم فجأة أن يتحولوا إلى مؤرخين ويكتبون مذكراتهم·· واستعانوا ب ''كتبة'' ليس لهم علاقة بالتاريخ أو الثورة أو العقل الاستراتيجي··
وها نحن نقرأ كل يوم مذكرات فلان أو علان·· فنجده لا يهمه سوى تخوين الآخرين من زملائه الأحياء منهم والأموات·· وبالتالي يكونون كلهم خونة، مادام كل منهم يتهم الآخر ويخونه، في عملية تصفية حسابات تنتمي إلى عصر الهجاء والهجاء والمضاء، وإذا ما جمعنا مذكراتهم ''التصفوية'' إلى كتابات المؤرخين الفرنسيين ''التزويرية'' تكون الثورة الجزائرية بكاملها ليست أكثر من ''كذبة'' صدقها الشعب الجزائري وانطلت عليه وعلى العرب وعلى المسلمين بل وعلى شعوب العالم·
وبذلك تكون فرنسا قد حققت في الجزائر بعد انسحابها أكثر مما حققته فيها خلال احتلالها· سواء على صعيد انتشار لغتها وثقافتها أو على صعيد مرابحها الاقتصادية، فمعظم الثروة الجزائرية تذهب عبر ميزان تجاري غير متكافئ إلى باريس، فالدولار الذي تكسبه الجزائر من النفط يصل الخزائن الفرنسية عبر استيراد البضائع الفرنسية أو بواسطة ميناء مارسيليا الذي يعيش على المستوردات الجزائرية بشكل خاص·
ويساعد فرنسا في تزويرها للتاريخ الجزائري ليس هؤلاء الذين أرادوا تصفية حساباتهم فيما بينهم على ظهر الجبل الجزائري الجديد، مدفوعين برغبات نفسية تملأ النفس البشرية في كل مكان وزمان، بل هناك من يدعي العلم والمعرفة والقدرة على البحث ويشتغل لصالح هذه المؤسسة الثقافية أو تلك في باريس أو لندن أو واشنطن· فيزيف هذا التاريخ ليس لصالح هذه الفئة السياسية أو تلك من أجنحة النخبة الجزائرية التي لم تمل بعد من صراعاتها الرديئة، بل يزيفه لصالح تلك المؤسسات التي تود أن تقول للجزائريين ولشعوب العرب والمسلمين، هذه الأرض ليست أرضكم، إنما جاء وجودكم فيها ''بين قوسين'' في صفحة التاريخ ولأجل تحكم سوى أن تموتوا·· أو تعيدوها، إلينا وأما ما تسمونه من ثورة عظيمة وتاريخ مجيد وحضارة عريقة·· فقد ''بالت'' عليها جميعاً نخبكم وقياداتكم، فاسكتوا ودعونا نحن نتولى أمر دفنكم·· فنخبكم لم تتفق على ''لغتكم'' ولا على تاريخكم، إنها لا تتفق إلا عليكم، ونحن سننتقم لكم ومنكم·


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.