محمد يزيد زرهوني وزير بيوميتري لا يمكن أن يمر عام 2010 هكذا دون الحديث عن أبرز رجال الحقبة أو العشرية الأخيرة في الجزائر، نور الدين يزيد زرهوني الذي ترك حقيبة وزارة الداخلية والجماعات المحلية، وعين في منصب نائب لوزير أول وهو شيء مثير للتساؤل لم تعرف لحد اليوم اختصاصاته· فزرهوني كان يوصف بالذراع الأيمن لبوتفليقة الذي سيّر أحداث منطقة القبائل لثلاث سنوات كاملة، وسيّر عدة عمليات انتخابية واقتراعات واستفتاءات على المصالحة الوطنية وتعديل الدستور، يغادر يزيد زرهوني الذي ما زال محط أنظار واهتمام وسائل الإعلام، وزارة الداخلية، تاركا وراءه تركة لزميله في الحكومة وفي القطاع دحو ولد قابلية، تركة الوثائق البيومترية التي بيّن الوقت أنها لن تر النور بين عشية وضحاها، ومشروع قانون ما زال محل نقاش بين الطبقة السياسية لما له من تداعيات على أساس علاقة الأحزاب بالمواطن وصلاحيات الأميار· كما غادر زرهوني الداخلية تاركا وراءه لاءاته التي تركها لعدد من ملفات اعتماد أحزاب سياسية· وقبل كل ذلك يغادر زرهوني الداخلية ولم ينته التحقيق بعد في قضية اغتيال المدير العام للأمن الوطني العقيد علي تونسي على يد عقيد آخر وأحد مقربيه العقيد ولطاش داخل مكتبه· شكيب خليل وزير وفضيحة لم يقدر لوزير جزائري أن مكث على رأس قطاع المحروقات مثلما قدر لشكيب خليل.. السبب يعود حسب أغلب الملاحظين إلى الثقة التي كان يتمتع بها لدى رئيس الجمهورية، فقد كان بحق أحد الذين يلقبون برجال الرئيس إلى جانب عبد اللطيف بن أشنهو، ويزيد زرهوني وحميد تمار··إلخ· وبعد فضيحة سوناطراك، لم يعد للرئيس ما يبرر إبقاءه به في الحكومة، وعلى الرغم من تلك الفضيحة، والتي لم تكن الأولى من نوعها في قطاع الطاقة، كانت تنحية شكيب خليل من قبيل المفاجأة· فلم يعد ممكنا فصل إبعاده عن فضائح القطاع، وأصبح من المؤكد أن ثقة الرئيس فيه قد تزعزعت، تماما مثلما أن ثقة بوتفليقة ببن أشنهو قد تزعزعت في وقت مبكر، ومثلما أن الفشل المتكرر لحميد تمار جعله يوضع على الرف في حقيبة وزارية من النوع الذي يناسب قدراته عند حدود الكلام الذي يدور على نفسه· المهتمون بقطاع المحروقات في الجزائر يجمعون على التسيير السيئ للقطاع في عهد شكيب خليل· ولا أدل على ذلك من الكارثة التي كاد الرجل أن يلقي بها على رؤوس الجزائريين من خلال قانون المحروقات الجديد في نسخته الأولى، لولا تدخل رئيس الجمهورية، وهي كارثة أسالت الكثير من الحبر وذهب الكثيرون إلى اعتباره قانونا في خدمة القوى العظمى، بل في خدمة الإستراتيجية البترولية الأمريكية· ووصل الأمر ببعضهم إلى وصفه ب ''الخيانة'' ويربطون ذلك بالسنوات التي قضاها الرجل في الخارج، بالولايات المتحدةالأمريكية والمكسيك· وبعيدا عن الرجم بالغيب، فمما لا شك فيه هو أن صورة شكيب خليل تبقى إلى الأبد مرتبطة بالتسيير الفضائحي الذي عرفه القطاع في سوناطراك والكثير من فروعها، وفضائح بعض الصفقات التي انطلقت من الوزارة وإليها·· فإذا بحثنا خارج ذلك لا تبقى إلا شخصية شكيب خليل المتكبرة والمملوءة بحب نفسها· سعيد سعدي صديق السفارات الغربية أضافت تسريبات ''ويكيليكس'' جانبا جديدا لشخصية الدكتور سعيد سعدي السياسية، وهو أن بعد خطابه عن السلطة لا يساوي مقدار بعده عن النظام، فقد كشفت إحدى البرقيات أن له صداقات كثيرة في صفوف كبار ضباط الجيش الوطني الشعبي، وأنها صداقات من النوع السياسي، وليست من قبيل ما يمكن أن يحصل بين كل الناس بعضهم مع بعض· وكشفت البرقية نفسها أن للرجل صداقات كثيرة في السفارات الأجنبية وبخاصة الفرنسية والأمريكية· وبصفة عامة فهو يمثل ذلك النوع من الشخصيات الذين يحبون ''تطوير'' وزنهم السياسي من خلال ما يقال عنهم في الصحافة الأجنبية، ومن خلال ما يحدثه ذلك من أثر في المجالس السياسية في الخارج والداخل· وعندما تنزل صورة الأمين العام للتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية من فرنسا إلى الجزائر تتلقفها بعض الصحافة كما هي وتعيد إرسالها إلى الجزائريين، فهو الديمقراطي الأصيل، وهو آخر الديمقراطيين في زمن ذابت فيه الديمقراطية الجزائرية في بحار التملق والتزلف، وحزبه الوحيد من بين كل الأحزاب، الخزان المتبقي للديمقراطية في الجزائر وأملها الوحيد في العودة يوما ما· وبعيدا عما يصنعه الإطراء فإنل لرجل مزايا حقيقية يفتقر إليها الكثيرون من رجال السياسة في بلادنا، أولها قدرته على المناورة وصلابة تكوينه وسعة ثقافته، فبعد سنوات من الغياب، وبخاصة بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إستطاع العودة، هذه السنة، إلى واجهة الحياة السياسية في الجزائر من خلال كتابه الأخير عن العقيد عميروش والثورة الجزائرية، ومن خلال براعته في توظيف التاريخ وواقع منطقة القبائل ليلفق هذه بتلك ويثير جدلا لم تعرفه البلاد منذ سنوات عديدة، جدل شارك فيه مجاهدون ومؤرخون ومثقفون، جدل أعاد طرح الكثير من مواقف بعض قادة الثورة والعلاقات بينهم والطريقة التي سيرت بها ثورة التحرير، وعلاقة حكام الجزائر المستقلة بهم، مركزا بطبيعة الحال على مسيرة الرجل الأكثر شهرة في منطقة القبائل، والتي لا تزال تثير الكثير من التساؤلات· وعلى الرغم من ضرورة اعتبار كتاب سعدي إنجازا كبيرا في هذا المجال، كونه يعكس اهتمامات الرجل وقدرته على البحث والتنقيب، على الرغم من ذلك فمن الصعب فصله عن الرجل السياسي المصر على الوجود· الهادي خالدي تصحيح التصحيح لا أحد كان ينتظر أن هذا الشخص الذي يبدو هادئا وعلى رأس وزارة، على الرغم من أهميتها، لم تثر كثير اهتمام لدى وسائل الإعلام، يخرج إلى واجهة الأحداث فجأة ويجلب إليه كل الأنظار واهتمام الصحف لقرابة شهر، رافعا عصا العصيان على قيادة حزبه بما سيعرف، خلال الأسابيع الأخيرة من هذا العام، بحركة التقويم والتأصيل· مسلسل جديد من التصحيح الحزبي· فبمعية أحد التصحيحيين السابقين محمد صغير قارة يعلن وزير التكوين المهني والتمهين، وبلغة الواثق من النفس ومن الطرح، خروجه عن الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني ويطالب بذهابه هو وبطانته، طاعنا في الشكل الذي اتخذه مؤتمر الحزب التاسع وما انبثق عنه من قيادة· ولم يدخر هذا الوزير الذي درس الاقتصاد، ألفاظه وأوصافه في نعت بلخادم بكل النعوت، إلى درجة اعتبر فيها المراقبون أن العلاقة بين الرجلين وصلت نقطة اللارجوع، مؤكدا أن وجوده في الوزارة مربوط بثقة رئيس الجمهورية فيه وليس لبلخادم أي فضل عليه في ذلك· ما الذي دفع الوزير الأفلاني إلى مثل هذه الخرجة؟ يقول خالدي إن الأمر لا علاقة له بالاستحقاقات المقبلة وأنه محض غيرة على الحزب الذي قاده يوما أمثال ''محمد شريف مساعدية وعبد الحميد مهري وبوعلام بن حمودة، الأمناء العامين الذين نالوا احترام خصومهم قبل مؤيديهم وخرجوا من عواصف هزت الأفالان بشرف وسمعة، تاركين وراءهم رصيدا من الاحترام والتقدير، ولم يجرؤ أحدهم على دفع أبناء الحزب إلى سل السيوف وقطع الرؤوس''· هل قطعت رأس خالدي في الأفلان بعد اجتماع اللجنة المركزية وانقطع معها دابر التقويم والتأصيل؟ 2011 فيها من الأيام 365 يوما للإجابة· محمد روراوة·· من محاربة ''زاهر'' إلى معانقته شبّه الكثيرون نهاية الأزمة بين محمد روراوة رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم ونظيره المصري سمير زاهر بنهاية المسلسلات المصرية التي تنتهي بالعناق بعد صراع يصل إلى حد الضرب تحت الحزام· ولم يشتهر جزائري لدى الصحافة المصرية كما اشتهر محمد روراوة الذي حولوا اسمه إلى ''هوهاوة'' وقال بعضهم أنه أهان مصر والمصريين قبل أن يتصالحوا معه و''كأن شيئا لم يحدث''· وظل روراوة يصنع الحدث في كل مرة ويحتل واجهات الإعلامية طيلة سنة كاملة، عندما ساهم في تأهل المنتخب ونجح في حرب الكواليس ضد الاتحاد المصري، لكن مشاكله مع الصحافة والجمهور بدأت بعد ذلك عندما تم تحميله مسؤولية تدهور نتائج المنتخب الوطني وكثرت الإشاعات المتضاربة في هذا الشأن· وفي الوقت الذي كان فيه يواجه مصاعب مع المنتخب إثر استقالة سعدان المثيرة للجدل ودوره هو فيها، فتح جبهة أخرى مع رئيس شبيبة القبائل محمد الشريف حناشي الذي اتهمه صراحة بمساومته من أجل إعطاء نقاط مواجهة لقاء الشبيبة برسم تصفيات كأس رابطة أطال إفريقيا لصالح الأهلي المصري، وهي القضية التي انتهت عند القضاء ولم يفصل فيها بعد، وتضاف إلى أزمته مع حناشي نفسه الذي اتهمه قبل ذلك بالدكتاتورية في التسيير والذي انتهت بعقوبة حرمانه من رئاسة فريقه لمدة سنتين بشكل رسمي ومباشر· ووسط الكثير من الصراعات المثيرة للجدل التي دخل فيها روراوة، أقدم هذا الأخير على خطوة مثيرة أخرى عندما أعلن وبشكل رسمي انطلاق ''الاحتراف'' في البطولة الوطنية بداية من الموسم الحالي قائلا أن ''عصر الشكارة قد ولى''، ورغم أن الكثير انتقدوه على هذه الخطوة التي وصفت بالمتسرعة إلا أن الاحتراف على طريقته الخاصة انطلق بالفعل، ومع انطلاقته يواصل رواروة صناعة الحدث وقبل نهاية السنة أقدم على خطوة أخرى مثيرة عندما تصالح وبشكل رسمي مع ''صديقه اللدود'' رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم وكانت كاميرات الفضائيات شاهدة على عودة الدفء إلى علاقة الرجلين، وقيل أن سبب هذه المصالحة المفاجئة تتعلق بلعبة انتخابات الفيفا التي ينتوي رواروة اقتحامها· محمد الشريف حناشي·· رئيس مع وفق التنفيذ كان أحد أبرز صانعي الحدث طيلة سنة كاملة وبطرق مختلفة، تمكن أولا من إعادة الهيبة لشبيبة القبائل، ووصل الأمر إلى الحلم بتاج إفريقي كبير، قبل أن يسقط في الدقائق الأخيرة في لقاء نصف النهائي ضد مازامبي الكونغولي، وأثر ذلك كثيرا على الفريق الشاب الذي واصل بنجاح رحلة دوري المجموعات في ذات التصفيات عندما قدّم مباريات تاريخية ضد الأهلي والإسماعيلي المصريين وعاد بنقاط مهمة من رحلتيه المضفرتين إلى مصر· وفي الوقت الذي توقع فيه الكثيرون أن تستمر رحلة النجاح مع النجوم الشابة للفريق في دوري المحترفين وأن يلعب الأدوار الأولى في ذات المنافسة، بدأت المشاكل تطفو إلى السطح وكأن المعركة الذي خاضها حناشي ضد رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم أثّرت كثيرا وحناشي معاقب بشكل رسمي لمدة سنتين ممنوع خلالها من ترأس فريقه، لكنه مازال يفعل ذلك بشكل غير رسمي، وهو يواجه مشاكل كبيرة في البطولة الوطنية، وزادت معاناته أكثر مع الخروج الاضطراري للمدرب غيغر الذي ساهم بقسط وافر في نجاح المغامرة الإفريقية· ورغم كل ما حدث ويحدث فإن حناشي مازال متفائلا فإعادة الفريق إلى السكة من جديد وتجاوز كل العقبات التي تعترضه في الوقت الحالي، وهو الذي اكتسب خبرة كبيرة مع مرور السنين، ويقول أنه تمكن في أوقات أخرى من تجاوز محن أصعب· ومازال حناشي يواصل رحلة التحدي والعناد تلك رغم كل شيء· عبد الحق بن شيخة·· ''جنرال'' ينتظر معركته المصيرية عندما تم تعيينه على رأس المنتخب الوطني لكرة القدم، خلفا لرابح سعدان المستقيل، خرجت بعض الصحف بعنوان ''جنرال لإعادة الهيبة للخضر'' أو بعناوين قربة منه.· وعلى عكس تحفظ سابقه الذي خرج والمنتخب ضيّع نقطتين ثمينتين بعد تعادله المفاجئ أمام تنزانيا برسم تصفيات كأس إفريقيا ,2013 فإن عبد الحق بن شيخة أبدى تفاؤلا كبيرة بالعودة بنتيجة إيجابية تنعش حظوظ المنتخب في التأهل إلى تلك النهائيات، لكن رحلة ''الجنرال'' إلى إفريقيا الوسطى انتهت بهزيمة مذلة بهدفين لصفر وتقلصت حظوظ الجزائر كثيرا في التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا وهي الهزيمة التي أعادت شبح سنين غياب المنتخب عن المنافسة الدولية، لكن ''الجنرال'' لم يستقل وواصل تفاؤله محدثا تغييرات جذرية في التشكيلة بإبعاد بعض العناصر الأساسية ومنها غزال وبلحاج.· وواجه اختبارا في المقابلة الودية أمام منتخب لوكسبورغ، ورغم تواضع مستوى الأخير وهو الذي يحتل مرتبة متدنية في ترتيب المنتخبات ورغم عدم تسجيل المنتخب الوطني أي هدف مواصلا رحلة العقم التي طالت، إلا أن الأمل بدأ يلوح ولو خافتا مع التحسن الطفيف الذي طرأ على التشكيلة والظهور اللافت لبعض العناصر الجديدة· ورغم تضييع المنتخب لنقاط مهمة ومسألة التأهل إلى نهائيات كأس إفريقيا بدت صعبة جدا إلا أن بن شيخة مازال يواصل المغامرة والتحدي لكنه لم يواجه بعد التحدي الذي يمكن أن يتم تقييم فيه أداء ''الجنرال'' إن سلبا أو إيجابا· رابح سعدان·· من المنتخب إلى قناة ''نسمة'' كان من أبرز الوجوه الفاعلة في المشهد الرياضي الجزائري لسنة ,2010 المدرب الذي خرج من الباب الضيق للمنتخب الوطني قبل 24 سنة، عاد إليه من جديد بكثير من العناد الذي يميزه، حتى لا يتجنب أخطاء الفترة السابقة، وصلت شعبيته إلى مداها مع نهاية السنة الماضية عندما استطاع أن يقود ''ثعالب الصحراء'' إلى نهائيات كأس العالم بعد حوالي ربع قرن من الغياب، لكن ذلك النجاح والحب الجماهيري سرعان ما بدأ يتآكل شيئا فشيئا إلى أن خرج مرة أخرى من الباب الضيق· بدأت متاعبه مع الجمهور والصحافة عندما اختار التربص تحضيرا لكأس إفريقيا 2010 في منطقة باردة جدا، حيث كانت تنتظره النهائيات في منطقة عالية الرطوبة· وساهمت النتيجة المفاجئة والقاسية ضد منتخب ملاوي في متاعبه أكثر لكنه تدارك أمام مالي ثم ضد كوت ديفوار، ثم جاء السقوط ضد منتخب مصر برباعية حمّل الجمهور مسؤليتها للحكم كوفي كوجيا· وفي الوقت الذي انتظر فيه الجميع تدارك النقائص وتحقيق نتائج مطمئنة في المباريات التحضيرية للمونديال، تواصلت النتائج السلبية والعقم الهجومي، ومع تواصلها ساءت العلاقة أكثر بين سعدان من جهة والصحافة والرياضية وقطاعات كبيرة من الجمهور من جهة أخرى، وجاءت النهائيات التي سجل فيه المنتخب نتائج متفاوتة ومثيرة للجدل لكنها لم تنه أزمة سعدان مع الجمهور والصحافة ورغم انتهاء عقده بعد نهائيات المونديال إلا أن الاتحادية جددت له بهدف الاستقرار، لكن المستوى تراجع أكثر في مباراة تحضيرية، وجاءت صدمة التعادل السلبي في أول مباريات تصفيات كأس إفريقيا 2013 حيث سمع سعدان الكثير من الإهانات من الجمهور، ليقدم استقالته في اليوم الموالي، ويحمل الصحافة الرياضية مرة أخرى مسؤولية ما حدث وتنتهي مغامرته مع المنتخب عند هذا الحد· وفي الوقت الذي كثرت فيه الإشاعات عن مصيره كمدرب والعروض التي تلقاها من هذه الجهة أو تلك ووسط حديث عن انتقاله للتعليق والتحليل الرياضية في ''الجزيرة الرياضية''، فاجأ الجميع بظهوره على ''كنال بلوس'' أولا، ثم على ''نسمة تي في'' أخيرا، معلقا في البرامج الرياضية لهذه القناة· رشيد بوجدرة·· عودة المشاغب العنيد بعد غياب منذ تاريخ آخر إصدار له سنة 2007 شهدت السنة المنقضية عود صاحب ''الحلزون العنيد'' و''التطليق''، حيث أصدر رواية ''Les figuiers de barbarie''، الذي حصد بفضله العديد من الجوائز، بمجرد صدور الرواية تحصلت على جائزة الرواية العربية في طبعتها الرابعة، وهي الجائزة التي يشرف عليها معهد العالم العربي بباريس، كان هذا مع بداية السنة ليعود مع نهايتها للساحة الثقافية من باب السينما هذه المرة بترأسه للمهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران، غير أنه بالرغم من أهمية مشاركة الروائي بوجدرة في لجنة تحكيم الأفلام العربية إلا أنها لم تكن بقدر أهمية عودته الأدبية، على اعتبار أن الكل كان في انتظار عودة الأديب لعشقه وصنعته الأولى والمتمثلة في نسج قصص وإن كان من خصب خياله إلا أنها في الوقت ذاته تستمد وجودها من واقع الوطن، وهو حال آخر رواية له التي عاد بها إلى ما حدث في الماضي في محاولة لفهم ما يحدث والواقع أن بوجدرة على عادته إما يسعى لتشريح الواقع من خلال قصص فردية، قد تبدو مغرقة في الذاتية إلاّ أنه بين سطورها يكمن مصير أمة ووطن بأكمله، ويبدو أن الحال لم يختلف كثيرا في الإصدار الجديد، حيث عاد الروائي لسرد جانب من الأحداث التي عرفتها الجزائر من خلال شخصية رجلين يجدان نفسيهما على متن طائرة، فإذا بثقل الذكريات يفرض نفسه، ذكريات الصبا والشباب وكل ما حلّ بعدهما من دمار وخراب وفقدان للبراءة، ولعل الرمزية التي دأب عليها رشيد بوجدرة هي التي جعلته يتخذ من التين المتوحش رمزا لأرض الجزائر التي عرف فيها بطلاَ الرواية مرح الطفولة قبل أن تلحق بهما مآسي الأحداث من حروب وإرهاب وغيرهما·. هي إذن عودة مشاغب الرواية الجزائرية الذي لطالما شكل إنتاجه ومواقفه حدثا على الساحة الأدبية، سيما وهو الذي ظل، طيلة عقود، من الفاعلين في الساحة الوطنية في كل المجالات، فهو متعدد الانشغالات من الاهتمام بالسينما، السياسة، التاريخ.. ووصولا إلى الأدب الذي بات من أعلامه ليس في الجزائر فقط وإنما في الأدب العالمي· رشيد بوشارب·· التصالح من بوابة التاريخ صنع الحدث وعاد إلى الساحة السينمائية من الباب الواسع بعد الجدل الكبير الذي أثاره فيلمه ''الخارجون عن القانون''، الفيلم الذي كان بمثابة دعوة لتخليص التاريخ من كل التسربات العالقة بين الجزائروفرنسا والتي تعوق قيام علاقة سوية بين الدولتين، ليس على الصعيد السياسي فحسب وإنما على الصعيد الثقافي، مثلما كشف عنه فيلم المخرج رشيد بوشارب، الذي تسبب في ظهور تيار عارم إكتسح الساحة السينمائية العالمية بين مؤيد ومعجب لما جاء به الفيلم وبين مناهض له، على اعتبار أن قصة الفيلم عاد للحديث عن أساليب الجيش الفرنسي في استنطاق وتعذيب الثوار الجزائريين وبغض النظر عن الجدل الناتج عن الفيلم، ظل المخرج الجزائري الأصل يصّر على موقفه الداعي لأن يظل الفن السابع فضاء فنيا بعيدا عن تأويلات السياسة والحسابات الضيقة، ليؤكد بذلك على موقفه الفني، مرة أخرى جدد رشيد بوشارب مكانته في السينما العالمية بعد مسار سينمائي طويل سعى من خلاله للتأكيد على قيمته الانسانية، فالجدير بالذكر أن بوشارب الذي عاد في الفترة الأخيرة للتطرق لمواضيع لها صلة بماضيه التاريخي دأب طيلة سنوات على العمل على مواضيع إنسانية بالدرجة الأولى، كان همه الوحيد خلالها التأكيد على ضرورة تصالح الفرد مع ماضيه ولعل هذا الدرس أول ما استخلصه، فكان لا بد من العودة لماضيه التاريخي، فكان فيلم ''الأهالي'' الجزء الأول من سلسلة أفلام تاريخية اعتبرها الكثيرون على شاكلة رائعة ''العرّاب'' لفرانسيس فورد كوبولا، غير أن رشيد بوشارب اعتبر الأفلام التاريخية التي قدمها والتي ارتبطت بتاريخ الجزائر الثوري فرصة لتصالحه مع ماضيه الشخصي ومبادرة لفتح النقاش على مستوى الأكاديميين بعيدا عن لغط السياسة والأيديولوجية والحال أن رشيد بوشارب بفيلمه هذا نجح في دخول عالم كبار السينما ولا عجب أن يتم ترشيح الفيلم لأوسكار أحسن فيلم أجنبي·