تجاوز عدد الطلبة المحالين على المجالس التأديبية 500 طالب عبر عدد من جامعات الوطن منذ بداية الموسم الجامعي الجاري، أغلبها ذات صلة بالاحتجاجات المنظمة على مستوى الجامعات والكليات صدرت في حقهم أحكام تتراوح ما بين الطرد لمدة عامين والطرد النهائي من الجامعة، وهو الأمر الذي يعتبره الطلبة قسوة واعتداء على حقهم في الاحتجاج والمطالبة بحقوقهم. تشير الأرقام التي تحصلت عليها ''الجزائر نيوز'' من مصادر مطلعة، إلى أن أغلبية الطلبة المحالين على المجالس التأديبية بسبب سلسلة الاحتجاجات التي عاشت على وقعها أغلب الجامعات، ووصلت إلى حد خروج الطلبة إلى الشارع، أدرجت في خانة الإخلال بالنظام الداخلي للمؤسسات الجامعية واستعمال العنف اللفظي والجسدي المترتب عنه إلحاق الضرر بالآخرين، لكن الأحكام الصادرة عن هذه المجالس التأديبية، التي أوكل لها مهمة فك النزاعات وتطبيق العقوبات عن ما يوصف بالأخطاء المرتكبة عن سلوكات الطلبة قصد فرض الاحترام، باتت هي نفسها -أي الأحكام- تشعل فتيل الاحتجاجات وتؤزم الوضع بسبب ما يصفه الطلاب ب ''تغييب الأطرف المعنية بالقضية والتحيز إلى طرف على حساب الآخر''. تؤكد مصادرنا أنه تم إحالة 87 طالبا على المجالس التأديبية بين جامعة المسيلة وجامعة 08 ماي 1945 بالمة، بسبب الاحتجاجات، إضافة إلى إحالة 10 طلاب على مستوى هاتين الجامعتين على مجالس التأديب بسبب الغش في الامتحانات. وفي هذا الإطار، أصدر المجلس التأديبي لجامعة أحمد درية بأدرار المعروفة بالجامعة الإفريقية، عقوبات من الدرجة الثانية تقرر من خلالها الطرد من عامين إلى الطرد نهائي من الجامعة في حق 24 طالبا، وهي العقوبة المطبقة في حال استعمال العنف الذي يفضي إلى تسجيل عجز أو القتل والتهديد، بينما بلغ العدد الإجمالي للطلبة المحالين على المجلس التأديبي لذات الجامعة السنة الماضية 60 طالبا، الوضع الذي استدعى تدخل الوزارة لحل الانسداد الذي انتهى بإلغاء عقوبة الطرد وإقالة رئيس الجامعة من منصبه، حسب المصدر ذاته. هذا، وتقرر شهر أكتوبر الماضي طرد 17 طالبا من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بعد إحالتهم على المجلس التأديبي بحجة استعمال العنف وغلق أبواب الجامعة بالقوة ومنع الطلبة والأساتذة والموظفين وضيوف الجامعة من الدخول إلى الحرم الجامعي، وجاء قرار هذه العقوبة بعد مرور قرابة الأربعة أشهر من تنظيم الطلبة لحركتهم الاحتجاجية. من جهتها، أصدرت إدارة جامعة منتوري شهر نوفمبر الماضي قرارا بإحالة تسعة طلبة على مجلس التأديب على خلفية مشاركتهم في عملية غلق الجناح الإداري أثناء احتجاج الطلبة في عدة تخصصات على الغموض الذي يكتنف كيفية الانتقال للماستر، ولكن باقي الطلبة لم يتقبلوا هذا الحكم وهو ما دفعهم إلى غلق طريق عين الباي ليلا، بعد أن منعوا من قبل أعوان الأمن من غلق الإدارة بعد تصادم بين الطرفين، وكان الرد على عقوبة الطلبة التسعة بخروج عشرات الطلبة إلى الشارع احتجاجا على ما يسمونه ب ''التعسف الإداري''. في الأيام الأخيرة، استولت على تفكير الكثير من الطلبة مسألة عقوبة طرد طالب لمدة عامين من المركز الجامعي لخميس مليانة، بعد أن دخل طلبة هذا الأخير في إضراب مفتوح عن الدراسة والدخول في حركة احتجاجية استدعت تدخل السلطات المحلية لحل قضية زميلهم المطرود من المركز الجامعي وعدول الإدارة عن تطبيق عقوبة الطرد لمدة عامين، رغم انعقاد المجلس التأديبي لأكثر من مرة بسبب تغيب الأطراف الأساسية تارة، وعدم اكتماله النصاب تارة أخرى. وتعدى حل النزاع إدارة المركز، حيث تمت إحالة القضية على العدالة بعد أن رفع كل من الطالب وعون الأمن دعاوى قضائية ضد بعضهما البعض. ويتراوح عدد الطلبة المحالين على المجالس التأديبية سنويا في جامعة الغرب مستغانم، وهران، سيدي بلعباس.. مابين 50 إلى 60 طالبا، بسبب محاولة الغش أو ثبوت الغش في الامتحانات، الشتم، التطاول على الأساتذة.. وهي الأخطاء التي تصنف في الدرجة الأولى. في حين تسجل الجامعات المنتشرة بالشرق، ما بين 30 إلى 35 طالبا، ويسجل هذا العدد بين جامعة العربي تبسي بتبسة والمركز الجامعي بسوق أهراس وجامعة باجي مختار بعنابة وجامعة 20 أوت 1955 بسكيكدة. أكد رئيس الاتحاد العام للطلبة الجزائريين، أن 80 بالمائة من الطلبة المحالين على المجالس التأديبية لا يتم استدعاؤهم عند انعقاد المجلس التأديبي، ويتم فيها تغييب ممثلي طلبة القسم، وبالتالي لا يتم إعلام الطالب بتاريخ انعقاد المجلس ولا تحديد الآجال التي يعقد فيها، وتكتفي إدارة القسم أو الكلية بتبليغه بالعقوبة المقررة في حقه، الوضع الذي يجعل الطالب ضحية هذه العقوبات التي من شأنها أن تنعكس سلبا عليه، وما يسجل أن هذه المجالس قد تسمح بتدخل أطراف أخرى تسمح بالتأثير على العقوبة المقررة باعتبار أن السلطة التقديرية ترجع إلى أعضاء المجلس التأديبي. بوهنة عبد الرحمان نائب مدير التقييم والمتابعة البيداغوجية بوزارة التعليم العالي ل ''الجزائر نيوز'': المجالس التأديبية للجامعات تسير بنص قانوني قديم يحتاج إلى تعديل في بداية كل موسم جامعي تثير قضية المجالس التأديبية الكثير من النقاشات، هل هناك قانون يضبط سير هذه المجالس؟ أريد القول أن هناك بالفعل نصوصا قانونية تضبط سير الجامعات لأنها لا تسير بطريقة اعتباطية، وصحيح أن النصوص القانونية المتعلقة بالمجالس التأديبية قديمة جدا، صدرت سنة ,1989 في فترة تولي وزير التعليم العالي السابق، عبد الحميد أبركان، ولذلك باتت تحتاج إلى تكييف نظرا للتغيرات التي طرأت على القطاع، والدليل على ذلك أنه ورد تحت عنوان ''النص القانوني المتعلق بتنظيم المجالس التأديبية بالجامعات والمعاهد الوطنية''، وهذا التقسيم أو النمط من المؤسسات لم يعد مجسدا حاليا، بالإضافة إلى ذلك المشكل الذي تواجهه الجامعات الجزائرية هو أن من يتقلدون مناصب المسؤولية هم أساتذة تم تنصيبهم فجأة على رأس إدارة الجامعة أو عمادة الكليات، وبالتالي يجدون صعوبة في التحكم في الوضع والفصل في مثل هذه المسائل والقضايا الإدارية يستدعي وقتا. ويختص النص القانوني الموجود في هذا الشأن، بالفصل في النزاعات التي يمكن أن تنشأ نتيجة الاحتكاك بين أفراد الأسرة الجامعية، ولا يزال مرجعا في انتظار التعديلات التي ستجرى عليه، ولنفهم سير هذه المجالس، لابد من فهم أن التعليم العالي والبحث العلمي يتألف من 03 مؤسسات هي الجامعة، والمدارس خارج الجامعة والمراكز الجامعية، الجامعة تتكون من كليات والكليات تتألف من أقسام، والمراكز الجامعية تتكون من معاهد، أما المدارس فتتكون من أقسام فقط وقد قمنا بتنصيب لجنة وطنية تتكفل بالتقييم وإعادة التوجيه والتدرج، تتولى مهمة تحيين وتعديل النصوص التطبيقية التي وقّع عليها وزير التعليم العالي والبحث العلمي المتعلقة بتطبيق الإصلاحات، ولأن هذا النص يختص بمعالجة مثل هذه الحوادث سنقوم بتنصيب في كل قسم مجلس تأديبي وعندما يقع أي حدث شجار مثلا في مخبر أو قسم معين، فإنه يتم رفع التقرير إلى رئيس القسم، أما في حال وقوع حادث مثلا بين قسمين مختلفين لا يستطيع الفصل فيها رئيسان في القسم بل عميد الكلية يفصل في ذلك، ويمكن للطالب أن يقدم في هذه الحالة طعنا في قرار المجلس لرئيس الكلية. ذكرتم أن النص القانوني قديم يحتاج إلى تكييف، ماذا تنتظر الوصاية للنظر فيه؟ أؤكد على ضرورة إدراج تغييرات في هذا القانون، لكن هناك أولويات فنحن الآن في مرحلة تطبيق نظام ''ال. م. دي'' المدرج في إطار إصلاح قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، ووصلنا إلى تطبيق الدرجة الثالثة منه والمتمثلة في الدكتوراه، وتعديل النصوص بعد عملية التطبيق، لأن ما يهم الطالب أولا هو التعرف على كيفية الانتقال والتقييم وشروط إعادة التوجيه لنصل تدريجيا إلى تعديل هذا النص. عادة ما يحتج الطلبة على قرارات المجالس التأديبية التي لا يكتمل نصابها، علاوة على اكتفائها بإبلاغ الطالب بالعقوبة فحسب، ما ردكم على ذلك؟ المجلس يترأسه رئيس القسم وممثل عن الطلبة، بالنسبة للكلية هؤلاء الأعضاء يتم تعيينهم مسبقا تحسبا لوقوع خلافات ومنازعات من هذا النوع، والمفروض أنه في نهاية كل سنة وتحديدا قبل الدخول الجامعي يتم تشكيل المجلس وتدوم مدة صلاحية تقلد أعضائه هذا المنصب 03 سنوات، والعقوبات التي ينص عليها القانون ترتبط بطبيعة الخطأ المرتكب من طرف الطالب وتقسم إلى صنفين عقوبة من الدرجة الأولى تتمثل في الإنذار الشفوي والكتابي أو التوبيخ الذي يرفق في ملف الطالب، والعقوبات من الدرجة الثانية تتراوح ما بين الإقصاء من دراسة سداسي إلى سنة، الطرد لمدة عامين والطرد النهائي من كل المؤسسات الجامعية. تسببت قرارات بعض المجالس التأديبية خاصة التي أقرت عقوبة الطرد في استمرار الاحتجاجات.. ما هي الحالات التي تتدخل فيها الوزارة للفصل في مثل هذه القضايا؟ سأقتصر في هذا المقام على ما هو موجود حاليا، لأن الحرية ممنوحة لرؤساء الجامعات في تسيير هذه المجالس التأديبية، لكن الوزارة تتدخل عندما تتلقى شكوى من أي طرف، وبالتالي يتم استدعاء الطرف المعني ونطالبه بتحديد المشكل وعلى أي أساس تم تصنيف العقوبة، فمثلا في حال إقرار عقوبة الطرد لمدة عامين، الطالب له الحق في الطعن ويمكن أن يستدعي الشهود في حالة تعلق الأمر بحادثة اعتداء، وإذا لم يقتنع يمكنه إيداع طعن على مجلس الطاعة بالمؤسسة الجامعية. وليس لدينا تفضيل فكل خطأ يترتب عنه عقوبة. فالشتم والإهانة والتقليل من احترام الأستاذ أو أي طرف آخر أو كل ما له صلة بالعنف اللفظي الذي ينتج عنه إلحاق ضرر معنوي من المشاكل المتكررة من قبل الطلبة، لكن هذا لا يعني أننا نسقط على الأستاذ مسؤوليته فهو مطالب بفرض احترام الطلبة له، لذا لابد أن نميز بين الأستاذ الذي يتصف بالجدية ويلتزم بمواعيد التدريس.. وغيرها لأن عملية التدريس مهمة ليست سهلة، فهو مطالب بالتعامل مع شخصيات ونفسيات مختلفة وبالتالي نحاول فرض الاحترام دون هضم حقوق الطالب، وهذا ما يكرسه ميثاق أخلاقيات المهنة الجامعية، لأنه في بعض الأحيان يجد المسؤولون أنفسهم في وضعية صعبة، فهناك من يتعاطف مع الطلبة ومن ينحاز إلى الأساتذة، لكن تبقى مهمة الوزارة هي خلق نوع من التوازن في الحفاظ على حقوق كل طرف والسهر على تطبيق النص القانوني. أغلب المجالس التأديبية يتم عقده دون حضور الأطراف المعنية وفي ظل غياب ممثلي الطلبة، علاوة على توظيف الوساطة لتغيير العقوبة. ما تعليقكم على ذلك؟ ذكرت بأن المجلس التأديبي يشكل مسبقا، قبل وقوع أي حادث لتفادي الوقوع في مشكل الانحياز إلى طرف على حساب آخر، أما بالنسبة إلى ممثلي الطلبة، فإنه يتم تعيينهم بداية كل سنة ممثل طلبة عن كل قسم لهذا الغرض، وممثلي الأساتذة وإذا لم يقتنع الطالب بالحكم يقدم طعنا على مستوى القسم ثم الكلية وصولا إلى رئاسة الجامعة، ويبقى في آخر المطاف رئيس الجامعة هو الجهة المخول لها تأكيد العقوبة الصادرة عن المجلس التأديبي من عدمه، وبالتالي هناك حالات عديدة أغفلها القانون لأن هذه الأمور نسبية.