يبدو أن الوضع المضطرب في تونس منذ ثورة التونسيين وزوال نظام بن علي سيلقي بظلاله على الجزائر، خاصة بعد أن عادت الاحتجاجات إلى الشارع التونسي في الآونة الأخيرة، وليس أدل على ذلك من تعرض أنبوب الغاز الجزائري العابر تونس نحو إيطاليا إلى عملية تخريب بالأراضي التونسية· وقد بدت تطفو إلى السطح تجليات تأثير وضع الشارع التونسي على اقتصاديات هذا البلد في الحياة اليومية بالمناطق الحدودية للجزائر، خاصة بولايتي الطارف وعنابة، فتراجع السياحة بتونس هذا الموسم لم يؤثر فقط على الوكالات السياحة الجزائرية، بل وأثرت على حركة النقل باتجاه تونس، سواء جوا عن طريق الخطوط الجوية الجزائرية التي تراجع مردود طائراتها نحو تونس مقارنة بالسنة الماضية، أو برا عن طريق سيارات ''الكلانديستان'' انطلاقا من عنابة، أو ما يعرف لدى العنابيين ب ''الفرودو''، وهي المهنة التي تعد مصدر عيش بالنسبة إلى العديد من العائلات العنابية وحتى بولاية الطارف· في هذا السياق، يشير أحد ''الفرودور'' إلى أن النشاط هذه السنة تراجع بشكل كبير مقارنة بالسنة الماضية، حيث كان أصحاب هذه السيارات يتعالون على النقل بالمكان (par place) ويفضلون زبونا واحدا يدفع مبلغا محترما بسبب الطلب الكبير الذي كان وازدحام السواح الجزائريين أمام محطات الحافلات ومحطة القطار، أما اليوم، فإن الوضع يختلف تماما، وأصبح ''الفرودور'' يتسارعون كلما وصلت حافلة من وجهة ما ويقفون أمام أبوابها للظفر بمسافر نحو تونس، مضيفا أن الفرودور هذه الأيام ''يقبل بالعودة من تونس بمسافرين اثنين، وفي بعض الأحيان بمسافر واحد''، حتى لا يضطر للمبيت أكثر من ليلة بتونس ويصرف ما ربحه في الرحلة· كما تراجع نشاط الجزائريين من تجار العملة داخل تونس بسبب تراجع السواح الجزائريين، وتراجع الإقبال على الدينار التونسي، هذا الأخير الذي تراجعت قيمته من 1 دينار تونسي مقابل 7 دنانير جزائرية إلى 1 دينار تونسي مقابل 5,6 وحتى 6 دنانير جزائرية· بالمقابل ارتفعت حركة تنقل التوانسة نحو الولاياتالجزائرية الحدودية الطارف وعنابة وتبسة، حيث أشارت تقارير إعلامية إلى أن 70 بالمائة من حركة النقل بالمركز الحدودي ''أم الطبول'' كان للتوانسة، من أجل أغراض تجارية وللتزود بالوقود، وهو ما تسبب في طوابير طويلة على محطات البنزين بولاية الطارف وعنابة، والتي كثيرا ما تفرغ خزاناتها عن آخرها، ناهيك عما تتسبب فيه عمليات تهريب الوقود، خاصة بولاية تبسة· في هذا السياق، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن مبتول إلى ''أنه يجب أن ننتظر تدفقا للعائلات التونسية على المراكز الحدودية وبالذات على مراكزها التجارية بها، للتزود بالمواد الغذائية المدعومة من قبل الدولة مثلها مثل البنزين''، موضحا أن هذا ''الأمر عادي في كل المناطق الحدودية، وهو نفس الشأن بالحدود الجزائرية المغربية والحدود الجزائرية الليبية''، وهو الأمر الذي قد تنتج عنه مضاربة بالمواد الاستهلاكية تؤدي إلى ارتفاع أسعارها· كما لم يستبعد مبتول أن تتم هناك حركة هجرة سرية من التوانسة إلى الجزائر وخاصة بالمناطق الحدودية بحثا عن العمل، محذرا من أن تتعرض اليد العاملة التونسية إلى الاستغلال، خاصة في مجال البناء وغيرها، مثلما يحدث مع بعض الأيادي العاملة·