يصاب الإنسان بأمراض عضوية لا يتوانى في اللجوء إلى الطبيب من أجل علاجها، إلا أنه إذ تعلق الأمر بأمراض نفسية، فإن قبول التوجه إلى طبيب نفسي من أجل علاج مختلف الأمراض من ''اكتئاب ووسواس قهري وعجز جنسي'' تختلف من إنسان إلى آخر· ''الجزائر نيوز '' قامت باستطلاع آراء عدد من المواطنين بالعاصمة، فكانت الإجابات مختلفة، بين قابل لفكرة التردد على عيادات الطب النفسي ورافض لها، وبين مفضل للبدائل الأخرى· تعددت الآراء واختلفت، ما يجعل استطلاع آراء مجتمع تشكل مكوناته عدة تناقضات أمرا مستعصيا، خصوصا إذا تعلق الأمر بالطب النفسي الذي لم يدخل بلادنا إلا في السنوات الاخيرة· المجتمع الجزائري تطور وفكره تطور كذلك، وبات يقبل بفكرة التردد على الطبيب النفساني، يرى كهل في بداية الأربعينيات وجدناه بساحة الأول ماي ''أنا شخصيا قصدت رفقة ابني ذو 8 سنوات طبيبا نفسانيا، فقد كان يعاني من اضطرابات بعد وفاة والدته، فقد سجلت معلمته تراجع مستواه الدراسي، فطلبت مني عرضه على طبيب نفساني، وقد نجح في علاجه وتبين أنه كان يعاني من صدمة رؤية أمه وهي ميتة، ولم يتقبل فكرة وفاتها، إلا أن الطبيب وبعد 9 حصص كاملة نجح في علاجه''· وإن كان هذا الرجل قد اقتنع بفكرة عرض ابنه على طبيب نفسي، مازال البعض يعتبر التردد على العيادة النفسية للعلاج، حاجزا بسبب عدم تفريق المجتمع الجزائري بين الطبيب النفسي وطبيب الأمراض العقلية ·''أنا عن نفسي مصابة بالوسواس منذ سنوات، أبلغني أحد معارفي بأن الأمر يمكن حله علميا، وأن الطب النفسي يمتلك طرق وعقاقير تمكن من علاجه، إلا أن نظرة الأقارب والجيران للطب النفسي منعتني من التردد عليه حتى لا يقولوا عني إني مهبولة'' تقول سيدة في ال 48 سنة· وإن كان البعض يعلم إمكانية علاجه على يد الطبيب النفسي وتبقى المشكلة لديه هو عدم قدرته على كسر جدار الخوف من الفكرة التي يحملها جل الجزائرين عن الطبيب النفسي، أنه طبيب المجانين، فإن شريحة أخرى ترى أن الجزائري بوصفه مسلم ليس بحاجة إلى طبيب نفسي، إذ يقول شيخ في السبعينات في الموضوع ''المسلم لا يصاب بأمراض نفسية إذا كان قلبه مليئا بالإيمان ومبتعدا عن الضلالات فلا أمراض نفسية تصيبه، انظر إلى جيلنا لم نعاني يوما من ضعف في شخصيتنا أو من مرض نفسي، والسبب يرجع إلى البيئة المحافظة التي نشأنا فيها والتربية التي حضينا بها، أما جيل اليوم فلا ينشأ في ظروف عادية، وذالك ما يعود عليه بعقد وأمراض'' وفي نفس السياق يرى شاب لم يتم ال 19 من عمره أن الرقية الشرعية هي بديل الطبيب النفسي لديه· وعن أسباب امتناع البعض عن التردد على الطبيب النفسي، أجابتنا طالبة في كلية الاداب أن الخوف من كشف الأسرار الشخصية والحديث عن المكنونات هو ما جعل المواطن الجزائري يحجم عن التردد على العيادات النفسية، فالرجل يرى في المسألة ضعف ونقص رجولة بأن يبوح بعيوبه لطبيب نفسي، وكذلك الفتاة التي قد لا تبوح إلى أقرب الأقربين لها بالمكنونات والعقد، فهي تفضل إخفاءها في ضميرها على أن تبوح بها إلى أي كان· ومهما تنوعت الآراء واختلفت، إلا أن المستنتج هو أن شريحة كبيرة من الجزائرين تتقبل فكرة التردد على الطبيب النفسي من أجل العلاج من مختلف الأمراض النفسية، في حين لا يقوى كثيرون على المجاهرة بذالك ويبقون الأمر سرا، فيما يرفض كثيرون الفكرة ويرون أن الطبيب النفسي لا يتردد عليه إلا المجانين أو من هم في طريقهم إلى الجنون، في حين يفضل البقية الرقية الشرعية هذه التي اختلط خيطها بخيط الشعوذة والخرافات التي قد تزيد المريض سوءا·