تعددت النعوت، وتشعبت الآراء، بين سعداء بقدوم موعد الصالون الدولي للكتاب، وبين ''تعساء'' لا يرون في المناسبة حدثا يغير وجه المدينة الشاحب· كثر الجدال وأسالت الأقلام حبرا متلونا، بعضها مهلل ومبشرا بصدور رواية و مجموعة شعرية، وأخرى مرتقبة لأسرار مذكرة شخصية سياسية أو تاريخية· الدخول الأدبي في الدول التي تقرأ بشراهة، يبشر بقدوم قافلة الكتب، وتعلن استعدادها لخوض غمار المنافسات الأدبية الكبرى، لكل دار عضلاتها الفكرية المفتولة، واثقة تقول ''انا الجديرة بالجائزة· في الجزائر''، رغم اتساع رقعة الصالون سنويا، تبقى دور نشرنا متواضعة، بالكاد نرى لها عضلات، الأغلب أنها لا تهوى رياضة حمل الأثقال· أصلا لا مجال للإغراء عندما تطوف حولها، هي بسيطة المظهر، لا تلبس سوى ما تراه معقولا؟ لا تحب البهرجة، ولا تحب العراك أيضا، منطقها بعيد عن منطق دور النشر الفرنسية أو اللبنانية أو المصرية· إرتفع صوت بعض الكتاب والقراء عند انطلاق الصالون، ليقولوا أن ما يقع بساحة المركب الأولمبي، ليس حدثا أدبيا، ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبراه دخولا أدبيا، على غرار ما تعرفه العواصم المثقفة· بل يصرون على أن الساحة المحاذية لملعب 5 جويلية التاريخي، ما هو سوى تجمع لتجار كتب، خصصت لهم وزارة الثقافة خيمة فاخرة للعرض في غياب شبكة مكتبية تحترم نفسها· أمام هذه المشاعر المتعارضة، أشعر بالفرح، لأن المعرض قائم حيث هو الآن، بعد أن تخلصت من حنيني إلى موقعه القديم بالسافكس، أصبحت أفكر في الصفحات الواعدة التي تحمل توقيعات زملاء لي في المهنة· تشعرني بعض أخبار الأصدقاء والزملاء بالغبطة والسرور، كتاب من جيل جديد، لا هم من زمن الاستعجال ولا من مرحلة التقتيل والتهديد، هي أقلام مختلفة، خالطت كل الأجيال الفاعلة وغير الفاعلة في الساحة الثقافية والفنيةئ والسياسية الجزائرية، واحتكمت بفعل مهنتها في الصحافة، إلى منطق المتابعة وترصد التغيرات، لفهم ما يمكن فهمه في جزائر التناقضات· هؤلاء القادمون الجدد، هم كتاب صحافيين، سامية بلقاضي، عبد اللطيف بلقايم، الخير شوار، محمود أبو بكر، ومعهم في الركب زهية منصر و''صلاتها على قبر نجمة''·· جميعهم خلد اللحظة، كتب الواقعة بحس الصحفي الرهيف، و سرد الراوي المتمكن من تقنية الحكي والابداع··لأجل هؤلاء لا يمكن أن ننكر وجود حركة أدبية إبداعية في الجزائر، هم جيل ينتظر من دور النشر الجزائرية أن تقتحمهم في مغامرة الجوائز والتقديرات، بدون أدنى عقدة·