ليست هناك علاقة أو رابط بين راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية، التي فازت في انتخابات المجلس التأسيسي في تونس في الفترة الأخيرة، وبين نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي وزعيم حزب الدعوة الاسلامية، ما عدا الصبغة الدينية الإسلامية التي تتوزع على مذهبين مختلفين مثلما هو معروف، لكن ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس) يستحق الإشارة إليه تناولاً واستغراباً في هذه الكتابة· واعتماداً على ما نقلته الوكالة المذكورة، فإن حركة النهضة قالت إن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وعد الشيخ راشد الغنوشي بتأجيل تنفيذ حكم الإعدام الصادر ضد التونسي يسري الطريقي، الذي أدين بالتورط في عمليات إرهابية، بما يتيح الوقت للسعي لإعادة النظر في القضية· وكانت محكمة عراقية قد أصدرت حكماً بإعدام الطريقي المعروف باسم (أبوقدامة التونسي) بتهمة الانتماء إلى القاعدة، وتفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء في 22 فيفري ,2006 واغتيال مراسلة قناة العربية أطوار بهجت السامرائي بعد يوم من التفجير المذكور، والذي تسبب في عنف طائفي كاد أن يتحول إلى حرب أهلية شاملة· ويذكر في هذا الجانب، أنه يوجد داخل السجون العراقية حالياً عدد من التونسيين المتهمين بقضايا لها صلة بالإرهاب، منهم طارق بن الطاهر الحرزي، ومحمد الهمامي، ومحمد المديني، وعبد الكريم شعنب، وعبد الرحمن بسدوري، ووليد بن خالد، وصالح بن نصر، ومناف جهاد بوعلاق· وهذه الوساطة الغنوشية، التي تأتي لمصلحة الإرهابيين وعناصر القاعدة، تؤكد على حقيقة مفادها أنه مهما تخفّى هذا الحزب الإسلامي أو ذاك بستار أو قناع من الوسطية والديموقراطية و(التُقية) وحتى العلمانية، لكنه لابد أن يسفر عن هذا القناع بغفلة منه، أو تحت ضغط ايديولوجيته الحقيقية ذات الخلفية الجهادية والتكفيرية والسلفية، أو كما يقول الشاعر: (وحنينه لأول منزل)! وبهذه المناسبة يبدو أن واشنطن لم تتعظ من التعاون مع الإسلاميين، بل وحتى دعمهم، كما حصل في أفغانستان، وكانت نتيجته معروفة، حيث صرّحت أخيراً هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية الأميركية بالقول، إن أميركا مستعدة للتعاون مع الإسلاميين الذين فازوا في الانتخابات التونسية· ونحن نتساءل: إذا كان التعاون الأميركي الأول جاء لنا ولأميركا على حد سواء بنموذج الإرهاب المتمثل في القاعدة، فيا ترى ماذا سيكون عليه النموذج المقبل جراء هذا التعاون الأميركي؟!، وبالتالي، اللهم لا شماتة سلفاً، إذا ما جلست أميركا على خازوق جديد!، والمهم ألا نجلس عليه نحن أيضاً!