شيع جثمان الإعلامي عبدو·ب إلى مثواه الأخير، ظهر أمس، بمقبرة سيدي يحيى بحضور جمع غفير يتقدمهم بعض الوزراء ومدير التلفزيون الجزائري ومدراء الجرائد والإعلاميين من مختلف وسائل الإعلام، وكذا المدير العام السابق للتلفزيون حمراوي حبيب شوقي، وعدد من المخرجين السينمائيين، بالإضافة إلى أقارب ------------------------------------------------------------------------ وأصدقاء الفقيد الذين رافقوه إلى مثواه الأخير· عبدو· ب :رحيل رجل الشاشتين مع أنه لم يختر لحظة مروره إلى العالم الآخر، إلا أن الأقدار اختارت له لحظة مرور بين سنتين، ولحظة مرور إلى تعددية إعلامية سمعية بصرية قيل بشأنها الكثير، وهو الذي كان واحدا من أبرز رجال الشاشتين (السينما والتلفزيون)، وكان يدير مجلة بهذا الاسم ''الشاشتان''· إسمه الحقيقي عبدو بن زيان، لكن الناس عرفوه باسمه المختصر ''عبدو· ب'' إلى درجة أن بعضهم عندما يلتبس عليه الاسم الكامل يقول عبدو، ب ويطيل في الباء حتى يخال للسامع أن الباء اسمه الكامل· ولئن بدأت مسيرته المهنية كواحد من أهم النقاد المتخصصين في الشأن السينمائي والتلفزيوني، إلا أن شهرته الكبيرة حققها عندما تسلم إدارة التلفزيون الجزائري في بداية التعددية السياسية والإعلامية في البلاد، وتمكن من إحداث ثورة حقيقية في التلفزيون، حيث رفع مدة البث اليومي بشكل غير مسبوق، وبالمقابل أدخل تقاليد جديدة في العمل إلى درجة أصبح خلالها التلفزيون الجزائري مثالا للجودة والانفتاح قبل انتشار ظاهرة الفضائيات، وقيل بعدها إنه ''التلفزيون الجزائري''، كان مؤهلا لسباق الفضائيات أكثر من غيره، لكن عبدو أصيب بعدها بأزمة قلبية سنة 1991 وتزامن ذلك مع نهاية عهدته على رأس التلفزيون الذي عاد بعده إلى تقاليد تسييره القديم الأبعد ما تكون عن الاحترافية، وتزامن ذلك مع الانغلاق التدريجي له بفعل إلغاء المسار الانتخابي· وعندما كانت فترته عصرا ذهبيا أريد له أن يعود سنة 1993 غير أنه فشل هذه المرة، حيث نجح في سابقتها، وتبين أن الظرف السياسي الجديد حينها لم يترك له أي هامش لإحداث ثورة جديدة في القطاع الذي انغلق بشكل نهائي بعد ذلك في زمن انفتاح الفضائيات· ويبتعد مرة أخرى عن التسيير، لكنه لم يبتعد عن الهمّ السمعي البصري الذي لازمه طيلة حياته، وبقي إلى أواخر أيامه يكتب مقالات دورية في يوميتي ''لاتريبين'' و''لوكوتيديان دورون'' المفرنستين، ويقدم إسهامات في شكل نقاشات وحوارات لمختلف الجرائد المفرنسة والمعربة ومختلف الوسائل الإعلامية التي تطلب خبرته· وقبل أن يعرف كمدير للتلفزيون، اشتهر عبدو· ب كرئيس تحرير لواحدة من أنجح المجلات المتخصصة في السمعي البصري وهي ''الشاشتان'' في ثمانينيات القرن الماضي، وهو المولود يوم 12 أوت 1944 في بريكة (ولاية باتنة)، وكان قد بدأ حياته المهنية صحفيا في مجلة ''الجيش''، وكان آخر منصب شغله هو مستشار لدى المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي ''الكناس'' بمناسبة الجلسات الوطنية للتنمية· وعبدو· ب الذي ظل يدافع عن التعددية السمعية البصرية، لم يكن مطمئنا لمستقبل هذا القطاع في الوقت الحالي حتى عندما أعلن عن فتحه ''المشروط''، وكان يقول إنه حتى ولو فتحت أكثر من عشرين قناة، فإن محتواها لن يختلف عن التلفزة الرسمية الحالية· ولم تمهل الأقدار عبدو· ب ليرى التحوّل الإعلامي المقرر هذه السنة عندما توقف قلبه عن الخفقات في اليوم الاخير من سنة .2011