ما زالت قضية تمويل الحملات الانتخابية الهاجس الأول للكثير من الأحزاب، خاصة تلك التي لا تملك أغلبية المقاعد أو تملك بعضا أو لا تملك أصلا مقاعد في البرلمان، حيث تتخوف من سطوة المال السياسي، في ظل انتقاد بعض الأحزاب ضعف تمويل الدولة، وهو ما يدفع البعض -حسبها- إلى إقحام رجال المال والأعمال أو ما يطلق عليهم بأصحاب الشكارة· وعارضت أحزاب أخرى كل أوجه الدعم من الدولة لضمان استقلالية الانتخابات وشفافيتها، في حين أن أحزاب أخرى على غرار الأفلان قال إنه فصل نهائيا في قضية توفير الأموال للحملة الانتخابية، من خلال وضع رصيد مالي للحملة، مؤكدا أنه لا يمكن أن يبقى في انتظار المساعدة المحتملة للدولة المنصوص عليها في المادة 203 من قانون الانتخابات· في هذا الإطار، أكد ''فيلالي غويني'' ممثل عن حركة الإصلاح، خلال استضافته، أمس، في الحصة الإذاعية ''وجها لوجه'' أن هناك اختلالا كبيرا في الاستفادة من مقدرات الدولة الجزائرية، منتقدا توفير السلطة الجزائرية وسائل الدولة لأحزاب بعينها ومنعها عن أحزاب أخرى، معتبرا أن الواقع يبين استفادة أحزاب فعليا من إمكانيات الدولة المادية والبشرية، وعندما تنتقد أحزاب أخرى يقال لها اعتمدي على نفسك، داعيا في هذه الحالة الكل إلى الاعتماد على نفسه· وقال فيلالي إنه مند أسابيع قليلة، وقبل خطاب الجمهورية، كان الوزراء يقومون بحملات انتخابية، ولما أنهوا تلك الحملات جاءت الدعوة إلى عدم استغلال مناصبهم، مضيفا أن إمكانيات الدولة تسخر تلقائيا، وقال ذات المتحدث إننا حاليا في مرحلة الحملة المسبقة للانتخابات، معتبرا أن تجنيد رجال الأمن يدخل في استخدام المناصب باعتبار أن هؤلاء ليسوا ملكا لحزب· واستنكر غويني تأخر صدور المراسم التكميلية لتحديد كيفية الدعم المقدم من الدولة، كما أكد أن حركة الإصلاح تعارض منح هذه الأموال بالتساوي بين الأحزاب حتى لا تحول إلى نشاط ''سيرك عمار''، منتقدا تسخير وسائل السلطة للأحزاب من قبل أعضاء الحكومة· وانتقد بعض السلوكيات المترسخة في الطبقة السياسية، من خلال وصول بعض الشخصيات إلى المناصب بشراء الذمم والأموال، والفضيحة الكبرى لم نسمع عن أية حالة متابعة، فأين تلك القوانين والضوابط التي قال إنها تبقي الواقع شيئا والحديث النظري شيء آخر، عدم منع الوزراء من استخدام إمكانيات وأموال الشعب، متسائلا عن كيفية تمنع أحزاب أخرى من هذا الدعم· من جهته، اعتبر ''صالح دجال'' عضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني أنه بنسبة لمصادر التمويل، فقد فصل فيها القانون من خلال قانون الانتخاب في المادة 203 الذي حدد ثلاثة عناصر للتمويل، تتمثل إما في مساهمة الأحزاب السياسية أو مساعدة محتملة من الدولة تقدم على أساس الإنصاف بين الأحزاب، إضافة إلى مداخيل المترشح في حد ذاته· وأضاف أن هذه المادة القانونية تقابلها عقوبة في حالة الإخلال بهذه الشروط الثلاثة، ورد دجال على اتهامات الإصلاح باستخدام الوزراء لمناصبهم والقيام بالزيارات التفقدية، بأن ذلك يدخل في نشاطهم العام وأكد أنه لا أحد يعلم إن كان هؤلاء الوزراء سيكونون في القوائم الانتخابية أم لا، واعتبر أن هذا الطرح كان إشكالية في المادة 193 من قانون الانتخابات وتم الفصل فيه بالتصويت وهذا ليس محله· وأكد عضو اللجنة المركزية أن يكون الأفلان قد تلقى أي دعم من أي وزير، مؤكدا أن الأمور واضحة في بيت الأفلان، وقد قدمت الميزانية المالية للانتخابات مسبقا، لقطع الطريق أمام كل من يدعي أن الحزب يستغل المناصب والسلطة والإدارة في دعم حملته الانتخابية· ونفى المتحدث وجود رجال المال والأعمال في المجلس ورفض قضية دعم الدولة، حيث قال إن الأفلان لا يمكن أن يبقى في انتظار الدعم المحتمل للدولة غير المضمون، مضيفا ''لدينا رصيد جاء بالطرق القانونية، والقانون الجزائري واضح ومصالح الأمن لديها معطيات عن ذلك''· أما الناطق الرسمي باسم حزب العمال جلول جودي، فأكد أن حزبه يدافع عن الاستقلالية السياسية للأحزاب، بمعنى أن التمويل -حصريا- يكون من المناضلين، لأن الجميع يعلم أن من يمول يراقب، وإذا مولت الدولة يعني أنها ستراقب، مؤكدا استحواذ رجال المال والأعمال على المجلس الشعبي الوطني الذي تكونت فيه لوبيات المال، لهذا -يقول جودي- ''طالبنا بحالات التنافي''، مؤكدا أن الواقع يقول إنه في الحملات الانتخابية يوجد استعمال المال وشراء الذمم، وشراء المناصب، لذلك لابد ألا يكون البرلمان ملوثا برجال المال·