هل يمكن لعاقل أن يقتنع بأن كل ما يحدث من صراع وتهافت حول الترشح للانتخابات التشريعية هو من أجل خدمة الوطن، هل يمكن الاعتقاد بأن ما نقرأه وما نسمعه من خلال الأحزاب صحيح؟ أم هو مجرد احتيال وتحايل لا أكثر؟ قال حماري وهو ينفث دخان سجائره الكريهة، الحقيقة وكما نعرفها جميعا وكل هذه الحمى، وهذا التضارب ليس سوى من أجل شيء واحد هو الطمع· قلت·· أنت متأكد يا حماري بأن الطمع هو الذي يحرك أهل السياسة عندنا؟ نهق نهيقا مخيفا وقال·· الطمع يحرك الجميع، الديمقراطي والإسلامي والعلماني وحتى المجنون الذي لا يفقه شيئا؟ قلت·· ما الذي يجعلك تفكر بالمطلق هكذا دون التفريق بين الصالح والطالح· نظر إليّ نظرة غريبة وقال بعد أن نفخ في وجهي بدخانه الملوث، هل يمكن أن تقول لي ما هو الفرق بين بلخادم الانتهازي وأويحيى الاستئصالي وأبوجرة الراقي وجاب الله الوصولي وخالتي الويزة التي لا تستقر على رأي؟ قلت·· أشخاص تختلف طرقهم ووسائلهم ولكن أهدافهم وحيدة· قال صارخا·· لا شيء يختلف بينهم، يحركهم جميعا الطمع وهدفهم هو الوصول إلى السلطة، عين على التشريعيات وعين على الرئاسيات· قلت·· هل يفكر هؤلاء حقيقة برئاسة البلد؟ قال ساخرا·· طبعا طمعهم يجعلهم يؤسسون أحلاما تفوق الخيال، قل بربك كيف لأشخاص لا يستطيعون حتى ترتيب أحزابهم أو فرض الانضباط فيها أو حتى توحيد المناضلين، كيف لهم أن يحكموا شعبا بأكمله؟ قلت ضاحكا·· نحن في الجزائر كل شخص حاكم في دماغه، وكلنا نتكلم في السياسة وجميعنا نحلل ونناقش لذلك ربما تم إفراز هذه النوعية من السياسيين؟ قال·· العبرة بالنتيجة يا صديقي هذا الإفراز السياسي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يغير وجه البلد ولا يمكنه أن يكون هو البديل لتكوين دول قوية متماسكة، لأن الخلطة هشة وضعيفة لا يمكنها أن تفعل شيئا سوى تعميق الجرح· قلت بحزن·· هذا هو القماش أدي ولا خلي ليس لدينا خيار آخر·