في كل موعد انتخابي بالجزائر، تتجه الأنظار إلى منطقة القبائل، وكل الأحزاب السياسية تحسب لهذه المنطقة ألف حساب، باعتبارها تحمل دلالات سياسية وتعتبر من القواعد الخلفية للمعارضة، حيث اشتهرت بالمقاطعة منذ سنة 1995 مع الانتخابات الرئاسية وسنة 1999 بعد انسحاب ستة من المترشحين من بينهم حسين آيت أحمد، وازدادت نسبة المقاطعة بعد مقاطعة حزب الأفافاس لتشريعيات 2002 و,2007 ومنذ ذلك الوقت أصبحت الانتخابات بمنطقة القبائل توصف باللاحدث. فهل الأحزاب السياسة وخصوصا الأفافاس قادرة على إقناع سكان منطقة القبائل بالذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم 10 ماي المقبل سيما مع مقاطعة حزب الأرسيدي للانتخابات؟ المتتبع للشأن السياسي بمنطقة القبائل يجد أن الأحزاب السياسية تراهن كثيرا عليها، وتسابق الأحداث لإقناع المواطنين بالانتخاب، وكل حزب يحاول كسب أصوات لصالحه، فولاية تيزي وزو التي تتضمن 32 قائمة انتخابية، منها قائمتان للأحرار، ينتظرها تحدٍ كبير لكبح ''المقاطعة''، حيث شهدت ولاية تيزي وزو منذ شهر جانفي المنصرم حركة غير عادية في المجال السياسي، لاسيما خلال مرحلة التحضير للقوائم الانتخابية التي ستدخل بها الأحزاب والأحرار تشريعيات 10 ماي المقبل، وكل حزب يراهن على شخصيات فاعلة لكسب ثقة الناخبين. وأظهر صراع ملبنة ذراع بن خدة الأهمية التي توليها الأحزاب السياسية لولاية تيزي وزو، حيث سارعت لويزة حنون إلى تنظيم تجمع شعبي بذراع بن خدة وأعلنت تأييدها للعمال، وبعدها حزب الأفافاس الذي زار عمال الملبنة المضربين عن العمل وأبدى تضامنه ومساندته الكلية. كما نظم الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم تجمعا شعبيا بدار الثقافة مولود معمري يوم 2 مارس أمام مناضلي الأفالان على هامش ملتقى حول مشاركة الشباب في الانتخابات، محاولا إقناع هذه الفئة بالانتخاب وتوجيه رسائل لسكان المنطقة للمشاركة في التشريعيات. وبعدها بدأت قيادات الأحزاب السياسية الأخرى تتوافد إلى ولاية تيزي وزو بعقد اجتماعات مغلقة مع إطاراتهم ومناضليهم لبحث استراتيجيات ومخطط دخول الانتخابات وإقناع المواطنين بالانتخاب. وكان الأفافاس قد برمج تظاهرات عديدة بكل من بلديتي تادميت وذراع بن خدة يوم 8 مارس المنصرم احتفالا بعيد المرأة، حيث دعا السكرتير الأول علي العسكري المرأة إلى المشاركة في الحياة السياسية والنضال إلى جانب أخيها الرجل للدفاع عن الديمقراطية والحرية. كما فتحت الحصة الجديدة لإذاعة تيزي وزو ''تيزي فوروم'' المجال للأحزاب السياسية لطرح برامجها وتوجيه خطابات سياسية ورسائل مباشرة لسكان منطقة القبائل، وكانت زعيمة حزب العمال أول من دشن هذه الحصة، وصرحت أنها رفضت كل طلبات الإذاعات الجهوية عبر تراب الوطن، معتبرة أنها قبلت دعوة إذاعة تيزي وزو نظرا لأهمية هذه الولاية سياسيا، كما أكد أحد مترشحي هذا الحزب يومها في الكواليس أن الخطاب السياسي عبر الإذاعة يسمعه عدد واسع من المواطنين عكس التجمعات الشعبية، ما يوحي أن حزب العمال خطط لانطلاق الحملات الانتخابية بولاية تيزي وزو عبر حصة ''تيزي فوروم''. وبعد لويزة حنون، استقبلت ولاية تيزي وزو الأمين العام للحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس الذي قال في منتدى الإذاعة إن سكان ولاية تيزي وزو ومنطقة القبائل ككل لها خصوصية سياسية مهمة ويجب استثمارها ميدانيا. وبعدها محمد السعيد بلعيد رئيس حزب الحرية والعدالة الذي قال إن أصغر مترشح لحزبه في التشريعيات من ولاية تيزي وزو، وفضل حزب الأفافاس أن يعتمد على السكرتير الأول السابق أحمد جداعي والمستشار السياسي الحالي لعلي العسكري أن يكون ضيف حصة ''تيزي فوروم'' لمخاطبة سكان منطقة القبائل وإقناعهم بالمشاركة والانتخاب لصالح الأفافاس كقوة سياسية معارضة. الأحزاب السياسية تراهن على الملف الأمني والاجتماعي لإقناع سكان منطقة القبائل بالانتخاب اعترف زعماء الأحزاب السياسية بصعوبة إقناع سكان منطقة القبائل على الإقبال بقوة على صناديق الاقتراع يوم 10 ماي المقبل بالنظر لنسب المشاركة الضعيفة في مواعيد انتخابية سابقة. يلاحظ أن كل الأحزاب تعتمد في خطاباتها السياسية على الملف الأمني لإقناع سكان منطقة القبائل بالانتخاب، نظرا لتردي الوضع الأمني بها، خصوصا مع استفحال ظاهرة الاختطافات والجريمة المنظمة وانتشار الجماعات الإرهابية وتزايد الحواجز المزيفة. وذهب عمارة بن يونس إلى القول أنه في حالة وصوله إلى الحكم سيقضي نهائيا على الإرهاب بتيزي وزو وبومرداس، أما لويزة حنون، فقالت إن الجانب الأمني بتيزي وزو يعتبر من أهم النقاط الرئيسية لحزبها بالمنطقة، واعترف أحمد جداعي أن تردي الوضع الأمني بمنطقة القبائل كان نتيجة غياب رغبة لدى الدولة لحل المشكل ووصف الوضع بالخطير. كما اعتمدت الأحزاب السياسية أيضا على الملف الاجتماعي محاولة إقناع المواطنين بالانتخاب، حيث كانت تركز في كل تجمع شعبي أو تدخل في حصة إذاعية على ظاهرة البطالة والسكن وتقدم وعودا لسكان القبائل بإيجاد حلول سريعة. هل بإمكان الأفافاس أن يقنع سكان منطقة القبائل بالانتخاب؟ كل الأنظار بمنطقة القبائل تتجه إلى حزب جبهة القوى الاشتراكية ومدى قدرته على إقناع السكان بالانتخاب يوم 10 ماي المقبل، خاصة وأن منطقة القبائل تعتبر قاعدة خلفية للأفافاس، الذي سبق وأن نجح في إقناع السكان بمقاطعة تشريعيات 2002 و2007 وكذا رئاسيات 2004 و.2009 لذا فإن أقدم حزب معارض كان يدعو إلى المقاطعة سابقا، يجد نفسه أمام رهان صعب لإقناع المواطنين بالانتخاب. ومنذ إعلان الأفافاس عن مشاركته في التشريعيات، بدأت فيدراليات كل من تيزي وزو، بجاية والبويرة تقوم ب ''المهمة الصعبة'' المتمثلة في إقناع المناضلين والمتعاطفين بالانتخاب، فبولاية تيزي وزو تقوم الفيدرالية بعقد عدة اجتماعات على مستوى مقرها وعلى مستوى بلديات الولاية لشرح أسباب وأهداف الأفافاس في المشاركة، ووضع استراتيجيات فعالة لنجاح الحملة الانتخابية. وقد كشف بعض قياديي الأفافاس ل ''الجزائر نيوز'' أن الحزب رفع التحدي وله ثقة كبيرة في المناضلين والمتعاطفين لكسب الرهان. هل ستؤثر مقاطعة الأرسيدي على التشريعيات بمنطقة القبائل؟ يعتبر الأرسيدي ثاني حزب يملك قاعدة نضالية مهمة بمنطقة القبائل بعد الأفافاس، فالسؤال الذي يطرحه الكثيرون هو: هل مقاطعة حزب السعيد سعدي ستؤثر على التشريعيات في منطقة القبائل؟، فالكثير من المتتبعين للشأن السياسي بمنطقة القبائل يرون أن حزب الأرسيدي لن يؤثر كثيرا على التشريعيات ولن يقدر على إقناع الناس بالمقاطعة ماعدا مناضليه الأوفياء، حيث ربطوا مشاركته في المواعيد الانتخابية للتشريعيات السابقة، ورغم ذلك سجلت ولاية تيزي وزو ومنطقة القبائل ككل أدنى نسب مشاركة. لكن ما هو ملاحظ في الميدان بمنطقة القبائل هو فقدان الأرسيدي لشعبيته بعدما اكتشف المناضلون والمواطنون حقيقته، وخصوصا السياسة التسلطية المنتهجة داخل الحزب وإقصاء كوادره من حق التعبير عن آرائهم ومواقفهم، لذا فالكثير يرون أن عودة الأفافاس إلى الانتخابات التشريعية سترفع بكثير نسب المشاركة. وحسب معلومات تحصلت عليها ''الجزائر نيوز'' من مصادر مؤكدة، فإن العديد من مناضلي الأرسيدي ببلدية فريحة غادروا نحو حزب الأرندي، وأن مناضلي الأرسيدي بمنطقة بوزقان يستعدون للقيام بحملة انتخابية لصالح القائمة الحرة ''التأصيل'' التي تترأسها زاهية كعبوب، باعتبار أنها تتضمن حانوتي سعدي الذي ينحدر من بوزقان، وكليهما ينتميان إلى حزب الأفالان، وهذا ما يوحي أن مناضلي الأرسيدي كانوا ضد قرار مقاطعة التشريعيات، ويحاولون مساندة قوائم انتخابية أخرى للوقوف في وجه الأفافاس. حركة الحكم الذاتي تشن حملة شرسة لإقناع سكان منطقة القبائل بمقاطعة الانتخابات تشهد منطقة القبائل، منذ أسبوعين، حملة قوية وشرسة يقودها مناضلو حركة الحكم الذاتي لمنطقة القبائل التي يتزعمها المغني القبائلي فرحات مهني من أجل إقناع السكان بمقاطعة الانتخابات. كما برمجت حركة فرحات مهني مسيرة يوم 20 أفريل بمدينة تيزي وزو في الذكرى المزدوجة للربيع الأمازيغي للمطالبة بالمقاطعة.