أصبح حماري مدمنا على خرجات المرشحين للانتخابات التشريعية القادمة ولا يفوت فرصة للتهكم أو التحليل أو النقاش أو النقد لكل ما يقومون به من تصريحات تبدو في كثير من الأحيان كلاما خاويا فارغا لا يسمن ولا يغني من جوع. هذه المرة أصيب ''بغمة'' وهو يسمع زعيم الأرندي وهو يقول بأن الذين يدعون للمقاطعة الانتخابية هم عملاء للخارج ولا يحبون الخير للبلاد والعباد، فانتفض حماري من سباته وصاح مندهشا، إذن أنا عميل؟ قلت له ضاحكا ومهوّنا، لا يقصدك أنت يا حماري، أنت تستجيب لمن يدعو ولست الذي يدعو لذلك. قال غاضبا·· ولكني لا أستجيب لأحد، ولكن قناعتي الخاصة هي التي تجعلني لا أمنح صوتي لهؤلاء، ليس كما يقول لأني عميل للخارج أو لأني لا أحب بلادي، ولكن حبي الشديد لهذا الوطن هو من يجعلني أعزف عن القذارة والمشاركة في تطويل عمر الفساد. قلت له ساخرا·· وهل وحدك يمكن أن تحطم المعبد بما فيه أيها الحمار؟ قال·· لا تخف لست وحدي ولكن الشعب بفاقب ولم تعد تستهويه أو تغريه تلك الخطابات العاطفية التي تفرزها الوجوه المقززة التي تلعب بالبيض والحجر، وأصبح يعرف أن صوته لا يقدم ولا يؤخر، لأن كل الحسابات مضمونة سلفا. قلت·· وهل تظن هذا وعيا أو ''فهامة'' أو ماذا يا حماري؟ نهق نهيقا مخيفا وقال·· إذا كان أويحيى يقول بأن من يقاطع فهو متحالف مع الخارج ويريد الدمار والخراب للبلد، أنا أقول له بأن وهل من ينتخب ليس متحالفا مع قوى الفساد الداخلية التي تريد أن تبي الوضع على حاله؟ قلت مندهشا·· أنت تبالغ وأصبحت متطرفا في أفكارك التي لا تعبّر عن الواقع الحقيقي أيها الحمار المسوّس. ضرب بذيله يمينا ويسارا وقال باستهزاء·· الشعب بريء ولا يعرف التحالف سوى مع الله، لأنه يعرف بأن الله هو من ينصفه ويعطيه حقه وليس هذه الوجوه الكئيبة التي ترمي بأخطائها على الخارج. قلت·· معك حق لو أخذ كل منا حقه كما يلزم لما وصلنا إلى هذا الحال الذي نعزف فيه عن حقنا السياسي بسبب الفقر والعوز وبالغبينة وليس لأسباب أخرى كما يقول أويحيى.