لا أدري لماذا يرى حماري وحده أن البلاد تعيش وضعا غير عادٍ، وأن الفوضى هي السمة الوحيدة التي يمكن وصف بها ما يحدث في الساحة السياسية؟ قلت له... الدليل أن الأمور تسير على ما يرام، العطلة التي ستمنح للوزراء جرّاء الجهود التي بذلوها طوال السنة. نهق نهيقا مخيفا وقال... الوزراء الذين تتحدث عنهم عطّلوا طوال السنة بدليل أن الإضرابات والاحتجاجات التي شهدتها مختلف القطاعات لم نجد وزيرا عقد ندوة صحفية ولا حاول فهم ما يجري في الشارع أو حتى فكّر في الاستقالة؟ إنفجرت ضاحكا... أي استقالة تتكلم عنها يا حماري؟ هذا السلوك الوحيد الذي لا يعرفه السياسيون عندنا رغم أنهم أصبحوا يجيدون كل أنواع السلوكيات الدخيلة على عالم السياسة. قال... هل تعرف أني توقعت استقالة وزير التربية الوطنية لمجرد أن يقرأ في الصحافة عن بزنسة في أسئلة البكالوريا... لكنه لم يفعل وتوقعت أن يستقيل وزير الصحة لمجرد أن يتمرد الأطباء ويخرجون للشارع للمطالبة بحقوقهم لكنه أيضا لم يفعل... قلت بسخرية... في بعض الأحيان تفكر بعقلية منطقية جدا وتتصور أنك تعيش في بلد ديمقراطي يحترم قواعد اللعبة السياسية... يا حماري العزيز العملية كلها مجرد ''بريكولاج'' سياسي... قال عندنا سياسية. نهق بشدة وقال... منذ البداية كانت السياسة لغير أهلها وكل من حكمونا فكروا بمنطق أناني بحت... فكروا في أنفسهم قبل أن يفكروا في الشعب وما تزال هذه الحكاية تسير بنفس المنطق ولن تتغير أبدا. قلت... إذن يا حماري لا يمكن أن أتفاءل بحكومة جديدة ووجوه جديدة؟ أطلق قهقهة عالية فيها من الحزن والسخرية والنحيب والبكاء بما يكفي وقال... النظام هو نفسه سواء جاء فلان أو علان... هل يمكن لأحد أن يغرد خارج السرب؟ هل يمكن أن يخرج عن إرادة السلطة الحاكمة؟ لا أظن لأن النسق العام والخطوط العريضة للعمل هي نفسها فلا يمكن أن يتغير الجزء ذو الكل... واصل كلامه ورأسه في الأرض... لا تتفاءل كثيرا فالطريق ما يزال طويلا...