إتهم وزير المجاهدين بعض الباحثين الفرنسيين في تاريخ العلاقات الجزائرية الفرنسية الذين يساوون بين الضحية والجلاد، بأنهم يمارسون التغليط، ودعاهم لتصحيح معلوماتهم. قلت لحماري الذي اهتم للأمر كثيرا خاصة أن صوت الوزير كان يأتي عبر قناة الراديو وسط كل هذا الغموض الذي نعيشه، قلت يا حماري وهل نحن كجيل استقلال نعرف تاريخنا؟ هل استطعنا أن نقرأ التاريخ كما يجب أن يكون؟ ألسنا من أخطأ حتى ركبتنا فرنسا وصار باحثوها يكتبون ما يشاءون ويزوّرون كما يريدون وأصبحت الجزائر هي الظالمة وفرنسا مظلومة ومكلومة؟ نهق نهيقا فيه الكثير من النحيب وقال... فعلا هناك غموض كثير يكتنف بعض التفاصيل والحيثيات التي عرفها تاريخنا، ولكن ربما هذا نابع من رغبة البعض في تقديس الأشخاص وطمس بعض الحقائق التي من شأنها أن تشوّه فلان أو علان ونسوا أن التاريخ هو كل الحقائق بسلبياتها وإيجابيتها، المهم أن تنقل فقط بأمانة دون تزييف وتحريف. قلت... هذا معناه أننا لم نعرف كل شيء؟ قال... يقول غوته إن الوطنية تفسد التاريخ وربما هكذا حصل معنا، لذلك فقدنا الكثير من التفاصيل واليوم نلوم فرنسا على تطاولها؟ قلت... لو كتبنا تاريخنا كما كان يجب لما تجرأ علينا الغير. قال... هذه مسؤولية الجميع وما تزال دينا على عاتق هؤلاء الذين يموتون ويأخذون أسرار التاريخ معهم... يعتقدون أنهم أحق من غيرهم بالاحتفاظ بها ولا يدركون أن بذلك ارتكبوا مجزرة في حقنا وحق تاريخنا الذي بعد نصف قرن لم نقرأه بعد؟ قلت... فعلا مات بن بلة ولم نعرف سوى أنه كان رئيسا أسقطه بومدين من عرشه وماتت معه باقي الأسرار، مات عبان وكريم بلقاسم وغيرهم، ومهما بحثنا لن نجد الإجابة الشافية التي يمكن أن تضعنا على أول الطريق فقط، يبقى اللغز يكبر كل يوم. نهق نهيقا مخيفا وقال... لقد صدق الكاتب الروماني شيشرون الذي قال من لا يقرأ التاريخ يبقى دائما طفلا صغيرا... وأظن أن كلامه ينطبق علينا وها نحن أطفالا في قراءة التاريخ وبالكاد نعرف فك أبجديته وحروفه. قلت... ربما هذا أيضا مبرمج ومقصود يا حماري؟ نهق من جديد وبقي يقول... التاريخ ذاكرة الشعوب ودون ذاكرة تنزل مرتبة الإنسان إلى الحيوانات الدنيا.