تجمعنا علاقات أخوية وإرادة الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة    مستغانم : عشرات طلبة " العلوم الطبية" يحتجون    تسجيل 178 قضية مكافحة التهريب والتجارة غير الشرعية    انطلاق التصفيات المحلية الخاصة بجائزة الجزائر للقرآن الكريم    بورصة الجزائر: لجنة تنظيم ومراقبة عمليات البورصة تقترح توسيع نشاط الوسيط إلى شركات التأمين    اتحاد الشغل يدعو العمال إلى وقفة احتجاجية الأحد القادم    أبو الغيط يحل اليوم ببيروت للتشاور مع القيادات اللبنانية    الرئيس عبد المجيد تبون يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء    وزير الخارجية التونسي يزور جامع الجزائر    التشكيلية يمينة بورحلة تعرض ذاكرتها الإبداعية بالجزائر العاصمة    دراجات: تتويج الدراج حمزة ياسين بطلا للدورة الوطنية للدراجات الهوائية بتلمسان    المجلس الشعبي الوطني يشارك بواشنطن في أشغال المنتدى البرلماني العالمي 2024    أكتوبر الوردي: حملات تحسيسية مكثفة بتيميمون حول الكشف المبكر عن سرطان الثدي وعنق الرحم    النعامة: الشروع في تسليم الإعانات المالية لإعادة تأثيث منازل المتضررين من الفيضانات    إيرادات الجباية العادية تواصل منحاها التصاعدي في 2024    العدوان الصهيوني: الأمم المتحدة تدين المجزرة الصهيونية في بيت لاهيا    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار : ادراج الصناعات السينماتوغرافية ضمن أولويات الاستثمار في الجزائر    انطلاق الاحتفالات المخلدة للذكرى ال 50 لتأسيس الاتحاد العام لعمال الساقية الحمراء ووادي الذهب    الجزائر العاصمة.. إخماد الحريق الذي شب بمصنع للبسكويت بالمنطقة الصناعية بالرغاية    ميناء الجزائر: معالجة أزيد من 232 ألف مسافر خلال موسم الاصطياف 2024    ديدوش: قطاع السياحة يعرف "تنافسا كبيرا" ويحتاج إلى طاقات مؤهلة ومحترفة    "كانكس ويكاند 2024" : ضرورة وضع آليات مشتركة لتمويل الإنتاجات السينمائية والسمعية البصرية    العرض الأول بالعالم العربي : فيلم 196 ينافس في مهرجان الجونة السينمائي    فلسطين: أكثر من ألف مستوطن صهيوني يقتحمون المسجد الأقصى المبارك    ملاكمة: ايمان خليف تستعرض مشوارها الرياضي وتكشف عن آفاقها المستقبلية    الوزير الأول يستقبل السفير المنسق المقيم لمنظمة الأمم المتحدة بالجزائر    معسكر: وفاة شخصين وإصابة آخر بجروح في حادث مرور    طاقات متجددة: الجزائر تمتلك امكانات هائلة للتميز في مجال الهيدروجين الأخضر    بوغالي يرافع للقضيتين الفلسطينية والصحراوية    أوقفوا قصف أطفال غزّة    رقم مميّز للخضر    الشرطة تحسّس التلاميذ    دعوة إلى إشراك جميع الاختصاصات الطبية    اختتام الدورة التكوينية لتأهيل القائد الكشفي المقدسي    مولودية الجزائر ترتقي إلى الصدارة    أعلى لاعبي كرة القدم أجرا في العالم    القاسمي ينعي السنوار    الجزائر ترفض الابتزاز المغربي    يوم إعلامي حول تمويل المشاريع المبتكرة يخص التعريف بالوسائل    جمعية الدرع للثقافة والفنون بخنشلة تتوج بالمرتبة الثالثة في مهرجان الفرنسيسكان للسلام الدولي بمصر    مفوضة الاتحاد الإفريقي تدعو إلى اثراء المتحف الإفريقي الكبير واسترجاع الأملاك الثقافية الافريقية المنهوبة    كرة الطاولة/بطولة إفريقيا: الثنائي بوهني-ناصري يحرز الميدالية الفضية    المنفي مدعو لحضور احتفالات نوفمبر    الاقتصاد الوطني سينمو ب4.5 بالمائة    تظاهرات متنوعة وإطلاق مشاريع تنموية بولايات الجنوب    10 مساهمات للمسلمين في العلوم    وزير الصحة يؤكّد ضرورة إنشاء أقطاب خاصّة    وزير الصحة يشرف على افتتاح أشغال المؤتمر الدولي لأمراض القلب    الابتلاء من الله تعالى    منصّة رقمية لتسيير مصالح الاستعجالات    اللجنة الوطنية للأطباء المقيمين في إضراب وطني لمدة 3 أيام    حملة تلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    المنتخب الجزائري لتنس الطاولة في مواجه ساخنة مع النيجيري    الخضر يتاهلون إلى كأس أفريقيا للأمم 2025    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحقيقة.. والزيف والسراب.. 1 :. متسلق على أكتاف المناضلين
نشر في الجزائر نيوز يوم 07 - 09 - 2012

امتنعت طيلة الفترة الماضية عن الكتابة والتعليق عما يجري في الأفلان، وكان المقال الوحيد الذي نشرته بعد الإعلان عن قوائم تشريعيات 2012 لحزب جبهة التحرير الوطني قد حمل عنوان: الضمير المرتاح.. وأهل الأغواط، والذي كان عبارة عن بيان حقيقة موجه لمواطني ولاية الأغواط، حيث دعوتهم فيه بالرغم من تحفظي على بعض الأسماء المرشحة والتي لا علاقة لها بالأفلان للتصويت على تلك القوائم باعتبارها قوائم تمثل الحزب كجزء من الأدبيات والمرجعيات التي تربت عليها أجيال كثيرة من ثورة أول نوفمبر الخالدة وليس الأشخاص..
وقد نشر هذا المقال في جريدة “الجزائر نيوز" بعنوان مغاير تم دون استنشارتي للأسف من طرف قسم التحرير للجريدة حمل:
بلخادم والمال الفاسد والتآمر على الأفلان..
وقد ظلت أكثر من قناة تلفزيونية وطنية خاصة وعربية تطلب مني التدخل لتوضيح موقفي مما يحصل في الأفلان.
ومع ذلك فقد كنت أمتنع في كل مرة عن أي تصريح رغم أن موقفي كان واضحا منذ البداية، وهو رفض تلك المجزرة الرهيبة التي ارتكبها بلخادم ومكتبه السياسي بحق العديد من خيرة المناضلين والمناضلات عندما تم إقصاؤهم من الترشح وتعويضهم بأسماء باهتة لم يكن لبعضها علاقة لا بالنضال ولا بالكفاءة.
ولذلك فقد يلومني بعض القراء فيما قد يصفونه من انقلاب بيني وبين مواقفي وعلاقاتي السابقة مع عبد العزيز بلخادم، إذ كنت أتوهم أنني من أقرب المقربين إليه، فقد يستغرب البعض تحولي من الدفاع عن الرجل إلى موقف مغاير منه، حيث كان البعض يحسبني عليه بحكم انتماء بلخادم المفترض لولاية الأغواط رغم أنني أكره منطق الجهوية، ذلك أن جل صداقاتي وعلاقاتي عرفت التنوع مع أصدقاء وزملاء من مختلف جهات الوطن.
كما أنني لا أنفي أن علاقتي مع الرجل لم تنقطع حتى عندما كان بلخادم يوصف بأنه من أنصار سانت إيجيديو وقد كنت وقتها مديرا بمؤسسة التلفزة الوطنية ولم أتردد إطلاقا في زيارته ببيته أكثر من مرة رغم عدم موافقتي على بعض مواقفه.
وقد أجد بعض العذر لمن لم يتابع ما جرى في حزب جبهة التحرير الوطني من مجازر في حق كثير من المناضلين الذين أقصاهم بلخادم من الترشح لتشريعيات 2012 وعوضهم بوافدين جدد لا علاقة لبعضهم بالنضال، تماما مثلما أقصى العديد من الكفاءات المناضلة من بينها كفاءات مشهود لها بالتجربة والحنكة وطول المراس في السياسة والقانون والاتصال والثقافة والاقتصاد والتسيير، وجلب في المقابل للمجلس الشعبي الوطني عددا من منعدمي الشهادة مثلما تحدثت عن ذلك مختلف وسائل الإعلام الوطنية وحتى الأجنبية.
وقد وجدتني أتساءل مع كثير من المناضلين في الحزب وخصوصا من ذوي الكفاءات هل أن مثل هذه العناصر هي التي ستسهر على مختلف القوانين والإصلاحات التي تؤسس للمراحل اللاحقة وخصوصا على إصلاحات الرئيس وبرنامجه المستقبلي بشكل واعد؟
ثم هل أن هؤلاء هم من سيقود حملات الحزب في مختلف المراحل القادمة خصوصا في ظل هذا الربيع العربي الدامي والذي يريد البعض ترويض الجزائريين على تطبيقه في الميدان بعد أن فشلت معهم جميع المحاولات؟
ثم هل أن ما جرى ينسجم مع الخطاب الذي ظل بلخادم نفسه يردده أمامنا في مختلف اللقاءات والندوات التي عقدها الحزب منذ ما عرف بالمؤتمر المرحلي ثم المؤتمرين الجامع والتاسع وفي مختلف دورات اللجنة المركزية حيث كنت أحد المساهمين الرئيسيين في إعداد نصوصها ومحتوياتها الفكرية والسياسية، وحتى في العديد من خطبه وتدخلاته في أكثر من لقاء؟
والحقيقة أن سلسلة الإغراءات التي لوح لي بها البعض منذ أن أعلن بلخادم عن قوائمه لتشريعيات العاشر ماي الماضي لم تحل إطلاقا دون ثباتي في موقفي لأنني لا أبيع ولا أشتري موقفي بمنصب مهما كان شكله.
وربما سأتلقى بعد هذه المقالات سيلا من الانتقادات تماما كما تلقيتها في في 2003 و2004 من طرف من يشترون ويبيعون أو يتلونون بين الصباح والمساء كما تتلون الحرباء بأكثر من لون، ولكنني سأظل ثابتا لن يخيفني تهديد أو انتقاد ولن يثنيني إغراء كما كنت على الدوام راسخ الموقف لن أخشى سوى من خلقني، فإليه أحتسب وإليه أوكل مصيري.
ثم إن خلافي مع بلخادم ليس خلافا شخصيا بقدر ما هو خلاف مبدئي بدأ أساسا منذ المؤتمر التاسع الأخير حيث اعترضت صراحة على تشكيلة المكتب السياسي.
وقد كاتبته آنذاك بخصوص هذا الموضوع، وقلت له بأن مكتبه هذا سيقود الحزب والبلاد إلى وضع لا تحسد عليه، ومع ذلك فقد وجدت بعض العذر للرجل، ذلك أنني تفهمت موقف هذا الصديق السابق بعدما تحدث لي بمرارة عن سلسلة من الضغوط التي يكون قد تلقاها لتنصيب مكتبه في أعقاب المؤتمر التاسع.
ومشكلة بلخادم أنه لا يستطيع مواجهة المشاكل، ولذلك يحمل المسؤولية للآخرين عند أية ردة فعل ويتدثر بغطائهم كما فعل عندما أقصى الكثير من الكفاءات من الترشح وعزاها إما لمكتبه السياسي أو لأطراف وعوامل خارجة عن الحزب.
وقد رددت عليه في لقاء انفرادي بيني وبينه في أعقاب تركيبة المكتب السياسي في عام 2010 شيء من العتاب بيتا شعريا لشاعر من أطيب الناس في هذا الوطن وهو محمد العيد آل خليفة رحمه الله يقول فيه:
ألا إن من دلائل ضعف المرء طيبته.... فلا تكن طيبا إلا بمقدار
وأحمد الله أن نظرتي هذه قد جسدتها التطورات الأخيرة في الحزب العتيد عندما استجلب بعض أعضاء المكتب السياسي بتعليمات من بلخادم مجموعة من الصعاليك والغرباء عن الحزب للاعتداء على قيادة الحزب العتيد ومن بينها مجاهدون كبار كانوا رفقاء درب رئيس الجمهورية، وإذا بهؤلاء الصعاليك يأتون بشكل كثيف بدعوى تنظيم دورة الرياض في جوان 2012 للجنة المركزية للحزب تماما مثلما استقدم الطرف المناوئ لبلخادم أشخاصا قد يكون بعضهم هم كذلك غرباء عن النضال والحزب، وهو ما لم يحدث على الإطلاق في تاريخ الحزب العتيد منذ الخمسين عاما التي أعقبت استعادة سيادة الوطن في اجتماعات من هذا القبيل لقيادة الحزب.
والغريب في الأمر أن عددا من هؤلاء الغرباء الذين جلبهم فريق بلخادم حجزت للعديد منهم غرفا في بعض الفنادق، كما أنهم تناولوا الأكل مع أعضاء اللجنة المركزية في سابقة تعد الأولى من نوعها في تسيير ميزانية الحزب أو من أموال لا أستطيع تحديد مصدرها.
ويبدو لي بأن بلخادم عندما نُصح بأن يستجلب لمناوئيه في اللجنة المركزية المطالبين بتحكيم الصندوق إزاء مسألة تجديد الثقة فيه أو نزعها منه مجموعة من الشباب الشداد الغلاظ لتأديب هؤلاء القياديين المناوئين له أراد أن يبدو في صفة القائد الكاريزمي القوي الذي يمكن أن يعول عليه مستقبلا لقيادة الأمة ولكي ينزع عنه بذلك صفة الضعف التي لطالما التصقت به كرجل متردد يقدم على قرار في الصبيحة ثم يمحوه في المساء ويتعهد للقيام بهذا العمل ثم يتراجع عنه للتو.
فكيف كانت قصة مجئ بلخادم لأمانة الحزب العتيد؟
في الرابع من سبتمبر 2003 جرى لقاء للحركة التصحيحية بمدينة الجلفة..
كانت تلك الحركة الجناح الصلب المنبثق من حزب جبهة التحرير الوطني والذي ظم عددا من المناضلين الجبهويين الذين قرروا التصدي لوقف الانحراف المسجل في أدبيات الحزب من طرف الأمين العام السابق الأستاذ علي بن فليس وبعض أنصاره هؤلاء الذين أقصوا عددا من المناضلين والقياديين من المؤتمر الثامن الملغى الذي جرت فعالياته في الأوراسي، ثم رأوا فيه رئيسا مقبلا للجزائر حيث قرروا ترشيحه لرئاسيات 2004 والتي فاز فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بنسبة عالية، وبعض هؤلاء يتموقع اليوم مع بلخادم في مكتبه السياسي وقد أصبحوا منظرين لبقائه أمينا عاما لفترة خمسة أعوام بدأت منذ المؤتمر الأخير ولن تنتهي إلا بعقد المؤتمر العاشر القادم -حسبهم- رغم أن ذلك ينفيه القانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب.
لقد كنت من أوائل من تفطنوا إلى نية الأستاذ علي بن فليس لمنافسة الرئيس بوتفليقة في وقت مبكر منذ أن أعلن الرجل الذي مكنه بوتفليقة من تبوء أعلى المناصب في الدولة ثم في الحزب، فقد قرر مدير حملة الرئيس لرئاسيات 1999 أن يكون المنافس الأساسي المفترض للرئيس بوتفليقة في انتخابات 2004 بعد أن أقصى قبل ذلك عددا كبيرا ممن قاموا بحملة رئاسيات الرئيس في رئاسيات 1999 من الترشح لتشريعيات 2002 وقد شجعه بعض من ظن أنهم سيوصلونه لقصر المرادية على الترشح.
ويبدو أن الرجل كان يبحث قبل ذلك عن رجال موالين له هو شخصيا ولا يحسبون على أي طرف آخر، قبل أن يبحث عن مناضلين يتمتعون بالكاريزمية وقوة الشخصية والولاء للمبادئ والحزب والوطن، وهو أسلوب ممنهج بات يطبع ممارسات معظم قادة الأحزاب السياسية ببلادنا، إذ صاروا يقصون جل الكفاءات وكل من لا يجدون فيهم رائحة المولاة لأشخاصهم وليس لبرامج وأدبيات أحزابهم.
وراح البعض يلومني كيف يمكن للرجل الذي يعتبر من أخلص رجال الرئيس أن يدير ظهره لمن نقله من مجرد نائب عاد لم يكن حتى مجرد عضو في إحدى لجان المجلس الشعبي الوطني إلى مدير لحملة رئيس قبل الأوان ثم رئيس للديوان بالرئاسة ثم أمينا عاما لرئاسة الجمهورية ثم يقفز إلى منصب رئيس الحكومة فأمينا عاما للحزب بعد إزاحة الدكتور بوعلام بن حمودة قبل أن يصبح بن فليس المنافس المفترض لرئيسه وينقلب عليه في حركة لولبية مثلما انقلب على بعض زملائه من النواب الذين كانوا بمثابة المقربين منه.
وقد رأى البعض في الأمر وشاية مني، ورأى آخرون أن المسألة لا تعدو كونها غيرة كما قالها لي أحد الأصدقاء من إطارات الأمة صراحة، وأنا الذي لم أعرف طوال حياتي لا الغيرة من أحد ولا الوشاية والحمد لله ضد أي كائن بشري، ولذلك رحت أقول لكل هؤلاء وهؤلاء بأن إزاحة معظم الرجال والنساء الذين أداروا حملة رئاسيات 1999 من تشريعيات 2002 هو مؤشر قوي من أن الرجل يخطط لشيء ما..
ومع ذلك وللتاريخ فإنه يجب الاعتراف هنا أنه لا وجه على الإطلاق للمقارنة بين قوائم تشريعيات 2002 التي وضعها الأستاذ بن فليس حيث ضمت العديد من الكفاءات في مختلف التخصصات حتى وإن غابت التجربة السياسية عن العديد من الأسماء التي تم ترشيحها، وبين قوائم بلخادم لتشريعيات 10 ماي 2012 التي كانت في معظمها باهتة ولا علاقة لكثير منها بعالم النضال أو بعالم السياسة والفكر معا، بل إن رابطة المال والقرابة والجهوية وعدم الكفاءة كانت هي الصفة المميزة لكثير من القوائم بما فيها رؤوس القوائم نفسها في عدة ولايات من الوطن، إضافة إلى أن البعض قد تقاعد منذ أكثر من عشريتين كاملتين، ولم تكن تربطه بحزب جبهة التحرير الوطني أية علاقة نضالية منذ أحداث أكتوبر 1988، ثم إن السيد بن فليس اتصل بالعديد من الإطارات التي أقصاها طالبا الاعتذار، وهو ما لم يحدث هذه المرة مع بلخادم حين أقصى العديد من الكفاءات حتى المحسوبون عليه وهم في نفس الوقت قيادات حزبية، ولم يكلف نفسه حتى مجرد الاتصال بهم لتبرير عدم ترشيحهم بعد أن تخلى كلية عن المقاييس التي تم ضبطها من طرف اللجنة الوطنية التي كلفت باستراتيجية انتخابات 2012 والتي كنت مقررها الرئيسي وترك الحاسوب الأبكم يضع كفاءة نضالية ذات تجربة كبيرة في ذيل قائمة المرتبين ويضع في المقابل شخصا لا شهادة له في المقدمة، والغريب في الأمر أن صاحب الحاسوب أسقطه مواطنوه في ولاية تعتبر أفلانية بكل جدارة، وكانت الولاية الأولى في ترتيب الولايات التي أعطت ثقتها المطلقة للرئيس بوتفليقة في انتخابات 2004، رغم أنها جارة لولاية المنافس المفترض للرئيس بوتفليقة آنذاك.
وقد قلت للبعض في أعقاب انتخابات 2002 بأنني أتمنى أن أكون مخطئا في تحليلي للمراحل القادمة..
وجاء ترشح الأستاذ علي بن فليس للرئاسة في انتخابات 2004 ليؤكد صحة تلك التخمينات، ووقتها راح الكثير يتصل بي ويسألني هل قرأت حقيقة ما كان يدور في رأس السيد بن فليس من مخططات ومن علم للغيب؟.
ورحت أقول للبعض بأنني لست قارئا لفنجان أو منجما في علم الغيب، ولكنها تخمينات السياسة التي قد تخطئ وقد تصيب!!
فالسياسة ليست علما دقيقا كالرياضيات تكون فيه نسبة الخطأ قليلة، ولكنها تبقى مع ذلك علما يحتمل أن يكون فنا للممكن لأنه علم يحتمل الصواب والخطأ.
وهكذا فقد وجدتني وقد تأكدت الوقائع من أوائل منشطي الحركة التصحيحية التي بدأت نواتها تتشكل قبيل خريف 2003 بعد أن تم إقصاء مختلف القياديين المعروفين حتى من حضور المؤتمر الثامن الملغى الذي جرى بفندق الأوراسي، إذ نشرت العديد من المقالات وأدليت بالعديد من الأحاديث لعدة قنوات تلفزيونية عربية وأجنبية، بل إن الحديث الذي نشرته لي صحيفة البلاد كان فيه التأكيد من جانبي أن السيد بن فليس سيسقط مع الخريف.
كان من النشطاء الأساسيين للحركة التصحيحية عبد القادر حجار وعمار تو والسعيد بوحجة ومحمود خوذري والعياشي دعدوعة وعبد الرشيد بوكرزازة وجمال بن حمودة ومحمد الصغير قارة والسعيد بركات وكاتب هذا المقال وعدد كبير من المناضلين والمناضلات في مختلف الولايات إضافة إلى مناضلين آخرين وعدد من أنصار الجبهة.
ولا أنفي هنا أننا وجدنا بعض الدخلاء على النضال ينظمون للحركة ثم وجدناهم مرة أخرى و قد مكنتهم الظروف يتولون مناصب سامية لاحقا في الحكومة والبرلمان وبعضهم مر بحالات مرضية لست في حاجة إلى شرحها اليوم ولكنني سأدونها في مذكراتي الخاصة إن كان في العمر بقية، كما ضمت تلك الحركة بعض المتعاطفين مع رئيس الجمهورية في جميع أنحاء الوطن فيما يعرف بتنسيقيات الرئيس.
جرى لقاء الجلفة في أجواء متوترة ومشحونة، فلمواجهة أنصار الأمين العام للحزب آنذاك والذين كانوا يريدون إفساد اللقاء المرتقب تم التكتم على المكان والزمان، وقدمنا معلومات مغلوطة للتمويه من أن اللقاء سيجري في المسيلة أو في البليدة.
وقبل 24 ساعة فقط على موعد اللقاء جرى إشعار المناضلين بمختلف المحافظات بأن اللقاء تقرر إجراؤه بالجلفة..
وتوافدت أعداد كبيرة من المناضلين من كل جهات الوطن على الجلفة التي استضافنا مناضلوها بكل حفاوة وترحاب هو من صلب أهل تلك الولاية المضيافة بكل عروشها وأطيافها من آل سيدي نايل وآل رحمان وغيرهم من العروش الذين كان الكرم ومازال ديدنهم..
وعندما بلغتنا أنباء عن محاولة أنصار بن فليس الالتحاق بالجلفة لمواجهة اجتماع الحركة رحنا نقدم معلومات وهمية بأن أنصارنا سيهاجمون اللجنة المركزية التي كانت تنعقد في تلك الأيام مما جعلهم يحجمون عن التوجه للجلفة والاكتفاء بتشديد الحراسة على مكان انعقاد دورتهم.
لم يكن لعبد العزيز بلخادم الأمين العام للحزب لاحقا أي ذكر وأي موقع في تلك الحركة، ولم يلعب الرجل أي دور لا من قريب ولا من بعيد في تأسيس الحركة أو في نشاطها قبل ذلك، ولذلك فإن التحاق بلخادم متأخرا بالحركة التصحيحية، ثم قيادة الجبهة لاحقا كان بمثابة من تسلق على ظهور الرجال بزي متخف..
اعتلى المنصة عدد من قياديي الحركة من بينهم حجار وعمار تو، وتم تطويق المكان بإحكام من طرف مناضلي الحركة وأنصارها وقوات الأمن حتى لا يقع أي احتكاك أو مواجهة مع أنصار بن فليس الذين حاولوا التشويش على اللقاء رغم قلتهم، ولكنهم لم يتمكنوا من ذلك نظرا للأعداد الهائلة من رجال ونساء الحركة التصحيحية ومن قوات الأمن التي أحاطت بمكان اللقاء.
كانت الأنظار متجهة إلى عبد القادر حجار أو عمار تو ليكون أحدهما ناطقا باسم الحركة التصحيحية أو منسقا لها قبل عقد المؤتمر المرحلي الذي جرت فعالياته لاحقا بالأوراسي.
ودخل أنصار بركات قاعة لقاء الجلفة هاتفين: بركات.. بركات.. فيما فهمه المجتمعون أنه دعوة من أنصاره ليكون زعيما للحركة!!.
محمد بوعزارة
كاتب صحفي وعضو اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني
هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.