/برزت ياسمينة صالح كاسم أدبي مع نهاية الثمانينيات بنشرها لمجموعة من القصص القصيرة الجريئة التي أثارت نحوها الانتباه ونالت روايتها الأولى /بحر الصمت/جائزة مالك حداد، ثم توالت أعمالها الروائية بعدها، /امرأة من برج الميزان/، //وطن من زجاج/ وستصدر لها في مصر هذه الأيام رواية جديدة· هنا شهادتها عن تجربتها الروائية·/ في حوار نشر في مجلة بابل العراقية، أصر الصحفي العراقي على طرح أحد الأسئلة أكثر من مرة/ لماذا تكتبين/، و إن كان ردي عليه أن الكتابة تشبه ذلك المسار غير قابل للرجوع، إذ بمجرد الانطلاقة فيه يصبح من الصعب العودة إلى الخلف، إنها الورطة الجميلة التي نرتكبها عن خلفية مسبقة بأننا نؤرخ ذلك الشيء الذي يجب علينا قوله في النهاية مهما كلفنا الأمر، بطريقتنا و خاصيتنا في التعبير على الأقل· أعترف أن الكتابة اليوم تمثل بالنسبة لي المعادلة الدقيقة، إما أن تكون أو لا تكون، حيث لا شيء يعود كما كان أول مرة، ربما نحو الأحسن، أو ربما نحو الأسوأ، لست أدري، ذلك يبقى سؤالا آخر يحتاج إلى جلسة للرد عليه! منذ روايتي الأولى / بحر الصمت/ أشعر أنني مشيت داخل رحلة مكوكية إزاء ذاتي ككاتبة و كامرأة جزائرية، بحيث أنني لامست تلك المتعة العجيبة التي زادتني شعورا بالوحدة إن لم أقل العزلة، و إحساسا أنني أقل حماسة لما كنت أرغب في كونه من قبل! أعترف أنني أحب كثيرا مقولة /فيكتور هيجو/ / ثمة ولادة في عبارة نعلم/، و الكاتب يتحسس ولادته انطلاقا من القضية التي تأكل أظافرة أكثر من أي شيء آخر، و لعل قضيتي الخاصة تكمن في حق المواطَنة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ليس كامرأة على اعتبار أن الشعارات النسائية المحضة لا تعنيني، و لكن بصفتي كائن حي، إنسان! ربما من هنا تنتصب تلك المخاوف الشرعية، ربما لأني أدرك أن نصا مركبا بشكل خاطئ يمكن أن يفتح باب المساءلة بما في ذلك المساءلة النقدية أو حتى القانونية! و من هنا تحولت الكتابة إلى /الجريمة/ الوحيدة التي أدرك أنني أجيد ارتكابها، بالطريقة التي أكتب بها، و ضمن القضايا التي تعنيني الدفاع عنها، و لعلي أعني بشكل خاص روايتي التي سوف تصدر الشهر القادم في بيروت، و التي أعتبرها ولادة أخرى بالنسبة لي، كوني أقول تلك الأشياء التي لا يمكن قولها خارج إطار النص الأدبي، سياسيا، اجتماعيا، ثقافيا، و بكل تأكيد إنسانيا·