«الدولة التي أعلنها الرئيس ياسر عرفات في الجزائر أصبحت اليوم حقيقة واقعة على أرض فلسطين مشكلة بأجهزتها وقواعدها الراسخة لتؤكد أن تضحيات شعبنا عبر مسيرة الثورة لم تذهب هدرا".. بهذه الكلمات استهل اللاجئ زهير مسعود أحمد الناصر 65 عاما، حديثه لمراسلنا في ذكرى انطلاقة الثورة الفلسطينية وحركة “فتح" التي انخرط بصفوفها في مرحلة مبكرة من شبابه ليشارك في كل معاركها في جميع الساحات متسلحا، كما يضيف، “بالأمل الذي خطت حروفه دماء الشهداء الفلسطينيين والعرب الذين كانوا خير سند ونصير للقضية والثورة"، مستشهدا بالدعم الكبير الذي حظي به الرئيس أبو عمار في لبنان والجزائر التي عمل بها ملحقا عسكريا في السفارة الفلسطينية. زهير الذي تنحدر عائلته من مدينة حيفا التي ولد فيها عام 1947 وشردت منها عقب النكبة، فعاش في بدايات حياته معاناة اللجوء والتشرد بعدما استقرت في قرية برقين جنوب غرب مدينة جنين فلم يتردد في الالتحاق في صفوف الثورة ليحقق الحلم الذي رضعه مع حليب والدته في العودة، ويقول “نشأت وكبرت عندما كان يشهد الوطن العربي حراكا سياسيا وثوريا، وعشت تفاصيل العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 والذي كان له تأثير على نشأتي اللاحقة “، ويضيف “خلال ذلك انطلقت الثورة الجزائرية التي ألهبت حماسنا ورفعت معنوياتنا وكان هناك تفاعل كبير من شعبنا ومن ضمنهم قريتي معها، وأتذكر أن المهرجان الأول الذي حضرته في حياتي كان في قريتي لدعم الثورة الجزائرية". الالتحاق بالثورة بروح وطنية عارمة شارك الطالب زهير في المظاهرات والحركات الشعبية التي تأسست في الوطن تطالب بتحرير فلسطين، ويقول “كانت لدينا قناعة كبيرة بأهمية المقاومة لمسح عار النكبة، لذلك شاركت في المظاهرات ورغم أنني كنت طالبا في المرحلة الثانوية عندما انطلقت حركة فتح لم أتردد في الالتحاق بصفوفها بعد نجاحي بالثانوية"، ويضيف “وجدت ضالتي مثلي مثل جيلي واختصرنا أحلامنا في خزنة بندقية وانطلقنا مع شباب فلسطين والأمة العربية من أجل تحرير فلسطين وفي تلك الأيام وقعت معركة الكرامة التي علمتني أن هناك إمكانية للنصر".وبينما كان زهير يتابع خطواته لتحقيق حلمه بارتداء زي الفدائي، انتسب لجامعة بيروت العربية، ولكن بسبب الظروف السياسية لم يكمل دراسته فيها، فتوجه لمعسكرات التدريب بين العراق والجزائر، ويقول “كنا تواقين لتأدية واجبنا في صفوف الثورة ورغم الأوضاع الصعبة تقرر تنظيم العمل العسكري لحركة فتح وبدأت الدورات العسكرية وكانت الجزائر أول دولة تحتضن الثورة وأول مكاتب المنظمة والحركة، فشاركت في دورات في الجزائر والعراق وانطلقنا في العمل النضالي". مسيرة الثورة تكثر الصورة في مخيلة الفدائي زهير الذي شارك في كل مراحل الثورة انطلاقا من الساحة الأردنية ، ويقول “منذ التحاقنا في حركة فتح حددنا أهدافنا ومبادئنا في التحرير والنصر، ولكن مع توالي الأزمات والمؤامرات تعلمنا في المسيرة أشكال المقاومة الأخرى لنحافظ على الثورة والأهداف والبندقية ونواجه الأزمات والتحديات"، ويضيف “حتى ما قبل مرحلة عام 1974 كانت البنادق والمعارك هي التي تتكلم، ولكن ونتيجة لحرب عام 1973 عرفنا، ومن خلال توجه الرئيس أبو عمار إلى الأممالمتحدة حاملا غصن الزيتون والبندقية أن هناك خيارا آخر لمرحلة أخرى أنتجتها هذه الحرب وفهمنا أبعادها، وقد دفعنا من دمائنا الكثير في حروب متواصلة كانت تهدف إلى إلغائها وتكمل “مجازر ومؤامرات لإلغاء منظمة التحرير الفلسطينية، وأتذكر أنه في عام 1978 عقب عملية دلال المغربي قام الجيش الإسرائيلي باجتياح جنوب لبنان لضرب قواعد الثورة والقضاء على منظمة التحرير ولكننا تصدينا لهم... إن التراشق المدفعي وفاعلية المدفعية الفلسطينية والعمليات العسكرية من جنوب لبنان دفعت إسرائيل إلى طلب وقف القصف المتبادل على المدن والقرى في كلا الجانبين". محطات لا تنسى وتحتفظ ذاكرة الفدائي زهير بالكثير من المواقف التي يقلب صفحاتها في ذكرى انطلاقة الثورة وكان لها دور كبير في دعم مسيرة الثورة واستقطاب المشاركة العربية الواسعة في المسيرة، ويقول “إن الانتصارات التي حققتها الثورة في الأردن أيام معركة الكرامة والعمليات الفدائية التي نفذتها الدوريات والعمل التنظيمي والجماهيري كان له تأثير كبير ليس على شعبنا فقط وإنما على أمتنا وشباب الأمة العربية، العراقيين والجزائريين واليمنيين الذين لبوا نداء فلسطين"، ويضيف “شاركونا النضال وحملوا آمالنا وأمالهم بأهداف الثورة الفلسطينية، وفي أثناء المسيرة سقط العديد منهم شهداء كالفدائي الخالد أبو الفهود الكويتي الذي كان قائدا في الثورة ومناضلا تعلمنا منه الكثير، والشهيد الرائد خالد من أوائل شهداء الثورة وقادتها في الأردن وأبو علي أياد وكثيرين من الذين سقطوا في ساحات الوغى بعد مجازر أحراش جرش، انتقلت الثورة للساحة اللبنانية، وكان زهير ضمن تلك الطلائع، ويقول “الشعب اللبناني وأبناء شعبنا هناك فتحوا لنا بيوتهم وقلوبهم واستطعنا بإمكانيات متواضعة تشكيل قواعد لحركة فتح في الجنوب واستقطاب جماهير الحركة في المدن والقرى اللبنانية ومن كل الطوائف والمذاهب، ويضيف “تلك اللحمة وانطلاق الثورة بقوة في العمل الفدائي جعلتنا نؤمن أكثر بالنصر ونحافظ على أحلامنا في مخازن بنادقنا، وهذه الفترة التي امتدت من سنة 1968 حتى 1982 فيها آلاف التفاصيل وآلاف الشهداء والجرحى والانتصارات التي شكلت البعد السياسي لشخصيتي". على أرض الجزائر بعد بيروت ومعركة صمود القوات الفلسطينية أمام المؤامرات والقوة الإسرائيلية الأمريكية، ثانيا، خرجنا وبنادقنا في أيدينا إلى أم الشهداء وأرض ثورة المليون ونصف مليون شهيد إلى الجزائر، ويقول “لم يكن اختياري للجزائر من عفوية ولكن لإيماني أن وجودي على هذه الأرض المنتصرة على الاستعمار القديم الفرنسي بعدما قرأت وعرفت كثيرا عن الشعب الجزائري وثورته، ولذلك قررت الانتقال مع القوات التي توجهت إلى الجزائر". إستقر الفدائي زهير في معسكر الثورة في مدينة تبسة على الحدود الجزائرية التونسية ليبدأ المشوار الجديد في مسيرته، ويقول “وجدنا الكرم الجزائري العظيم في استقبالنا والذي رفع معنوياتنا كثيرا، ثم عينت نائبا للملحق العسكري في الجزائر العاصمة، وهنا تغيرت الظروف والمعالم بعدما تعرفت على قيادات ومن مختلف الفئات في الجزائر، وكانوا جميعهم محبين لفلسطين أولا كما هو الشعب الجزائري محبا لفلسطين"، ويضيف “فتحت الجزائر لنا أبوابها، فكان المجلس الوطني الأول بعد بيروت في الجزائر والذي أعلنت به الدولة الفلسطينية والتي كانت الجزائر أول دولة تعترف بها، فشعرنا أن الحلم بدا يتحقق". في وقت لاحق، أصبح زهير الملحق العسكري الفلسطيني في الجزائر، يقول “لمست على أرض الواقع الدعم الكبير الذي حظيت به الجالية الفلسطينية حتى لم نكن نشعر بأي فرق عن باقي الجزائريين، فهم معنا ودعمونا ومنحونا كل الامتيازات التي كفلت لشعبنا حقوقه وحياة كريمة “، ويضيف “طلابنا ومعلمينا وكل قطاعات شعبنا على امتداد الأراضي الجزائرية حظينا برعاية الشعب والحكومة والقيادة الجزائرية كأبناء الجزائر، وفي السفارة الفلسطينية لم نكن دبلوماسيين بل أخوة على أرض الجزائر مع الجزائريين، هذا كله يدفعنا لتقديم الشكر والعرفان والجميل لكل جزائري فهم جميعا طيبون ومحبون لفلسطين فدائما نسجل لهم محبتنا وتقديرنا". إستمر زهير في تأدية دوره حتى العودة للوطن بعد توقيع اتفاق أوسلو، ويضيف “لم تتخل الجزائر عنا بعد إقامة السلطة وقدمت كل الإمكانيات للقوات التي انتقلت من أراضيها للعودة إلى فلسطين في كل مفردات ومتطلبات القوات وأفضل ما يمكن ابتداء من النقل بالطائرات الجزائرية إلى العريش وانتهاء بالأسلحة واللباس وكل المتطلبات، وهذا يسجل للجزائر دائما التي دعمت قضيتنا وثورتنا وحركة فتح تحديدا على مدار السنوات الطويلة من الانطلاقة وحتى الآن"، ويكمل “للتاريخ يجب أن نسجل أن الجزائريين كانوا شركاءنا المناضلين معنا في هذه القضية". طريق الحرية في الوطن، استقر الفدائي زهير فرحا باكتمال لوحة أخرى في تفاصيل الحلم الذي بشر به الرئيس أبو عمار واستمر في تأدية دوره ليشارك معركة البناء واستكمال الحرية في صفوف قوات الأمن الوطني التي تشكل الامتداد التاريخي لقوات العاصفة والثورة التي تكمل أحلام الشهداء الذين علموه ورافقهم في المعارك وما زالت ذكراهم حية في ذاكرته، ويقول “عودتنا للوطن تشكل ثمرة تضحيات الشهداء الذين تسابقوا في ميادين الشرف والشهادة حتى لا يموت الحلم ابتداء من القائد أبو علي أياد وأبوجهاد الذي عملت ضمن قيادته فتعلمت منه الشجاعة والصبر والهدوء والجرأة حد التضحية في حياتي النضالية، فهو شكل مدرسة نضالية خالدة لن تنتهي ابدا عند الشعب الفلسطيني"، ويضيف “نتذكر قادتنا أبو أياد وأبو الهول وكمال عدوان الذي علمونا كيف نصنع التنظيم ونشكل العمل الجماعي، وكذلك الشهيد أبونشات كايد يوسف هذا الرجل الشجاع الذي يعرف فقط كيف يصنع المعركة، والشهيدين جواد أبو الشعر وعزمي الصغير وكثير من القادة والمقاتلين الشجعان كالشيخ حسان والأخطل ونضال النابلسي وضياء العراقي وهؤلاء استشهدوا من ضمن المجموعات التي عملت بها ولن أنسى وجوها كثيرة لا تزال وأبطال كثر جرحى فقدوا أطرافا لهم مثل عوض عبد الرحيم من بيت فوريك والشهيد أبوعطايا الذي استشهد في السجون السورية". النضال في الساحات العربية ووسط تزاحم الذكريات والأسماء يروي الفدائي زهير صور أخرى في عمر الثورة، ويقول “في كل محطات النضال كانت بصمات وتوجيهات الرئيس أبو عمار وحنكته منهلا نتعلم منه الكثير فهو القائد العظيم الذي قادنا وقادنا جميعا أحياء وشهداء للدفاع عن حدود الأمة أينما تعرضت لاعتداء، فقد أرسلنا قواتنا للدفاع عن ليبيا، وفي حرب عام 1973 ورغم أننا فتحنا الجبهة اللبنانية إلا أن القائد العظيم أبو عمار حرك بعضا من قواتنا إلى منطقة بير عبيد للدفاع عن أرض الكنانة مصر العربية"، ويضيف “كما تحركت قواتنا وفي الصفوف الأولى مع القوات السورية باتجاه الجولان فنحن القوات الوحيدة التي خاضت المعارك على الجبهات الثلاث، وهذا يسجل للثورة الفلسطينية ولحركة فتح ولقائدها العظيم ياسر عرفات الذي كان يناضل من أجل تحرير فلسطين وفي قلبه الأمة والقومية العربية والأرض العربية"، ويكمل “فأينما كان هنالك عدوان على هذه الأمة كانت قوات ياسر عرفات تتحرك لتدافع عن هذه الأرض ونحن الآن، بعد أن عدنا للوطن وشكلنا هيكلية الدولة الفلسطينية وعشنا تجربتنا مع شعبنا العظيم المعطاء الذي صنع الانتفاضة لتكون مدرسة لكل الشعوب المعرضة للظلم أو الاحتلال، فكان شعبنا مدرسة للنضال الشعبي والجماهيري تعلم منها كثيرون"، ويتابع “أستعرض هذه المحطات ليسجل التاريخ أننا كنا في جميع معارك الأمة مدافعين عن حدودها ونحن نتطلع إلى أمتنا كيف تنظر إلينا وشعبنا يمر حاليا في مؤامرات وأزمات يفتعلها الاحتلال من الاستيطان والجدار للأزمة المالية الخانقة التي يحاول الإسرائيليين الضغط على شعبنا ليغادر أو يهاجر وتفرغ الأرض من سكانها ليحقق الحلم الذي دائما كان يحلم به أن يأخذ أرضا بلا شعب"، ويستطرد قائلا “فمن خلال توجهنا عبر هذا المنبر الإعلامي إلى أمتنا العربية وعلى رأسها الجزائر التي عودتنا على العطاء خلال مسيرتنا نقول نحن الآن في خطر ونحن بأمسّ ما نكون لدعمكم لتعزيز صمود شعبنا للحفاظ على المسجد الأقصى والقدس". ذكرى لا تنسى... في حياته الجديدة على أرض الوطن، وهو يؤدي واجبه في رابطة مقاتلي الثورة القدامى الحارسين للحلم الفلسطيني، يقول الفدائي زهير عندما خرج الرئيس الشهيد القائد من بيروت وعلى رصيف الميناء سأله أحد الصحفيين أمام جمع المودعين من قادة لبنانيين وكنت من الأفراد المتواجدين في المنطقة إلى أين تذهب يا أبا عمار؟ فقال بلغة المؤمن والشجاع والقائد إلى فلسطين" وهذا تحقق فعلا بعودتنا إلى أهلنا بفلسطين"، ويضيف “دائما أتذكر ونحن نخرج على بواخر وسفن من معركة كانت الأسلحة الإسرائيلية والأمريكية تجرب لأول مرة بها وبعد صمود 3 أشهر القائد الذي اعتقد الناس جميعا أنه لن يجد مكانا يعود به أو يقاتل منه من أجل فلسطين واثق أنه عاد إلى فلسطين وقد عاد ليخوض معركة وينال شهادته"، ويكمل “هذا الموقف لا يمكن أن ينسى أن تصدق مستحيلا في ذلك الوقت وأن تبقى في الانتظار، فيتحقق المستحيل وأعود إلى أمي أجدها بانتظاري بعد أن يئست من لقائي مرة أخرى على مدار أربعين عاما، عدت إلى بيتي إلى أهلي تحت هذه العبارة وتحت هذا الشعار وتحت هذا القرار الذي أخذه ياسر عرفات على رصيف ميناء بيروت أين تذهب يا أبا عمار؟ قال إلى فلسطين". في فلسطين ويقول زهير “معركة بيروت والصمود الأسطوري للثورة أفشل مؤامراتهم ومحاولاتهم لإبعاد القرار الفلسطيني بقوات إسرائيلية وتأمر عالمي، ومع اندلاع الانتفاضة وعودة الشعب الفلسطيني للساحة السياسية العربية والعالمية وإعلان الاستقلال لم يتردد الرئيس في خوض معركة السلام وتحديد معالمه القائمة على العدل دون الإجحاف بأي من حقوقنا وعلى رأسها العودة وإقامة الدولة والحرية لشعبنا"، ويضيف “هذه المبادئ دفع ثمنها سيد الرجال الشهيد القائد أبوعمار ونحن الآن ندفع ثمنا آخر، شعبنا الفلسطيني جميعه يدفع ثمن تمسك القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس أبومازن بالثوابت الفلسطينية التي استشهد من أجلها الرئيس أبو عمار التي تتطلب دعم عربي جريء وشجاع"، ويكمل “بعد هزيمة إسرائيل في الأممالمتحدة بدأت بحرب ومعركة نعتبرها أشد من معارك الأمس العسكرية بين التهويج والاستيطان والقهر والجوع ومحاولة التهجير لذلك نطالب الأمة وشعوبها بنصرة شعبنا، لأن القضية الفلسطينية هي العنوان الأول والأخير لهذه الأمة" ويستطرد قائلا “على أبواب الحرية يستصرخ شعبنا الأمة، العمل على إطلاق سراحهم، فهاهم يحاولون بالأمعاء الفارغة التصدي للاحتلال الظالم الذي يعتقل ليس أجسادهم بل أمانيهم بالحرية والعدالة والسلام". أصعب وأجمل لحظة... وردا على سؤالي للعائد للوطن زهير حول أصعب وأجمل لحظة عايشها عبر مسيرته في الثورة، أجاب بالقول “لا أستطيع أن أقول أن هناك لحظة عصيبة ولكن علمتني الأيام أن كل اللحظات التي لا يتحقق منها الهدف المرجو هي إما فاشلة وإما عصيبة، وكثيرا هي هذه اللحظات فكم من عمل كنت أخطط له وأعتقد أنه يسير بنجاح ويفشل في اللحظة الأخيرة، وكان هذا صعب وصعب جدا سواء بالعمل العسكري أو في الحياة"، ويضيف “وفي حياتي أنا كانت دائما لا أعرف كيف تمتزج لحظات الفرح بالحزن والعكس صحيح، لماذا كنا نفرح ونحن نودع شهيد؟ مع أن الموقف محزن ومحزن جدا ولكن لم أكن أعلم لماذا يحصل هذا!!"، ويكمل “ومواقف أخرى ربما عندما رزقت بطفل لم أكن فرحا بهذا المعنى لأنني كنت أنتظر شيئا آخر ربما شهادة ربما هجرة جديدة ربما عذاب آخر وكنت أشفق عليه، فبدلا من أن أفرح بقدومه صرت مشفقا عليه وفي داخلي حزنا غير مكتمل". يتوقف وهو يستعرض صور الشريط الطويل التي يحتفظ بها ويقول “نحن من جيل لم يعرف الفرح التام، لأن الفرح التام يعني النصر التام، وتعايشنا مع الأزمات والأحزان لا نعرف كيف نحزن كما لا نعرف كيف نعرف أن لقاءنا بشعبنا وأهلنا فرح وعرس كبير" ولكن كنا نعرف جيدا أن المعركة لم تنته بعد"، ويتابع “فنحن من جيل علامة الاستفهام، ليس كثيرا كيف تنتهي أو كيف تملأ الأقواس، ولكن حاولنا ان نقدم ما استطعنا ونهيب بالأجيال أن تحاول أكثر وأن تتعلم من تجربتنا نجاحتنا وفشلها"، ويقول “فليس صحيحا مئة في المئة إننا كنا أبطال في معركة الكرامة وحصار بيروت وإبطال في كل المعارك التي خضناها، وليس صحيا أيضا أننا شيئا آخر في هذه الأيام، فعلى الأجيال أن تأخذ التجربة كاملة وتستفيد منها لتتقدم بالقضية والأهداف التي انطلقنا بها كأبناء لهذه لحركة فتح العملاقة التي شقت ونفضت الغبار السياسي عن الأمة العربية لتعلن من خلال شهدائها وأسراها وجرحاها أن أبناء فلسطين أبطال فلسطين الشعب الفلسطيني قادر على صنع المستحيل وفي كل وقت وأن إيماني بأبنائي بشعبي شعب الانتفاضات شعب العطاء الشعب الذي دخل أكثره إلى سجون الاحتلال مناضلا والتحق خيرة شبابه في صفوف حركة فتح مقاتلا لا يمكن أن يهزم أو يتراجع". الحلم والنضال والثورة زهير الناشط في رابطة مقاتلي الثورة بعدما خاض معاركها وعاصر كل مخاضاتها العسيرة وفرح بإعلان الاستقلال في الجزائر، ما هي مشاعره وهو يستقبل في الوطن ذكرى انطلاق الثورة التي تاتي بعد قبول فلسطين في الأممالمتحدة؟ سألته فأجاب “من خلال المسيرة تعلمنا أن لكل مرحلة ادوات ومفاصل وعمل ونضال يتبعه ما يستجد، حسب معطيات الجديد، فنحن أصبحنا نعرف ما نريد في كل مرحلة، والدولة التي أعلنت في الجزائر أصبحت اليوم واقعا على أرض فلسطين بعدما استطعنا أن نقيم هيكلية الدولة على أرضنا"، ويضيف “التواريخ ليست متباعدة مابين دولة الحلم في عام 1988 ودولة تتجسد الآن على أرض دولة فلسطين ولكل زمان ولكل مرحلة قواعد تتناسب مع قدرات إنجازها، فإنجاز الدولة حق للشعب الفلسطيني لابد أن نعمل على تجسيده على الجغرافية الفلسطينية بعد أن جسدناه في الأممالمتحدة “، ويكمل “ولشعبنا ان يختار وهو يعرف كيف يختار لم يعد وقتا لا للمزايدة ولا للاتجار السياسي، وأتذكر أن كل الانقلابات العسكرية التي وقعت على الأراضي العربية كان في بلاغتها الأولى شعارات غير قابلة للتحقيق ولكن نحن حاليا كفلسطينيين نحلم أحلاما ممكنة ونستطيع أن ندعم هذه الأحلام بالعمل الذي يحققها".