تسرّب الخوف إلى حماري التعيس وصار يغلق الأبواب والنوافذ بإحكام شديد خوفا من أي مباغتة ليلية أو سرقة قد تطاله، أردت أن أستفزه وقلت له.. من يراك تفعل هذا يظن أنك تملك كنوز علي بابا أيها الحمار اللعين؟ نهق نهيقا مربكا وقال.. الحالة راهي تخوّف. قلت.. لكن لا شيء عندنا يسرق أم أنك تخفي عني ممتلكاتك الثمينة؟ ضرب الأرض بحافريه وقال.. حمار مثلي لا يملك سوى القناعة والقليل من الكرامة التي بعثرتها الحياة هنا وهناك. قلت ساخرا.. أنت على الأقل ما زلت تحتفظ بقليل من الكرامة هناك من لا يملك منها شيئا. قال ناهقا.. أخذوا منا كل شيء وتريد أيضا أن نسمح في كرامتنا أيضا. قلت.. أنت من رفضت التخلاط في السياسة وإلا كنت الآن حمارا غنيا وتملك من العقارات والأموال ما يكفي. قال.. أنا يمكن أن أتكلم في السياسة ولكن أن أمارسها فهذا لا يمكن أبدا. قلت.. لماذا هل ممارسة السياسة حرام مثلا؟ نهق نهيقا خبيثا وقال.. إذا كانت بالشكل الذي نراه فهي محرّمة جملة وتفصيلا. إندهشت لما أسمع وقلت.. وصلت بك الجرأة لتحريم السياسة؟ قال... سياسة الرشاوى والكذب والنفاق والشقاق والخبث كيف يمكن أن تصنفها أنت؟ قلت.. لا أدري ولكن ليس لدرجة التحريم يا حماري؟ قال وهو يدخن سيجارة الريم الكريهة.. لست أنا من يقول ولكن القياس والاجتهاد يجعلاك قادرا على التمييز بين الصح والخطأ. قلت.. لكن دون مبالغة يا حماري؟ قال والنهيق يملأ المكان.. دعك من السياسة فهي من الخبائث وفكر معي كيف سنقضي نهاية العام المحاصر بالدم والوجع والفجع!